رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
الجمعة الثالثة و العشرين 26 جمادي الاولى 1419
الخطبة الاولى اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ عَدَدَ رِضاهُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ عَدَدَ خَلْقِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ عَدَدَ كَلِماتِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ زِنَةَ عَرْشِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ مِلْأَ سَماواتِهِ وَ اَرْضِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْحَميدُ الْمَجيدُ الْغَفُورُ الرَّحيمُ، الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ القابِضُ الْباسِطُ الْعَلِيُّ الْوَفِي ُّ، الْواحِدُ الْاَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الْقاهِرُ لِعِبادِهِ الرَّؤُوفُ الرَّحيمُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْاَوَّلُ الْاخِرُ، الظَّاهِرُ الْباطِنُ، الْمُغيثُ الْقَريبُ الْمُجيبُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْغَفُورُ الشَّكُورُ اللَّطيفُ الْخَبيرُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الصَّادِقُ الْاَوَّلُ الْعالِمُ الْاَعْلى.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الطَّالِبُ الْغالِبُ النُّورُ الْجَليلُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْجَميلُ الرَّزَّاقُ الْبَديعُ الْمُبْتَدِعُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الصَّمَدُ الدَّيَّانُ الْعَلِيُّ الْاَعْلى، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْخالِقُ الْكافي الْباقي الْمُعافي، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْفاضِلُ الْجَوادُ الْكَريمُ.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الدَّافِعُ النَّافِعُ الرَّافِعُ الْواضِعُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ الْباعِثُ الْوارِثُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْقائِمُ الدَّائِمُ الرَّفيعُ الْواسِعُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْغِياثُ الْمُغيثُ الْمُفْضِلُ الْحَىُّ الَّذي لا يَمُوتُ.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِى ءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْاَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْاَرْضِ وَ هُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ، هُوَ اللَّهُ الْجَبَّارُ في دَيْمُومِيَّتِهِ فَلا شَيْ ءَ يُعادِلُهُ وَ لا يَصِفُهُ وَ لا يُوازيهِ، وَ ليس يُشْبِهُهُ شيء ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ اللَّطيفُ الْخَبيرُ.
هُوَ اللَّهُ اَسْرَعُ الْحاسِبينَ وَ اَجْوَدُ الْمُفْضِلينَ الْمُجيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرّينَ وَ الطَّالِبينَ اِلى وَجْهِهِ الْكَريمِ، اَسْأَلُكَ بِمُنْتَهى كَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ وِ بِعِزَّتِكَ وَ قُدْرَتِكَ وَ سُلْطانِكَ وَ جَبَرُوتِك اَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَ الِهِ وَ اَنْ تَفْعَلَ بي ما انت اهله ولا تفعل بي ما انا اهله انك ارحم الراحمين وعلى كل شيء قدير.
اللهم صل على المصطفى محمد والمرتضى علي والزهراء فاطمة والمجتبى الحسن والشهيد الحسين والسجاد علي ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والحجة القائم المهدي بقيتك في ارضك وحجتك على عبادك صلاة قائمة دائمة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
استمر الان في ذكر بعض الامور عن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). المهم انه مادامت ذكريات وفاتها موجودة، فيحسن التعرض إلى مثل ذلك خلال الجمعات المعاصرة التى الان موجودة. ولعل احسن ما استطيع ان اذكره بهذا الصدد وفي هذه العجالة فكرتان تخصاها (سلام الله عليها) يحسن الالتفات اليهما.
الفكرة الاولى: ما قلته في بعض كتبي كأضواء على ثورة الحسين (عليه السلام) وغيره. وحاصلها ان مقتضى القاعدة ان كل فرد صاحب حق إذا حُرِم من حقه واخذه منه الظالمون فانه له الحق ان يطالب بحقه وان يُذّكر المجتمع به وان يبرز حججه وبيناته على ثبوته ما اوتي إلى ذلك من سبيل. وهذا لا ينبغي ان يكون محل شكٍ اطلاقا.
والمهم ان الاصل في كل ذي حق ان يدافع هو عن نفسه، ويطالب بحقه لا ان يدافع عنه غيره. لكن حينما تقتضي المصلحة العامة غير ذلك فلا باس ان يدافع الكثيرون عن الحق المغصوب والظلم المتراكم. ومن ذلك بكل تاكيد ما إذا لم يستطع صاحب الحق ان يدافع عن حقه لبعض الموانع، إذن يجب ان يدافع عنه الاخرون ويُذّكِروا المجتمع بمظلمته ويبرهنوا على صحة حقه. وهذا ما يحصل في الجانب الديني الاسلامي كثيرا.
فمثلا ان صاحب الزمان، صاحب الامر المهدي (سلام الله عليه)، لا يستطيع الان ان يدافع عن نفسه، أو ان يطالب بحقه بالرغم من انه مظلوم اكثر من كل البشر، وحقه اعظم من كل الناس، إلا ان مطالبته بحقه ينافي غيبته ويجب عليه ان يحافظ على غيبته، لا ان يعرّف الناس بنفسه إلى زمان موعد ظهوره. فتكون مطالبته بحقه في عصر غيبته متعذرة عليه، وغير ممكنة له ومن ثم وجب على الواعين لقضيته (امثال هذه الوجوه الطيبة) والمدركين لظلامته والمخلصين لدعوته، ان يدافعوا عنه ويرفعوا رايته وينشروا كلمته ويبذلوا امكانهم في ذلك لان كلمته كلمة الله ورايته راية الله وحكمه حكم الله. ومن هنا نكون في هذا الجيل نحن المدافعون عنه ونحن المطيعون له ونحن القائمون بامره (سلام الله عليه) حتى يقضي الله بما هو قاض.
وكذلك قد يحصل وجود المانع عن ان يدافع الامام عن نفسه لبعد المكان، كالامام الصادق (عليه الصلاة والسلام) ساكناً في المدينة المنورة وانصاره في خراسان كما في الرواية المعروفة، فيكون بعيدا عن الساحة وعن المجتمع هناك ولم تكن في حينه اجهزة اعلامية وصوتية ولاسلكية. ومن هنا يتعين على الواعين والمخلصين الدفاع عنه وبيان حقه ورفع مظلمته في أي مكان بعيد أو مدينة اخرى أو زمان اخر لا يوجد فيه الامام (عليه الصلاة والسلام).
ومن ذلك انه قد يحصل في الاسلام – لاحظوا - ان الرجال لا يستطيعون ان يدافعوا عن انفسهم فيدافع عنهم النساء، وقد حصل ذلك في الاسلام مرتين. اوضحها ما حصل بعد مقتل الحسين (سلام الله عليه)، حيث يكون الحسين واصحابه (سلام الله عليهم اجمعين) مستشهدين قد فارقوا الدنيا ولا مجال لهم بطبيعة الحال للدفاع عن انفسهم والاخذ بحقهم وبيان ظلاماتهم والاقتصاص من اعدائهم. ومن هنا كان من اهم من تصدى لهذا الاعلام الضروري واقامة الحجة الرئيسية (بعد الشهادة) على الصديق والعدو وعلى المؤالف والمخالف – من هو ؟ - هو زينب العقيلة بنت علي امير المؤمنين (عليهما افضل الصلاة والسلام). ولولا موقف زينب (سلام الله عليها) وكلامها واعلامها وخطاباتها لانطمست ثورة الحسين (عليه السلام) واندرجت في طي النسيان وكأنها لم تكن. فكان لابد في الحكمة الالهية ان تنضم تلك الثورة الكبرى والتضحيات الجليلة إلى هذا الجانب الاعلامي المركز لكي يثمر ثمرته وينفع الاجيال باثره كما قد حصل.
وما اشجعها (سلام الله عليها) والطف بيانها حينما تقول لاكبر مسؤول في الدولة يومئذ – شتكول؟ - : (ولئن جرّت علي الدواهي مخاطبتك، اني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك. لكن العيون عبرى والصدور حرى. ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء) لان رسول الله (صلى الله عليه واله) قال لصحب يزيد وابو يزيد وجد يزيد– ماذا قال بعد فتح مكة ؟ - : اذهبوا فانتم الطلقاء. فهالجماعة طلقاء أي في الحقيقة طلقاء من رضا الله سبحانه وتعالى وليس من غضبه.
(الا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء). إلى ان تقول - ماذا تقول ؟ - : (فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا يُرحض عنك عارها - أي لا يغسل عنك عارها - وهل رايك إلا فند وايامك إلا عدد وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.
وتقول: (فوالله – شُجاعة - ما فريت إلا جلدك – تضر نفسك مو تضر واحد من عدنه - ولا حززت إلا لحمك ولتردن على رسول الله (صلى الله عليه واله) بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم وياخذ بحقهم ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون))، وحسبك بالله حاكما وبمحمد (صلى الله عليه واله) خصيما وبجبرئيل ظهيرا وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين. بئس للظالمين بدلا وايكم شر مكانا واضعف جندا).
ولقد علمنا من هو الذي سوّل له ، شتكول؟ وسيعلم من سوّل لك ومكنك من رقاب المسلمين ، من هو الذي سوّل له ومكنه من رقاب المسلمين ؟ - علمنا ان من سوّل له ونصبه حاكما ومكنه من رقاب المسلمين هو الاستعمار الذي كان متمثلا يومئذ بالدولة القيصرية البيزنطية الرومانية.
المهم – لاحظوا جدا ، فكرك يمي - اننا هل نستطيع ان نتصور في هذا العصر، وفي كثير من العصور ان يتكلم فرد مهما كان مهمّا امام اعلى مسؤول بالدولة من ملك أو امبراطور أو دكتاتور أو رئيس جمهورية أو أي حاكم ان يتكلم مثل هذا الكلام ويعطيه حقه بيده وامام عينيه وفي منزله وامام حاشيته وشرطته ومؤيديه ؟! هي زينب وين جانت ؟ في براني يزيد بن معاوية. هذا متعذر بكل تاكيد حتى في البلدان – لاحظوا -التي تدعي الحرية والديمقراطية كفرنسا وايطاليا وبريطانيا وغيرها. فان الحرية الشخصية مكفولة هناك نسبيا او شكلياً واما المناقشة في نظامهم والاعتراض على مسلماتهم واسس سياساتهم واسرار دولهم فهو ممنوع، قليلا كان أو كثيرا وليس فيه اية حرية كائنا من كان. وان رغمت انافهم نقول ذلك .
ومن ذلك (اعني حين يضطر النساء للدفاع عن مواقف الرجال) موقف الزهراء (سلام الله عليها) (هذاك موقف زينب قدمناه لانه اوضح واشهر، لا ، موقف الزهراء ايضا كذلك) ، موقف الزهراء سلام الله عليها حين اضطر امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام) إلى البقاء في بيته حوالي عشرين عاما – هي سهلة؟ انت اكعد ببيتك عشرين عاما ، سبحان الله - وانما كانت الفرصة الرئيسية والكلمة الشجاعة موجودة للزهراء (سلام الله عليها) والتي كانت شكليا تتخذ صورة المصلحة الشخصية، اعني المطالبة بفدك وموارد فدك وارباح فدك. ولكنها في الحقيقة ذات مصلحة عامة واقعية، وهي المطالبة بامامة زوجها امير المؤمنين (سلام الله عليه) وخلافته وتسنمه منصب الرئاسة الفعلية والقيادة في المجتمع.
وقد اُبليت الزهراء في ذلك بلاءً حسنا وجاهدت جهادا حقيقيا. وايضا كان خطابها مع اعلى مسؤول – كما حدث مع زينب سلام الله عليها - في الدولة يومئذ فلم تكن تحفل بالشدائد ولا تجبن عند المكاره. وانما تقول له بصراحة – ماذا تقول؟ - : (فدونكها مخطومة مرحولة - يعني ناقة في ابهى حلتها، اي حجتنا في ابهى صحتها - تلقاك يوم حشرك. فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون).
ومن جملة خطبها الواضحة والصريحة بالمطالبة بحق زوجها امير المؤمنين (سلام الله عليه) بالخلافـة والامامة ورعاية المجتمع حق رعايته، قولها: (ويحهم انى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة ومهبط الوحي ومهبط الروح الامين الطبن او الطبين بامور الدنيا والدين - والطبين هو الخبير ومن هو الخبير ؟ امير المؤمنين سلام الله عليه) ، زحزوها عنه ودفعوها الى غيره - الا ذلك هو الخسران المبين. وما نقموا من ابي الحسن ؟ - شعدهم وياه؟! - نقموا والله نكير سيفه وشدة وطأته ونكال وقعته وتنمره في ذات الله. وبالله – تُقسم الزهراء سلام الله عليها - لو تكافئوا على زمام نبذة رسول الله (صلى الله عليه واله) لسار بهم سيرا سجحا – شوفوا اذا تسلط على المجتمع وحكم المجتمع شلون سهلة بيده وشلون كلهم يرتاحون - لا يكلم خشاشه ولا يتعتع راكبه ولاوردهم منهلا رويا فضفاضا تطفح ضفتاه ولا يترنق جانباه ولأصدرهم بطانا قد تحرى بهم الري – هم شبعانين وهم ريانين - غير متحل منهم بطائل بعلمه الزاخر وردعه ثورة الساغب – الذي هو الجائع – ولفتحت عليهم بركات من السماء وسياخذهم الله بما كانوا يكسبون
ثم تقول: ( إلى أي لجأٍ - اي الى اي ملجأ ، ما يختاروه حبيبي - لجأوا واستندوا وباي عروة تمسكوا ولبئس المولى ولبئس العشير. استبدلوا والله الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يحسبون انهم يحسنون صنعا – رغما على انفهم - الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون).
وهي تقول – لاحظ - هذا الكلام البليغ، والبيان الفصيح بقلب شجاع، وارادة قوية وكلام لا يفهمه الا اهلوه، وهي من العمر - حوالي شكدهه؟ سبحان الله - حوالي تسعة عشر سنة، أو أقل ، انها شابة صغيرة، ولكنها المعجزة الكبيرة. فهل في العالم اليوم او في اي يوم واحدة تستطيع ان تتكلم مثلها ؟ ، رجل عمره تسعة عشر سنة يستطيع ان يتكلم بمثل ذلك؟ ماكو حبيبي. فهل في العالم اليوم واحدة تستطيع ان تتكلم بمثل هذه المضامين العالية ، وهل في اجيال الاسلام وغير الاسلام مثل ذلك ؟ ما موجود طبعا ، كلا ، حتى بنات الملوك والمثقفات والواصلات إلى درجات عليا في الدنيا والآخرة أو في الدين. وانما كان ذلك امرا فريدا حسب مستواها العالي بصفتها بنت الرسول وزوج الوصي وام الحسنين (سلام الله عليهم اجمعين) - لاحظوا ، سبحان الله - حتى زينب العقيلة (سلام الله عليها) على عظم جهادها لم تكن مثل الزهراء سلام الله عليها. الزهراء ابلغ نطقا اكيدا هذه واحدة وثانيا اصغر عمرا اكيدا ربما عشرين سنة الفرق او اكثر ، زينب كانت اكبر في زمانها من الزهراء في زمانها - فهالعشرين سنة ماتروح كوترة ، لابد ان هي شنو؟ مجربة وواعية واجتماعية لعله نكدر نكول انه الهه باب وجواب تحجي ، اما واحدة عمرها تسعة عشر سنة فهذا هو المعجز الباهر الذي لا معجز مثله.
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الثالثة والعشرون 19 جمادي الاول 1419
الخطبة الثانية اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ اَرْضُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ أَرْضُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ اَرْضُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ أَرْضُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ. اللهم صل على محمد واله بافضل صلواتك واعظم تحياتك واكبر كراماتك كما صليت وترحمت وتحننت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نتعرض الان إلى الفكرة الثانية المرتبطة بالزهراء (سلام الله عليها)، وهي انها طالبت – لاحظوا - بعد وفاة ابيها بفدك، وهي ارض كانت تحت سيطرة اليهود في الجاهلية واول الاسلام. وبعد وقعة خيبر التي اخضع فيها نبي الاسلام اليهود فيها واذلهم، صالحهم على ان تكون ارض فدك ملكا للنبي (صلى الله عليه واله) وهم عمال وفلاحون فيها ويدفعون الوارد إليه (صلى الله عليه واله) بالنسبة التي يتم الاتفاق بينهما عليها. وبقي الامر على ذلك إلى وفاة النبي (صلى الله عليه واله).
وبعد وفاته وضعت الدولة (باللغة الحديثة) يدها على هذه الأرض وذهبت مصادرة اليهم وحُرِم منها ورثة النبي (صلى الله عليه واله). فجاءت الزهراء (سلام الله عليها) وطالبت بارجاعها إليها. والسر في ذلك ليس هو الطمع في الدنيا وانما كان وارد هذه الأرض كبيرا نسبيا فمن المطلوب ان يكون هذا الوارد بيد الزهراء (سلام الله عليها) وزوجها يصرفانه في مصلحة المجتمع والمسلمين وبالتالي يقوى بها حالهم الاقتصادي والاجتماعي ويستطاع به الدفاع عن حقهم المهتضم والمغصوب. ومن المؤسف ان يذهب هذا الوارد الكبير إلى الدولة التي تعتبرها الزهراء (سلام الله عليها) ظالمة وغاصبة وغير مشروعة.
وحسب فهمي فان هذا بعينه هو السبب في مصادرة الدولة لهذه الأرض، لكي يكون واردها لها (أي للدولة) وتتقوى بها اقتصاديا واجتماعيا، ويُحرمْ عنها الزهراء وامير المؤمنين (سلام الله عليهما)، وتسلب عنهما القوة الاقتصادية والاجتماعية كما يتصور الحاكمون يومئذ.
وفي (اعلام النساء) لعمر رضا كحالة الجزء الرابع صفحة 124 في ترجمته للزهراء (سلام الله عليها) قال: (وقال علي بن مهنا العلوي: ما قصد ابو بكر وعمر بمنع فاطمة عنها (أي فدك)، إلا ان يتقوى علي بحاصلها وغلتها على المنازعة في الخلافة).
ومن هنا يتضح انها انما طالبت بفدك لاجل نصرة زوجها أو قل لاجل نصرة الحق المتجلي بزوجها والمصلحة العامة المتعلقة به. فمطالبتها بفدك لها كلا المعنيين الصحيحين، مطالبتها بخلافة زوجها اولا، ومطالبتها بقوة زوجها اقتصاديا ثانيا. وليس فيه أي احتمال كونه من طلب الدنيا وكيف يكون ذلك وزهدها وزهد زوجها امير المؤمنين (عليهما افضل الصلاة والسلام) اشهر من ان يذكر. وهما اللذان نزل في حقهما قوله تعالى: ((ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا)). وقوله تعالى: ((انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)).
والفكرة الان هي ان ارض فدك هل هي ميراث للزهراء (سلام الله عليها) من ابيها ؟ او انها نحلة وهدية اهداها إليها في حياته ؟ وهي اي الزهراء (سلام الله عليها) قد ذكرت كلا الامرين في خطبها وكلماتها.
اما المطالبة بالإرث فاكثر من مرة، منها قولها – هذه الرواية - : (وانتم الان تزعمون ان لا ارث لنا افحكم الجاهلية تبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون. ويا معشر المهاجرين أأبتز ارث ابي في الكتاب ان ترث اباك ولا ارث ابي لقد جئت شيئا فريا).
واما المطالبة بالهبة فعن شرح ابن ابي الحديد ان فاطمة لما كلمت ابا بكر بكى، ثم قال: يا ابنة رسول الله – حسب وجهة نظره - والله ما ورّث ابوك درهما ولا دينارا وانه قال ان الانبياء لا يوّرثون. فقالت (سلام الله عليها): ان فدك وهبها لي رسول الله (صلى الله عليه واله) . قال فمن يشهد بذلك ؟ (تحتاج الى شهادة ، هي مدعية كأنها غير معصومة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم!) فجاء علي بن ابي طالب (سلام الله عليه) فشهد وجاءت أم ايمن فشهدت. ورد شهادتهما على أية حال إلى آخر القضية.
ومن الواضح ان الذي يكون في صالح دعوى الزهراء (سلام الله عليها) هو الهبة لان الارض كلها ستكون لها دون الارث لانها ستكون مقسمة بين الورثة وهم البنات والزوجات جميعا وليس للنبي من التركة بحيث تقع ارض فدك برمتها وجميعها في حصة الزهراء فقط.
إلا ان هذا يمكن الجواب عليه بوضوح وذلك بعد الالتفات إلى امرين:
الامر الاول: ان الزوجة أو الزوجات لا يرثن من الأرض وهذا عندنا موجود لا عينا ولا قيمة ، اقلاً الشيء الاجماعي انهن لا يرثن عينا – هسه قيمةً مختلف فيه - فإذن ارض فدك لاتصل إلى الزوجات ولا شبر منها.
الامر الثاني: انه ليس للنبي (صلى الله عليه واله) – لاحظوا - من بنات إلا الزهراء (سلام الله عليها)، اما الاخريات فلم يثبت كونهن بناته. بل هن بنات السيدة خديجة (رضوان الله عليها) من زوج آخر كانت عنده قبل زواجها من النبي (صلى الله عليه واله). اذن فستكون كل الأرض للزهراء (سلام الله عليها). ومن الملاحظ ان الرجل لم ينكر ملكية رسول الله (صلى الله عليه واله) للارض، وانما انكر انتقال المال بالميراث منه بصفته من الانبياء لان الانبياء لا يوّرثون. ولذا احتجت عليه بقوله تعالى: ((وورث سليمان داود)) مع انهما معا من الانبياء. إذن فالانبياء يوّرِثون وقانون الارث شامل للجميع.
والمهم الان، هو التساؤل عن صحة الارث أو الهبة وكلاهما قالته الزهراء وكلاهما ينتج ملكيتها للارض كلها. وجواب ذلك يكون على وجوه:
الوجه الاول: ان المراد من الارث الهبة. قالت ارث وقصدت الهبة، لانها هبة من الوالد إلى ذريته والذرية ترث الوالد عادة وشرعا ، فكأن كل مال انتقل من الوالد إلى ذريته هو من قبيل الهبة حقيقة أو مجازا. إذن تقصد او من الممكن ان تقصد من الارث الهبة.
الوجه الثاني: انها تَنزُّل في الدعوى على ما نعبر في العلوم العقلية، كانها (سلام الله عليها) تريد ان تقول انه (صلى الله عليه واله) قد وهب لي الأرض. ولكن لو تنزلنا عن ذلك وانكرنا الهبة كانت الأرض ارثا لي، لانها إذا لم تكن الهبة حاصلة فقد بقيت الأرض على ملك الوالد ، على ملك النبي (صلى الله عليه واله) إلى حين وفاته فتذهب ارثا إلى الذرية وهي الوارثة الوحيدة للارض كما سمعنا.
الوجه الثالث: ان مرادها (سلام الله عليها) جعل الحجة بين احد شقين ، احتمالين نعلم اجمالا بحصول احدهما لا محالة وهو اما الارث واما الهبة، وكلاهما سبب لملكيتها الارض، فتكون الأرض بأي من السببين ملكا لها والمفروض ان احد السببين قد حصل فعلا ويقينا .
الوجه الرابع: انه من الملحوظ انها (سلام الله عليها) حينما اكدت على شمول قانون الارث لها من تركة ابيها لم تذكر ارض فدك بل ذكرت القاعدة العامة دون التطبيق، أو الكبرى دون الصغرى. يعني انها لم تقل: اذن فأرض فدك تكون لي بالميراث، لا يستفاد ذلك من خطبها. وانما ذكرت ارض فدك فقط عند الهبة، وقالت: (قد وهبها لي رسول الله (صلى الله عليه واله)). وهذا معناه ان ذكر الميراث وان كان صحيحا إلا انه لمجرد الاحتجاج على الخصم، ويستفاد منه من ناحيتين – من الاحتجاج على الميراث - :
الناحية الاولى: انه لو انكر الهبة إذن يتعين الميراث في ارض فدك.
الناحية الثانية: - لاحظوا ، وهذا قلما يلاحظ - ان قانون الارث كما يشمل الأرض يشمل غيرها وكما يشمل البنت يشمل الزوجات. وهذا ينتج عدة نتائج:
منها: ان الزهراء (سلام الله عليها) لم تعطى عمليا من ارث ابيها أي شيء. فانه (صلى الله عليه واله) كان يسكن دارا فيها بعض الاثاث البسيط وقد حرمت الزهراء منها كما حرمت من فدك بعنوان ان الانبياء لا يورثون !
ومنها: ان الزوجات ، زوجات النبي – امهات المؤمنين - اعطين ارثهن كاملا بل زائدا. لان حصة الزهراء وهي الاكبر طبعا - بصفتها بنته - اعطيت للزوجات، فتصرفن في كل ميراث النبي (صلى الله عليه واله) حتى في ما يرتبط بالدار والاثاث ومن هنا قال الشاعر:
لك التسع من الثُمن .... وفي الكل تصرفــت
الثُمن ما هو ؟ حق الزوجة ، واحدة أو متعددة - هاي وحدة - ، التسع ماهو؟ ان النبي (صلى الله عليه واله) توفى على تسع زوجات حرائر بالعقد الدائم. اذن الثمن يقسم تسعة اقسام بين تسع زوجات، كل واحدة لها التسع من الثمن ، تسع الثمن ، ومع ذلك شنو ؟ (وفي الكل تصرفت) كما يقول .
فاذا كان الانبياء لا يورثون إذن فهم لا يورثون الزوجات كما لا يورثون البنات – صافية المسألة - إلا ان المنع عمليا ودنيويا يختص بالبنات لاعتبارات ومصالح دنيوية ظالمة بطبيعة الحال !
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
صدق الله العلي العظيم
التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 02-04-2018 الساعة 10:11 AM
|