منتدى جامع الائمة الثقافي

إكمال الدين
-----------
كان الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم شديد الحرص على تبليغ الأحكام , فوقف بين تلك الجموع في مكة أكثر من مرة وفي عرفات ومنى وفي كل مناسبة كان يلوح بالمصير الذي لا ينجو منه أحد ويؤكد عليهم بالتزام الأحكام والعمل والسير على الخطوات التي رسمها لهم , وفي طريقه من مكة إلى المدينة ومعه تلك الحشود التي لم تشهدها مكة من قبل وقبل أن يفرق الناس كل إلى جهته نزل في مكان قريب من الجحفة على غير ماء وكلأ فأستغرب المسلمون نزوله في ذلك المكان الذي لم يكن منزلا لأحد من قبله :
(( يا ايها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) .
فلم يجد بدا من تنفيذ ما أمره الله به لا سبما وقد ضمن له أن يكفيه شر الحاقدين والحاسدين من الناس .
وجاء في البداية والنهاية لأبن كثير عن زيد بن أرقم أن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) لما رجع من حجة الوداع ونزل في غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم وقف بين تلك الجموع , وقال :
أيها الناس كأني قد دعيت فأجبت :
( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) .
ثم قال : ( إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ) .
وأخذ بيد علي عليه السلام وقال :
( من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعاد من عاداه ) .
وأضاف إلى ذلك أن الراوي قال لزيد بن أرقم : أنت سمعته من رسول الله فقال ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينه وسمعه بأذنه .
وقد رواه ابن كثير أيضاً عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب , وجاء في رواية البراء أن عمر بن الخطاب لقي علياً بعد أن فرغ رسول الله من خطابه وقال له : هنيئاً لك لقد أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنه كما رواه ابن كثير عن جماعة آخرين من الصحابة .
وقال المفيد في ارشاده : ( أن النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم ) أفرد لعلي خيمة وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجا فوجا ويسلموا بإمرة المؤمنين ففعل ذلك كلهم حتى من كان معه أزواجه ونساء المسلمين .
وعن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال : أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه : (( إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)
فلم يدروا ما هي الآية فأمر الله محمداً أن يفسرها لهم كما فسر لهم الصلاة والزكاة والصيام والحج
فلما أتاه ذلك من الله ضاق به ذرعاً وتخوف أن يرتدوا عن دينهم ويكذبوه فضاق صدره وراجع ربه , فأوحى إليه (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل أليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ))
فصدع بأمر الله وقام بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم فأنزل الله عليه :
(( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ))
نسأل الله تعالى أن يتم علينا بهذه النعمة المباركة للثبات على ولاية أمير المؤمنين وإمام المتقين
علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد واله الطيبين الطاهرين .