الموضوع: اين العدل
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-01-2014, 03:57 PM   #1

 
الصورة الرمزية نور المهدي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1824
تـاريخ التسجيـل : Dec 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 2,312

مقال اين العدل

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
قادتني قدماي إلى الشارع الكبير في إحدى مدن وطني العزيز فقلت في نفسي: سأتوجه إلى المحكمة لأبحث فيها عن أعزّ صديق لدي ،ولديكم جميعا ،لقد أحببته ،وأنا يافع صغير..وما زلت حتى الآن أحبّه ،ولن أتخلى عن حبّه طرفة عين..وقبل ولوجي المحكمة لفت نظري ميزان صنع من الإسمنت وقد كتب فوقه محكمة العدل..وهنا طفرت إلى ذهني الآية الكريمة"اعدلوا هو أقرب للتقوى." ..فدخلت باليسرى إلا أن قدمي أبت السير ،وتثاقلت عنه..كأنها ربطتا بحبل، وقلبي قد تجمّد في مكانه- رغم شدّة الحرارة – كاد يتوقف عن النشاط ،والحركة فقلت ما هذا الشعور الغريب الذي حلّ بي؟ فعزمت المضي قدما للبحث عن صديقي لعلي أجده قابعا في مكان ما فأستأنس به ،وبحديثه الشيّق..وبعد برهة لفت انتباهي رجال يلبسون ملابس سوداء، وكأنهم في مأتم يحمل البعض منهم ملفات الجنايات؛ والبعض الآخر كانوا يتمتمون لا أدري ماذا كانوا يقولون؟..فدخلت قاعة واسعة خلت من المكيفات الهوائيّة، وكانت مقاعدها شبة قديمة وقد سطا الغبار على معظم أماكنها سطو الضر غم..وقد تجمهر الناس رجال ،ونساء ليشهدوا مفاسد لهم.. هذه اللقاءات قلّما تجد فيها بصيصا من الأمل..وقد جلس القاضي ظاهره ،وباطنه سواء،ووقف المتهم تحت قدميه صاغرا ذليلا ينتظر ما تسفر به الجلسة..والمحامية التي لا تفتأ عن الحركة ،والنشاط ؛وكأنها تمثل على خشبة المسرح ،وهذا لتجلب الحاضرين،وأنّها جديرة بالدفاع عن حقوق الإنسان!! أنى لها ذلك ،وعصا الرشوة فوق رأسها تنذرها بالخطر؟..والقاضي لا يحسن إلا ضربة المطرقة ليشد الانتباه،وهزة الرأس كأنها ضربة الفأس..والمتهم قد شخّص ببصره يمنة ،ويسرة كالغريق يرسب مرة ،ويطفو مرّة أخرى يطلب النجدة ،ولا نجدة ..وكأنّه يقول في نفسه :"ياليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه"..أما الخصم فلا تفتأ الابتسامة تراقص شفتيه من حين لآخر..و يأخذه الحنين إلى الانتصار لأنه دفع من الأموال ما يدغدغ به قلب القاضي..بعد أخد ،وردّ ، ومدّ وجزر؛وقلوب الحاضرين على جمر محمّى..وقبل أن ترفع الجلسة،والناس ينظرون إلى البركان ما يلقي به من حمم فتصيب القاعة لا تبقي ،لا تذر..وما هي إلا دقائق معدودة حتّى نبس القاضي ببضع كلمات-اهتزت لها القاعة ،واصفرت لها وجوه:حكمت المحكمة على المتهم بسنتين سجنا نافذة ،وغرامة مالية قدرها خمسمائة ألف دينار ،وكانت هذه الأخيرة ضربة لازب على المتهم ،وعائلته فبكوا بكاء مستعطفين القاضي سائلين إيّاه التخفيف لكن صاحبنا كان قلبه كالحجارة أو أشدّ قسوة فلم ينفع البكاء ،ولا النحيب.. وهنا سالت أحد الحاضرين عن صديقي فقال : من يكون ؟فقلت :العدل فنظر إلي متعجبا! لقد ذهب العدل مع علي بن ابي طالب!لم يجد مكانا يأوي إليه فصحت من أعماق نفسي أين العدل؟فالتفت إلي الجميع قائلين إنّك تحلم فخفت أن يتفطن الظلم لما قلت فيجعلني من المسجونين فخرجت من القاعة مهرولا.. لا ألوي على أحد..قال رسول الله –صلى الله عليه،وسلّم -:"اتقوا الظلم فإنّ الظلم ظلمات يوم القيامة..."

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
نور المهدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس