كربلاء.. الفتنة.. الإستقامة
كربلاء.. الفتنة.. الإستقامة
لا يمكن لأي من بني البشر أ، يتجاوز الفتن التي تعصف به
من كل حدب وصوب،ولكن هناك من يستطيع الخروج من حلقة
البلاء باستقامة وثبات وانتصار..
الفتنة هي من سنن الله عز وجل التي أودعها حياتنا الدنيا..
فهو تعالى يقول:"أحسب الناس أن يتركو أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون"
وحقيقة الإيمان بالشيء تقتضي إثباته في الواقع الخارجي :"ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"..
والإبتلاء والفتن قد يكون على أشكال متعددة فقد يكون جسدياً
أو نفسياً أو فكرياً،والجميع واقع ضمن هذه الدائرة المحكمة،حتى
الإمام المعصوم لا يخرج عن دائرة الإفتتان الإلهي رغم قربه
ومنزلته عند المولى تعالى ..
إن موقف الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه البررة
يجسد قدسية الإعتقاد والإيمان بالله ، وعظمة استرخاص الغالي
والنفيس واستقبال البلاء والفتن برحابة صدر في سبيل الله ..
وقد روي عن الإمام السجاد عليه السلام هذه الرواية:"إنه لما أصابنا
بالطف ما أصابنا وقتل أبي وقتل من كان معه من ولده وإخوته
وسائر أهله، وحملت حرمه ونساؤه على الأقتاب يراد بها
الكوفة، فجعلت أنظر إليهم صرعى ولم يواروا فعظم في ذلك
صدري واشتد لما أرى منهم قلقي، فكادت نفسي تخرج،وتبينت
ذلك مني عمتي زينب بنت علي فقالت:"مالي أراك تجود بنفسك
يابقية جدي وأبي وإخوتي "فقلت وكيف لا أجزع وأهلع وقد
أرى سيدي وإخوتي وعمومتي وولد عمي وأهلي مصرعين
بدمائهم،مرملين بالعراء، مسلبين لا يكفنون ولا يوارون ولا يعرج
عليهم أحد، ولا يقربهم بشر، كأنهم أهل بيت من الديلم أو الخزر
فقالت:"لا يجزعك ماترى، فوالله إن ذلك لعهد من رسول الله
إلى جدك وأبيك وهمك، ولقد أخذ ميثاق أناس
من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في
أهل السماوات إنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة، فيوارونها
وهذه الجسوم المضرجة وينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد
الشهداء لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي
والأيام، وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه،
وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً وأمره إلا علواً"
إن هذا المشهد البطولي لأهل بيت النبوة عليهم السلام في
صحراء كربلاء يحكي لنا قوة وصدق الإيمان، وعظمة الأداء
والبذل ويبين مسيرة هؤلاء الأفذاذ الحسنة، وفي المقابل عاقبة
أعدائهم طلاب الهوى والدنيا السيئة..
ليس المطلوب من المؤمن الهرب من الفتن والبلايا التي تحدق
به،لأن هذا وهم وخيال، ولا يستطيع أي كان أن يعيش بمعزل عن
هذه الفتن..ولكن على المؤمن أن يبحث عن الإستقامة حينما
يتعرض لأي شكل من أشكال الفتن،عليه أن يجد الطريق
الصحيح الذي ينأى بع عن الإنحراف والسقوط، وطريق الله
واضح نير، ليس للمرء إلا أن يتدبر أمره حتى يكتشفه..
|