عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2014, 04:01 PM   #1

 
الصورة الرمزية نور المهدي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1824
تـاريخ التسجيـل : Dec 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 2,312

رؤية الايمان بالغيب من عقد القلوب

الايمان بالغيب من عقد القلوب
عن محمّد بن أبي عبد الله رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب على المنبر، إذ قام إليه رجل يُقال له ذِعلِب، ذو لسان بليغ في الخطب، شجاع القلب، فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك؟ قال (عليه السلام) : ويلك يا ذِعلب ما كنت أعبد ربّاً لم أره، فقال يا أمير المؤمنين كيف رأيته؟ قال: ويلك يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان، ويلك يا ذعلب إنّ ربّي لطيف اللطافة لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، قبل كلّ شيء لا يُقال شيء قبله، وبعد كلّ شيء لا يقال له بعد، شاء الأشياء لا بهمّة، درّاك لا بخديعة، في الأشياء كلّها غير متمازج لها ولا بائن منها، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجلّ لا باستهلال رؤية، ناء لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف لا بتجسّم، موجود لا بعد عَدَم، فاعل لا باضطرار، مقدّر لا بحركة، مريدٌ لا بهمامة (بهمّة)، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تحويه الأماكن، ولا تضمّنه الأوقات، ولا تحدّه الصفات، ولا تأخذه السنات، سبق الأوقات كونه والعدم وجوده والإبتداء أزله، بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له، وبتجهيزه الجواهر عرف أن لا جوهر له، وبمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضدّ له، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له، ضاد النور بالظلمة واليبس بالبلل، والخشن باللّين والصرد بالحرور، مؤلف بين متعادياتها ومفرّق بين متدانياتها، دالّة بتفريقها على مفرّقها، وبتأليفها على مؤلّفها، وذلك قوله تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(2) ففرّق بين قبل وبعد ليُعلم أن لا قبل له ولا بعد له، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرّزها، مخبرة

بتوقيتها أن لا وقت لموقّتها، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه، كان ربّاً إذ لا مربوب، وإلهاً إذ لا مألوه، وعالماً إذ لا معلوم، وسميعاً إذ لا مسموع(1).
ثمّ أنشأ (عليه السلام) يقول:

ولم يزل سيدي بالحمد معروفا ولم يزل سيدي بالجود موصوفا
وكان إذ ليس نور يُستضاء به ولا ظلام على الآفاق معكوفا
فربّنا بخلاف الخلق كلّهم وكلّما كان في الأوهام موصوفا
ومن يرده على التشبيه ممتثلا يرجع أخا حَصر بالعجز مكتوفا
وفي المعارج يلقي موج قدرته موجاً يعارض طرف الروح مكفوفا
فاترك أخا جدل في العين منعمقاً قد باشر الشك فيه الرأي مأوؤفا
واصحب أخا ثقة حباً لسيده وبالكرامات من مولاه محفوفا
أمسى دليل الهدى في الأرض منتشراً وفي السماء جميل الحال معروفا(2)
____________
1- البحار 4: 53; المحاسن 1: 373 ح817.
2 ـ الذاريات: 49.

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
نور المهدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس