عرض مشاركة واحدة
قديم 17-04-2011, 08:20 PM   #2

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 143
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 64

افتراضي

وعندما رضخوا للامر اخذ القائد الكبير طالوت على عاتقه مهمة تكوين جيش يستطيع من خلاله مقارعة ظلم واستبداد جالوت وجنده اولي القوة والباس,فاخذ يعبا الرجال والمقاتلين ,فاستجاب له نفر منهم .
بدا طالوت بتلقين افراد جيشه فنون القتال وزرع فيهم التوكل على الله جاعلا نصب اعينهم الخوض في الجهاد الاكبر من عبادة وتزكية للنفس من المعاصي والذنوب وزيادة جرعات الصبر والتحمل لديهم (بتمارين بدنية ومعنوية) وان يتوكلوا في جميع امورهم على العزيز القدير ,ولكن جماعة معتد بها من جيشه لم يكونوا بالمستوى المطلوب منهم متهاونين في اداء ما كلّفهم به قائدهم طالوت (قد يكون ذلك لاحساسهم بثقل الاوامر على نفوسهم الضعيفة),على ان التهاون في اداء الاوامر و(الشك)في القيادة الالهية لم يكن هو السائد في جيش طالوت بل ان الله احتباه بثلة مؤمنة مخلصة وطائعة يتنافسون لتطبيق تلكم التكاليف والتعاليم والتمارين الالهية ,وعلى هذا المنوال مر القائد وجيشه باختبارات وبلاءات كثيرة ومتنوعة الغاية منها الاعداد السليم لنجاح المعركة والغاية المهمة الاخرى حتى يمي الخبيث من الطيب ,وبعد فترة ليست بالقصيرة وبعد تكامل الثلة المخلصة (القليلة العدد العظيمة العدة) سار طالوت بجيشه الى قتال عدو الله (جالوت) وفي اثناء مسيرهم اراد ان يختبر جنوده وهم على حالة من العطش الشديد من كثرة التعب والمسير الطويل في قيض الصيف اللاهب,فعند وصولهم الى احد الانهر قال لهم القائد(طالوت):

{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة249

هنا انقسم الجيش الى ثلاثة اقسام,قسم قالوا لاطاقة لنا على العطش فشربوا من النهر حتى ارتووا وهؤلاء الذين كانوا لا يصومون اطلاقا او كانوا لايؤدنوه بالصورة المطلوبة,فهم بذلك كانوا غير متدربين على الصعوبات والبلاءات الشديدة ففشلوا وشربوا من النهر,والقسم الثاني قالوا قالوا فلناخذ غرفة واحدة من الماء وكانوا بين بين بالنسبة الى التكاليف التي اومروا بتطبيقها فكان عاقبة ذلك عدم استطاعتهم تحّمل مشاق وتبعات الجهد والبلاء والعطش ,واما القسم الثالث والاخير من الجيش وهم الناجحون في الاختبارات والمتفانون في طاعة اوامرقائدهم (طالوت) فلم يشربوا من ماء النهر وثبتوا وصبروا على العطش بفضل تطبيقهم جميع التكاليف والاوامر المناطة بهم وخرجوا مكللين بالنجاح في مرحلة الاختبارات الالهية
بحيث ان الجيش عند وصوله الى حصن(جالوت)لم تستطع الفئتان الاولى والثانية من الجيش القتال (أي الفئة التي شربت والفئة التي اغترفت)وقالوا كما في صريح القران لا طاقة لنا بجالوت وجنوده ولو انهم قد نصروا الله واطاعوا قائدهم فيما امرهم لما ضعفوا وما استكانوا
{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً }النساء66
اما الفئة الثالثة وهي الفئة المطيعة المخلصة ورغم قلة عددهم الا انهم وصلوا الى المقدار المرضي من التكامل والطاعة والذوبان في قائدها فقالوا:
(ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين)
هنا جاءهم النصر الالهي المبين لان الله علم فيهم صدق النية والعزم الاكيد على مجاهدة العدو ,فلهذا ولثبات تلك الثلة القليلة على طاعة ربها وقائدها الملهم انتصر(طالوت)والمخلصين الذين ثبتوا معه على (جالوت)وجيشه وهزموهم شر هزيمة بتاييد وعون من مسبب الاسباب جل جلاله:

{فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }البقرة251
فالله هو نعم الناصر ونعم المعين لمن توكل واستعان به وحده وهيا لذلك مقدمات الانتصار
(ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
الان,لنتدبر قليلا وننظر لو ان (طالوت)شرع بمقاتلة (جالوت) لحظة الشروع الاولي لتاسيس جيشه لفشل فشلا ذريعا في تقيق الهدف المنشود ,لان الكثير(كما اوضحنا سالفا)من جيشه غير مسعد وغير لائق لخوض المعركة ,ولتساقطوا تباعا(وانحرفوا عن جادة الحق)قبل ان تبدا الحرب المادية اوزارها.فبدا يكاملهم من الصفر الى ان بلغوا الدرجات العليا المطلوبة من الطاعة والانقياد واليقين الراسخ بقيادتهم الالهية.
ولعلك عزيزي القارىء تلمست غايتنا من هذا الاستعراض الطويل والتفصيلي لقصة (طالوت)وجيشه,هو بيان ما سوف يقوم به امامنا المهدي(عجّل الله فرجه الشريف)من استخدام لاوامر ونواهي (مناسبة)مع جيشه ويدربهم ويهيئهم حتى يكونوا مستعدين لعونه ونصرته ويكونوا بالمستوى اللائق لتنفيذ أي امر يامرهم به ,والا,فانهم سوف يفشلون فشلا ذريعا ان لم يكونوا على اهبة العدة والاستعداد والتدريب على انواع البلاءات والاختبارات.
وعلى ما قدّمنا يرجح هنا الاحتمال الثاني في كيفية تاسيس جيش الامام المهدي(عليه السلام),القائل بتكونه قبل ظهور الامام المهدي(عليه السلام)بسنوات,وهذه الاطروة(لو صح التعبير)هي الاقرب الى الواقع بعد ان تعرفنا الى سلبيات تكوين الجيش العقائدي لحظة ظهور الامام المهدي(عليه السلام)وهو مضمون الاحتمال الاول,هنا يتبادر الى الذهن سؤال مؤداه:
من هو الشخص الذي يقوم بمهمة تكوين الجيش واعداده حيث قلنا ان الامام المهدي(روحي فداه)سوف لن يهيء جيشه حين ظهوره فعلى عاتق من تقع تلك المهمة العظمى؟؟
وجواب ذلك :ان اصحاب الامام المهدي(عليه السلام)موجودون في كل زمان وان كانوا قليلين (الابدال الثلاثين وامثالهم)فلا يمنع من ان ينبري احدهم للقيام بتلك المهمة الجسيمة والتي لايوازيها في الاهمية والغاية مهمة اخرى في التاريخ البشري على طول مراحله ,لانه سوف يقع على عاتقهم تكامل افراد جيشه والذي سوف لن يكون سهلا على الاطلاق لانه سيجد امامه الكثير من العقبات والصعاب ومنزلقات قلما يستطيع الفرد التخلص منها والنجاح في هذه المهمة العسيرة(والمستحيلة نوعا ما),فعندها سيكون هناك رجال خلقوا وادخروا لاجل نصرة الامام المهدي(عليه السلام)ولديهم من القابلية والسمو والرفعة والايمان والقابلية ما يمّكنهم من الانتهال والقبس من فيض امامهم ويكونوا صورة مشرقة له ,حتى ان بعض الناس ليتصوروا ان هذا الشخص هو الامام المهدي(عليه السلام)بنفسه,لحيازتهم على العديد من الكمالات الروحية والعقلية ,بل ان العديد منهم يصل الى مرتبة العصمة الثانوية,كل ذلك تاتى لهم من اخلاصهم وطاعتهم واندفاعهم نحو هدفهم المنشود والذي امرهم به الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)بتكوين القاعدة الرئيسية لجيشه المبارك .
على راس هؤلاء الافذاذ الذين وقع عليهم عبىء الشروع بوضع اللبنات الاولى لجيش الامام المهدي(عليه السلام):
1-السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس):
ذلك العملاق الذي لن يصل اليه احد من المجتهدين والعلماء لانه وصل الى مرتبة عالية قلما يستطيع أي انسان(عدا المعصومين بالعصمة الاولية) ان يصل اليها من الكمال النفسي والعلم والاخلاص والاجتهاد في طاعة الله عز وجل ,الى الدرجة ان يخاطب فيها نفسه الطاهرة عندما تصدى لهذا الامر فقال لنفسه مخاطبا:
اتتحملين السب والشتم والغيبة على ان تحافظين على دين الله ام تتركين هذا الامر
فابت نفسه الا ان تحافظ على الدين القويم وشريعة سيد المرسلين ,وان تقوم بتلك المهمة خير قيام ,لارساء قواعدها الحقة حتى لو شتمت وسبت الف مرة.فبدا رضوان الله عليه يكامل الامة من المرحلة التي اوصلها اليها من كان قبله من العلماء الناطقين والقادة الربانيين,مبتدءا بترسيخ الطاعة والانقياد والتقليد الشرعي في نفوس عوام الناس,ومد حبال التواصل بينهم وبين الحوزة الشريفة ,بعد ان كانت تلك الحلقة من التواصل ضعيفة او غير منتجة,فخاطب العوائل في بيوتها وجعل المجتمع العراقي بصورة خاصة والمجتمع المسلم عموما يلتفتون الى دينهم وتكاليف ربهم والاقتداء بالرسول الخاتم(صلى الله عليه واله)والائمة المعصومين(عليهم السلام),بعد ضياع الاثر العملي المطلوب للصلاة والصيام والحج والزكاة والخمس وكثير من الواجبات الاسلامية الاخرى والانغماس في المحرمات الشرعية والنواهي الالهية ,فضلا عن الاعراض عن المستحبات واتيان المكروهات .فجعل السيد الشهيد (قد)الفرد باحثا عن امور دينه لاصلاح دنياه واخرته فكانت تلك الخطوة الاولى ,ثم انتقل رضوان الله عليه الى الخطوة الثانية في تحركه الواعي والمدروس للمجتمع من خلال اعادة احياء فريضة صلاة الجمعة المباركة التي عانت قرون من الاهمال والتضييع والتجاذبات الفقهية ,وجعلها منبرا اسبوعيا للوعظ والارشاد والتثقيف الفقهي والعقائدي ودفع للشبهات والاباطيل وحث المؤمنين على زيارة العتبات المقدسة في المناسبات الاسلامية وخاصة الذهاب سيرا على الاقدام رغم المخاطر الى كربلاء الحسين(عليه السلام),وكذلك التاكيد على القران الكريم والاكثار من الادعية والمناجاة كدعائيي كميل والصباح ,وترغيبهم على الاتيان بنافلة صلاة الليل والكثير من المستحبات العبادية الاخرى,هذا على الجانب العبادي والتكامل الاخروي ,ومن جهة اخرى فائقة الاهمية عمل السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره الشريف)على ضخ الشجاعة والتحدي والاقدام في جسد المجتمع العراقي وانتزاع الخوف من قلوب المؤمنين والبذل للغالي والنفيس في سبيل دينهم وصونا لعقيدتهم ومذهبهم.

 

 

 

 

 

 

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة ابو صقيل ; 23-05-2011 الساعة 06:30 PM
ابو صقيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس