![]() |
النص الكامل لمحاضرة سماحة حجة الإسلام والمسلمين القائد السيد مقتدى الصدر أعزه الله حول الحديث القدسي (الصوم لي) بتاريخ 16 / 4 / 2021
|
رد: النص الكامل لمحاضرة سماحة حجة الإسلام والمسلمين القائد السيد مقتدى الصدر أعزه الله حول الحديث القدسي (الصوم لي) بتاريخ 16 / 4 / 2021
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله ربِّ العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله أجمعين بسم الله الرحمن الرحيم بمناسبة حلول شهر رمضان شهر الله, عندي بعض الأمور المُهمة بهذا الصدد, ومنها: قد وَرَدَ في الحديث القُدسي: (أن الصوم لي وأنا اُجزي به - أو - اُجزى به), الصوم لي وأنا أجزي به وقرآءةٌ ثانية (اُجزى به), وفي هذا الحديث القدسي فقرتين مهمتين اُسلّط الضوء عليهما بصورة مُنفصلة, فالفقرة الأولى هي (الصومُ لي), وفي ذلك معاني يجب أن نسلّط الضوء عليها, والفقرة الثانية وهي (أنا اُجزي به) أو (اُجزى به) وهذه فقرةٌ ثانية سنسلط الضوء عليها لاحقاً إذا شاء الله سبحانه وتعالى. أما الفقرة الأولى وهي: الصومُ لي, أي أن الصوم لله سبحانه وتعالى فقط لا لغيره, فكيف يكون ذلك؟ أليست كل العبادات لله سبحانه وتعالى!؟ الصوم فقط ! قد يكون هذا خاطئاً بعض الشيء, فالصلاة أيضاً لله سبحانه وتعالى, والحج لله سبحانه وتعالى, الخُمس والزكاة لله سبحانه وتعالى, وكل العبادات الأخرى لله سبحانه وتعالى, الواجبة منها والمستحب منها على حدٍ سواء, فلماذا خصّ الله سبحانه وتعالى الصوم ووصفه بأنه (لي)؟ في فقه الأخلاق، كتاب فقه الأخلاق للسيد الوالد (قُدّست نفسه الزكية) حدّد أموراً بهذا الخصوص, فيكون الصوم لله سبحانه وتعالى أوضح وخالِصاً لله سبحانه وتعالى بشكل جلي أكثر من غيرها من العبادات, من هذه الأسباب التي دعت أن يصف الله سبحانه وتعالى الصوم لهُ: أولاً: لإنعدام مظهره الخارجي, وخصوصاً, وأن الفقهاء يُعبّرون عنه, أو يُعرّفونه بأنه هو (الكف عن أي شيء من المُفطرات أو من الملذات وما شاكل ذلك), وبعضهم الآخر يقول (أنه تركٌ للمفطرات) فهو بمثابة عدم الوجود لفعل مُعين, فهو إذن مظهره الخارجي مُنعدم ويخرج بذلك عبادات الأخرى التي لها مظهرٌ من المظاهر, فإنّ الصلاة مثلاً لها سجود وركوع مادي إن جاز التعبير, وإن كان جوهره معنوي, الحج مثلاً أيضاً يخرج بذلك فلهُ مناسك محددة وأفعال محددة, طواف وسعي وما شاكل ذلك. الثاني: أنه لا يحتوي على أيّ حركةٍ أو تصرف كما هو حال العبادات الأخرى مثل الصلاة, والتي لها ركوعٌ وسجود وقيام وقنوت وما شابه ذلك. كما أن الصوم وهو أمرٌ ثالث وسبب ثالث من الأسباب التي دعت لأن يكون الصوم لله سبحانه وتعالى فقط, ما هو؟ لا يحتوي الصوم على طرف آخر, ويخرج بذلك (شنو)؟ الزكاة والخُمس وما شاكل ذلك, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لهُ طرفٌ آمر وطرفٌ مأمور, المذنب هو الطرف الآخر, إن رأيت شخصاً قد أذنب فتقول له: لا تفعل ذلك, أو افعل كذا بدل أن تفعل كذا, كما أيضاً في الزكاة والخُمس فإنك تدفع الى طرف آخر زكاتك وخُمسك وما شاكل ذلك. فهذه الأسباب الثلاثة صيّرت من الصوم عبادةً خفية يمكن إخفاؤها عن الآخرين, طبعاً قد يُقال وقد يُستشكل؛ أنه خو أنا أكدر هم أو الصائم أو أي شخص صائم (يكَدر يكَول) إني أنا صائم ويتباهى بذلك ويُرائي بذلك, حالها حال جميع العبادات الأخرى, أنا صليت, أنا صمت، وهكذا من الأمور, لا, أنّ إخفاء الصوم, إن إخفاء عبادة الصوم أسهل وأيسر من إخفاء باقي العبادات, لأنها لا تحتوي على أفعال, ولأن مظهرها الخارجي منعدم, ولأنها لا تحتوي على طرف آخر قد تُعلن عبادتك من خلاله. فإذن, الصوم خفاؤه أيسر وأسهل عن الآخرين من هذه الجهة, فيكون بتوفر هذه الصفات، مع توفر هذه الصفات، يكون الصوم لله سبحانه وتعالى فقط, ولذلك عبّر عنه في الحديث القدسي (الصومُ لي)، ولماذا لم يقل (الصلاة لي)؟ لم يقل (الحج لي)؟ لم يقل (الخُمس لي) أو الزكاة لي؟ لأنها تلك العبادات قد تكون مشوبة بالرياء وبالإظهار للآخرين, فتصلي مثلاً أمام الناس لكي تُعلِمهم أنك تصلي, أو تدفع الزكاة فتُعلِمهم بأنك (شنو)؟ مُزكّي, وهكذا من الأمور. أما الصوم أيسر بالخفاء, أن يكون بالخفاء، فيكون عبادة خالصة لله سبحانه وتعالى أكثر من باقي العبادات التي قد يشوبها بعض الرياء وما شاكل ذلك, وليس فيه طرفٌ آخر كما قلنا لكي يكون أيضاً - الصوم- مُعلناً. فمن هذه الناحية, يكون الصوم عبادةٌ خالصة لله سبحانه وتعالى من دون أن يشوبها شوب, ولذلك إختصها الله سبحانه وتعالى في هذا الحديث وقال عنها: (الصومُ لي), فإنها أو أن الصوم عبادةٌ خالصة كما قلنا لله سبحانه وتعالى دون غيره من عباده ومن خلقه وما شاكل ذلك, وهي صفة خاصة بالصوم دون باقي العبادات كما أوضحنا لكم ذلك. وشكراً لكم |
رد: النص الكامل لمحاضرة سماحة حجة الإسلام والمسلمين القائد السيد مقتدى الصدر أعزه الله حول الحديث القدسي (الصوم لي) بتاريخ 16 / 4 / 2021
احسنتم النشر
|
All times are GMT +3. The time now is 04:04 PM. |
Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2025