تفسير قوله تعالى ( ياايها المدثر )
تفسير سورة المدثر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وخاتم النبيين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الأخيار الأبرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، وأكرمنا بنور الفهم، وأفتح علينا أبواب رحمتك، وأنشر علينا خزائن علومك.
قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد:
﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ/قُمْ فَأَنذِرْ/وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ/وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ/وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ/وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ/وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾ صدق الله مولانا العليِّ العظيم
أن سورة المدثر من السور المكيَّة، بل إنَّها من أوائل السور التي نزلت على قلب رسول (ص) ولم نرتضِ دعوى أنَّها أول سورةٍ أو أول ما نزل على قلب رسول الله (ص) ولكن ما يُمكن التثبُّت منه أنَّها نزلت في أوائل المبعث النبوي الشريف.
معنى المدثِّر:
المراد من المدثِّر هو المشتمل بشملةٍ أو غطاءٍ، والملتحف به لغرض أن يستدفئ به أو لغرض أن ينام، وأصلُ المدثِّر هو المتدثِّر ولكن اُدغمت التاء في الدال فأصبحت المدثِّر.
سبب تدثر النبي ( صلى الله عليه وآله ) :
ذكر صاحب تفسير الامثل عدة اسباب حيث قال :
وأورد المفسّرون احتمالات كثيرة عن سبب تدثره (ص) ودعوته إلى القيام والنهوض.
1 - اجتمع المشركون من قريش في موسم الحج وتشاور الرؤوساء منهم كأبي جهل وأبي سفيان والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وغيرهم في ما يجيبون به عن أسئلة القادمين من خارج مكّة وهم يناقشون أمر النّبي الذي قد ظهر بمكّة، وفكروا في وأن يسمّي كلّ واحد منهم النّبي (ص) باسم، ليصدوا الناس عنه، لكنّهم رأوا في ذلك فساد الأمر لتشتت أقوالهم، فاتفقوا في أن يسمّوه ساحراً، لأنّ أحد آثار السحرة الظاهرة هي التفريق بين الحبيب وحبيبه، وكانت دعوة النبيّ (ص) قد أثّرت هذا الأثر بين الناس! فبلغ ذلك النّبي (ص) فتأثر واغتم لذلك، فأمر بالدثار وتدثر، فأتاه جبرئيل بهذه الآيات ودعاه إلى النهوض ومقابلة الأعداء.
2 - إنّ هذه الآيات هي الآيات الأُولى التي نزلت على النّبي (ص) لما نقله جابر بن عبد اللّه قال: جاورت بحراء فلمّا قضيت جواري نوديت يا محمّد، أنت رسول اللّه، فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً، ونظرت خلفي فلم أر شيئاً، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فملئت منه رعباً، فرجعت إلى خديجة وقلت: "دثروني دثروني، وأسكبوا عليّ الماء البارد"، فنزل جبرئيل بسورة: (يا أيّها المدّثر).
ولكن بلحاظ أن آيات هذه السورة تطرقت للدعوة العلنية، فمن المؤكّد أنّها نزلت بعد ثلاث سنوات من الدعوة الخفية، وهذا لا ينسجم والروية المذكورة، إلاّ أن يقال بأنّ بعض الآيات التي في صدر السورة قد نزلت في بدء الدعوة، والآيات الاُخرى مرتبطة بالسنوات التي تلت الدعوة.
3 - إنّ النّبي كان نائماً وهو متدثر بثيابه فنزل عليه جبرائيل (ع) موقظاً إيّاه، ثمّ قرأ عليه الآيات أن قم واترك النوم واستعد لإبلاغ الرسالة.
4 - ليس المراد بالتدثر التدثر بالثياب الظاهرية، بل تلبسه (ص) بالنبوّة والرسالة كما قيل في لباس التقوى.
5 - المراد به اعتزاله (ص) وانزواؤه واتّخاذه الوحدة، ولهذا تقول الآية اخرج من العزلة والإنزواء، واستعد لإنذار الخلق وهداية العباد والمعنى الأوّل هو الأنسب ظاهراً.
التعديل الأخير تم بواسطة الراجي رحمة الباري ; 25-03-2014 الساعة 01:24 AM
|