وأوحى الله إلى موسى عليه السلام : « أنّ من مات تائباً من الغيبة فهو آخر من يدخل الجنّة ، ومن مات مصرّاً عليها فهو أوّل من يدخل النار ». (1)
وقال الصادق عليه السلام : « من اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة بينهما فهو شرك شيطان » (2) و « إنّ الغيبة تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ». (3)
إلى غير ذلك.
فما أقبح حال من أغفله الشيطان عن عيوب نفسه وأشغله بعيوب الناس ، وما أحسن حال من أشغله عيوب نفسه عنها ، كما قال النبي صلى الله عليه وآله (4) ، فاللازم على العاقل المؤمن بالله وما جاءت به رسله إذا ابتلي بهذه الخصلة الذميمة السعي في قلعها وقمعها بالتذكّر لمفاسدها الأخرويّة ، والمواظبة على ملاحظة التشديدات الواردة فيها والدنيوية من صيرورتها سبباً للعداوة أو ازديادها غالباً ، فربما انجرّ إلى ما لايمكن تداركه من الفواحش كالقتل والضرب ونحوهما.
وبالجملة : فليتفكّر بعد ذلك في أنّ العيب إن كان خلقيّاً فذمّه عليه في الحقيقة ذمّ لصنع الخالق ، وليس اختيارياً له حتّى يثبت له وإن كان اختيارياً فإنّ عيوب نفسه ليست بأقلّ وأهون منه ، ولو زعم أن لاعيب له كان ذلك من أعظم العيوب ، مضافاً إلى ما ارتكبه من الغيبة ، وأنّ تألّم الغير من غيبته كتألّمه من غيبة الغير له فإن رضي بذا فليرض بذا فليرض بذلك ، فيدعوه التذكّر والتفكّر المذكوران إلى العزم على الترك ، إن شاء الله تعالى.
والعمدة في تسهيله على النفس الاطلاع على أسبابها حتّى يمكن له الاحتراز عنها بالاحتراز عنها كما أشير إليه مراراً ، وهي لا تخلو من أحد أشياء.
--------------------------------------------------------------------------------
1 ـ المحجة البيضاء : 5/252.
2 ـ البحار : 73/356 ، مساوى الأخلاق ، الباب 137 ، ح66 ، وكان ذيل الحديث في النسخ هكذا : « من غير تنزه منهما فهو شريك الشيطان » وصحّحناه.
3 ـ المحجة البيضاء : 5/255.
4 ـ المحجة البيضاء : 5/264.
من كتاب كشف الغطاء ::: 381 ـ 390