عرض مشاركة واحدة
قديم 22-03-2012, 12:57 AM   #32

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الثانية والثلاثون 30 رجب 1419 هـ
الخطبة الاولى.
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
توجد هناك نقطتان أود قبل الدعاء أن أبينها لكم:
النقطة الاولى :
اشتباه وقعت فيه في الخطبة السابقة ، تتذكرون إني رويت بعض الروايات في فضائل موسى بن جعفر سلام الله عليه ، أنا قلت في واحد من الروايات خُشنام ابن حاتم الطائي ، هذا ليس بصحيح بل هو خشنام بن حاتم الاصم ، وليس ابن حاتم الطائي ، والفرق بينهما ربما حوالي خمسمائة سنة او اكثر محل الشاهد .
النقطة الثانية :
إننا نعلم انه منذ سنين ربما عشرين سنة المشي الى كربلاء في زيارة الاربعين محل منع ، إلا انه لم يصدر أي منع في المشي في المناسبات الاخر، ففي الإمكان استغلال أي مناسبة دينية رفيعة لأجل المشي الى كربلاء المقدسة.
والآن أمامكم مناسبة جليلة هي زيارة نصف شعبان ليلاً ونهاراً من نصف شعبان ، فلا تقصروا بالمشي الى كربلاء المقدسة من مدنكم جزاكم الله خيرا.
استثني من ذلك أمرين:
اولا. المعممين يبقى بالنسبة لهم مستحبا وليس واجبا جزاهم الله خير.
والآخر: من زاد في عمره على الخمسين عاما ، يبقى بالنسبة اليه مستحبا وليس واجبا ، وكذلك بالنسبة الى النساء يبقى لهن مستحبا وليس واجبا.
فلا تقصروا اذا لم يكن هناك ضرر وتحملوا شيئا من المشقة في سبيل الله ، ونحن أيضا نعلم ونحس بان الوقت مناسب من حيث البرد والحر على اية حال.
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سبحانك ربنا ولك الحمد أنت الذي بكلمتك خلقت جميع خلقك فكل مشيئتك أتتك بلا لغوب وأثبت مشيئتك ولم تأن فيها لمؤنة ولم تنصب فيها لمشقة وكان عرشك على الماء والظلمة على الهواء والملائكة يحملون عرشك عرش النور والكرامة ويسبحون بحمدك والخلق مطيع لك خاشع من خوفك لا يُرى فيه نور إلا نورك ولا يسمع فيها صوت إلا صوتك حقيق بما لا يحق الا لك ، يعني أنت حقيق بما لا يحق الا لك ، خالق الخلق ومبتدعه توحدت بأمرك وتفردت بملكك وتعظمت بكبريائك وتعززت بجبروتك وتسلطت بقوتك وتعاليت بقدرتك فأنت بالمنظر الأعلى فوق السماوات العلى كيف لا يقصر دونك علم العلماء ولك العزة احصيت خلقك ومقاديرك لما جل من جلال ما جل من ذكرك ولما ارتفع من رفيع ما ارتفع من كرسيك علوت على علو ما استعلى من مكانك كنت قبل جميع خلقك لا يقدر القادرون قدرك ولا يصف الواصفون أمرك رفيع البنيان مفيئ البرهان عظيم الجلال قديم المجد محيط العلم لطيف الخبر حكيم الأمر أحكم الأمر صنعك وقهر كل شيء سلطانك وتوليت العظمة بعزة ملكك والكبرياء بعظم جلالك فسبحانك وبحمدك تباركت ربنا وجل ثناؤك ، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك أفضل ما صليت على أحد من بيوتات المسلمين صلاة تبيض بها وجهه وتقر بها عينه وتزين بها مقامه وتجعله خطيبا بمحامدك ما قال صدقته وما سأل أعطيته ولمن شفع شفعته واجعل له من عطائك عطاءاً تاماً وقسماً وافياً ونصيباً جزيلاً واسماً عالياً على النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
اللهم صل على محمد وال محمد اجمعين .
((اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
قبل يومين كانت الذكرى السنوية للمبعث النبوي الشريف ، أكيداً كلنا نعلم ذلك ، حين بعث رسول الإسلام رحمة الى العالمين وهو موجود وحده في غار حراء ، فكان ذلك حدث بسيط كأنما يكون للناظر ، فكان ذلك فاتحة الخير ومبدأ الهداية والعدالة للعالم كله منذ لك الحين الى يوم القيامة.
وأود الآن أن أذكر لكم بعض ما يتعلق بالمبعث النبوي خاصة لا بخصائص الرسول صلى الله عليه واله ، عموما ، بل ما يخص المبعث ، وهي أمور عديدة ليس في الإمكان حصرها ولا يسع الوقت لأكثرها ويحتاج استيعابها الى مجلد ضخم أو أكثر ، وإنما نتعرض الآن الى بعض النقاط فقط:
النقطة الاولى.
ان هناك رواية معينة ومشهورة لدى الجماعة ولا أعتقد ان أحدا منكم لم يسمع بها ، موجودة في المنهج الدراسي التقليدي الرسمي ، رواية معينة مشهورة لدى الجماعة ومروية في كتبهم ، كتب اخواننا ابناء العامة ، ومروية في كتبهم المعتمدة في قصة حصول المبعث لا تخلو من إشكال تاريخياً ومفهومياً ، فيحسن ان نسمعها ونناقشها باختصار.
فعن عائشة أم المؤمنين انها قالت: أول ما بُدء به رسول الله صلى الله عليه واله ، من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح ، زين ، ثم حبب اليه الخلاء فكان يخلو ، يعني ينفرد طبعا ، بغار حراء فيتحنث فيه ، اي يتعبد فيه ، الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع الى أهله ويتزود لذلك ، ياخذله خبز وماي ، ثم يرجع الى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاء الملك ، ما سميه ، جبرائيل سلام الله عليه ، فقال : إقرء ، فقال: ما أنا بقاريء ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال: إقرء ، فقلت: ما أنا بقاريء ، قال: فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال: إقرء ، فقلت: ما أنا بقاريء ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال:
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه واله ، يرجف فؤاده ، هكذا تقول الرواية ، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملوني زملوني ، اي لفوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي ، انه هذا راح يموتني ، يقتلني ، فقالت خديجة : كلا ما يخزيك الله ابدا ، انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتُكسي المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، صلى الله عليه وآله ، فانطلقت خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، ابن عم خديجة وكان امرءاً قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني ، يعني الكتابة العبرانية ، فيكتب من الأنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : يا بن عم إسمع من ابن اخيك ، فقال له ورقة: يا ابن اخي ماذا ترى؟ ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وآله ، خبر ما رآه ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي انزل الله على موسى يا ليتني أكون فيها جزعا ، يا ليتني أكون فيها حيا ، اذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : او مخرجي هم ، قال: نعم ، لم يأتي رجل بمثل ما جئت به الا عودي ، ها الموخوش اوادم اهواية على وجه الارض ، لم يأتي رجل بمثل ما جئت به الا عودي وأن يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة ان توفى وفتر الوحي.
اقول : فمن هذا المنطلق لنا عدة ملاحظات:
الخطوة الاولى :
ان نفهم بعض الالفاظ الواردة في هذا الحديث ، واهمها اثنان:
احدهما. قوله: (فأخذني فغطني) ، بالله شنو يعني فغطني ها سبحان الله ، يمكن ان يكون من الغط في الماء وهو الدخول فيه ، يعني ادخلني جبرائيل عليه السلام ، في الماء حتى بلغ مني الجهد ، زين اهناك ماي هم اكو ، صحراء قاحلة لا يوجد فيها ماء طبعا ، ويمكن ان يكون من الغطاء وهو ينتج الظلمة فقد أدخله في الظلام حتى بلغ منه الجهد ، ويمكن ان يكون من الغطيط وهو شخير النائم ، يعني أكمه حتى جعله يغط كغطيط النائم حتى بلغ منه الجهد ، ويمكن ان يكون مجازا من العصر والضغط ، يعني ضغطني حتى بلغ مني الجهد ، والظاهر ان هذا هو المعنى الاشهر.
وعلى اي حال فاللفظ هنا يفيد معنى الازعاج والايلام ، وهو حسب السياق في الرواية يأتي كعقوبة على رفض رسول الله صلى الله عليه واله ، ان يقرأ واعتذاره بقوله : ما انا بقاريئ ، يعني انا لا اعرف القراءة ولم اتدرب عليها ، فإنه صلى الله عليه واله ، كان أميا بحسب ظاهر المجتمع طول حياته لم يقرأ ولم يكتب.
ويمكن ان تكون الفاء في قوله (فغطني) أصلية وليست عاطفة ونقرأه (فَغَطَني) من فغط يفغط ، الا انني بحث عن المعنى اللغوي في المصادر المتيسرة لهذه الكلمة فلم اجده ، على انه يحتاج السياق الى فاء اخرى تكون عاطفة قبلها بان يقول (ففغطني) وليس في الحديث ذلك.
ثانيهما . قوله: (زملوني فزملوه) اي لفوني بالغطاء او غطوني به ، كأنه يشعر ان الرعدة التي اخذته تشبه رعدة البرد ، وقوله: (ثم ارسلني) يعني اطلق سراحه من تلك الحالة الاليمة ، في حدود فهمي ان هذه الخطوة الاولى .
الخطوة الثانية :
انه من الواضح من الحديث ان: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1))، نزلت قبل البسملة او بدون البسملة ، لأنه بدأ بقوله: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، فأين البسملة ، ها ، سبحان الله ، فالظاهر من الحديث والواضح من الحديث ان : اقرأ باسم ربك الذي خلق نزلت قبل البسملة أو نزلت بدون بسملة وهو غير محتمل وخاصة ونحن نعتقد في مذهبنا بان البسملة جزء من هذه السورة كما هي جزء من كل سورة غير سورة براءة.
الخطوة الثالثة :
انه لم يظهر من الحديث السبب في هذا الازعاج والايلام الذي حصل ثلاث مرات على رسول الله صلى الله عليه واله ، فانه كان صادقا فيما يقول ، (ما أنا بقاريئ) ، قابل يچذب حاشاه ، وليس كاذبا او مجرما وحاشاه لكي يعاقب ، ها لا يستحق العقوبة ، فإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على عدم صدق الحديث نفسه ، اليس كان في امكان جبرائيل عليه السلام ، أن يقول لأول مرة: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)) ، كما قال في المرة الثالثة ولا يحصل كل هذا الازعاج.
الخطوة الرابعة :
إننا اذا تنزلنا وقبلنا انه يستحق العقوبة وحاشاه فكان يمكن الاقتصار على عقوبة خفيفة او تنبيه بسيط وليس الى هذه الدرجة من الازعاج بحيث يقول: (حتى بلغ مني الجهد)، ويحصل ذلك ثلاث مرات.
الخطوة الخامسة :
ان الملك لم يأتي ، لاحظوا سبحان الله ، ان الملك لم يأتي بورقة او كتابة ليطلب من النبي صلى الله عليه واله ، ان يقرأها ، إذن فليس هناك اي طلب للقراءة لكي يعتذر منه النبي انه ليس بقاريئ لكي يعاقبه الملك على ذلك ، بل من الواضح ان المراد بالقرآن او بالقراءة في هذا المورد هو مجرد التلفظ او القول يعني قل كما اقول ، هيچ هذا هوه ، والمفروض ان النبي صلى الله عليه واله ، يسمع ويمكنه ان يعيد نفس الكلام بدون هذه المضاعفات ، كما ان المفروض ان النبي صلى الله عليه واله ، بوعيه وعلو مستواه يفهم هذا المعنى وعدم وجود مورد للاعتذار، فكيف يكون اعتذاره مفهوما ، فهذا يشكل نقطة ضعف اخرى في الحديث.
زين ولو قصد بقوله (ما انا بقاريء) يعني لا استطيع ان اردد معك هذه الالفاظ ، لكان كاذبا وحاشاه ، ولو تنزلنا وقبلنا ان النبي صلى الله عليه واله ، لم يفهم ذلك فكان الانسب والاولى للملك ان يفهمه ذلك او يبدل تعبيره بما يؤدي المعنى المطلوب ، لا ان يعاقبه ثلاث مرات.
الخطوة السادسة :
انه بعد ان علم النبي صلى الله عليه واله ، ان هذا ملك مقرب وعلم قدسيته فلماذا يعصيه ويصر ثلاث مرات على عصيانه ؟ ، وكأنه لو استمر الحال على ذلك لعصاه مائة مرة او الف مرة ، ما راح ايگول اطلاقاً ، ها ، سبحان الله ، مع العلم انه يعلم انه ملك مقدس وان أمره حق ومن أمر الله جل جلاله ، إذن فسوف يعصي الله تعالى وحاشاه اكيدا.
الخطوة السابعة :

إننا نتساءل هل ان النبي صلى الله عليه واله ، أكثر فهما أم خديجة بنت خويلد أم المؤمنين أم ورقة بن نوفل الشيخ النصراني ؟ ، ها سبحان الله ، لاشك ان النبي صلى الله عليه واله ، خير الخلق وأعظم الخلق وأفهم الخلق ، لا ينبغي ان يختلف في ذلك اثنان ، فكيف يكون هو الجاهل في تفسير هذه الحادثة كما هو منطوق الحديث ويكون العلم لدى غيره ، ها ، سبحان الله ، بحيث يتوقف الامر على اخبار ورقة بن نوفل مع احترامي له.
الخطوة الثامنة :
انه ينبغي ان يكون واضحا من الحديث ان النبي صلى الله عليه واله ، ساعتئذ لم يعلم ان هذا ملك وان هذا قرآن ، وانما ذلك كان بلفظ الراوي وهو عائشة او بإخبار ورقة بن نوفل ، ومثل هذا الوضع والجهل غير محتمل على رسول الله صلى الله عليه واله ، كما هو واضح.
الخطوة التاسعة :

ان المفروض بالنبي صلى الله عليه واله ، ان يعلم حقيقة الملك الذي ارسل اليه وكون موقفه حقا وهو مرسل من الله تعالى ، فاذا كان ذلك اذن فسوف يعرف ان ما فعله الملك حسب منطوق الخبر حق ايضا ، فلا يخشى منه ولا يعترض عليه ولا ان ينهار نفسيا منه.
الخطوة العاشرة.
ان رسول الله صلى الله عليه واله ، ظهر في هذا الحديث ، لاحظوا وحاشاه ، ظهر في هذا الحديث جبانا محبا للحياة الدنيا جدا ، ضعيفا عن تحمل المشاق وحاشاه من كل ذلك ، وهذا واضح من عدة فقرات من الحديث كقوله: (فغطني حتى بلغ مني الجهد) ، وقوله: (فرجع بها رسول الله صلى الله عليه واله ، يرجف فؤاده) ، وقوله لخديجة: (لقد خشيت على نفسي) ، مع اننا نعلم انه أعلم وأقوى من جبرائيل نفسه حتى انه في المعراج ، هذا سمعناه وسمعتموه ، قال له جبرائيل في المعراج ، قال له جبرائيل ما مضمونه: (تقدم وحدك لو تقدمت انملة لاحترقت) ، فتقدم النبي صلى الله عليه واله ، وحده حتى وصل الى: (قاب قوسين او ادنى).
فهلى استعمل النبي صلى الله عليه واله ، شيئا من هذه القوة في دفع هذا الازعاج والبلاء عن نفسه او بتحمله للبلاء بحيث لا يبلغ منه الجهد بهذه السهولة.
إذن فهذا الحديث مردود حتى لو قبلنا صحة سنده وهو بالتأكيد ليس بصحيح السند. وإنما الأمر باختصار اننا نقتصر على ما هو حق ونرفض ما هو باطل ، هيچي هذا هوه ، وإنما الأمر باختصار ، هو نزول الوحي عليه وارساله برسالة الاسلام لأول مرة في غار حراء بالآيات الاولى من سورة العلق بما فيها البسملة ، هذي محذوفه من الحديث طبعا ، والنبي صلى الله عليه واله ، تلقاها بعمق وسعة صدر وبشجاعة وتفهم وعلم بكونه مخاطبا من الله تعالى بطريق جبرائيل عليه السلام ، وانه رسول الله صلى الله عليه واله ، بدون حاجة الى مثل هذه التفاصيل المؤسفة.
النقطة الثانية.
مما أريد ذكره مما هو مناسب مع المبعث النبوي الشريف ما يرتبط بقوله تعالى ، اسمعوا الآيات رجاءً :
((قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (102) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (103) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105))
زين ، ومن الواضح في هذه الآيات ان النبي صلى الله عليه واله ، كان يتردد ، في مكة طبعا وليس في المدينة ، كان يتردد في مكة على رجل له علم وفهم لأجل احترامه والميل اليه ، فاتهمه المرجفون وما اكثر المرجفين في الاجيال ، بأنه يتعلم منه العلم ويعطيه نصوص القرآن وان النبي صلى الله عليه واله ، ينسبها الى الله تعالى كذبا ، وقد اختلفت الروايات في اسم هذا الرجل ولا حاجة الى التعرف عليه شخصيا أكيدا ، ويمكننا ان نتكلم في ذلك ضمن عدة نقاط :
النقطة الاولى :
ان سياق الآيات يحتوي على ذكر أمرين ، مو واحد حبيبي ، أمرين مما أرجف به المشركون ، أو قل المرجفون ضد النبي صلى الله عليه واله ، أحدهما هذا الذي سمعناه وسياتي الحديث عنه بعد لحظات ، دقيقة ، والاخر قوله تعالى:
(وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (102).
ونحن نعلم ان كل تعاليم القرآن كل واحد منها يفتح منه الف باب ، فيكون المفهوم من هذه الآية الكريمة ان اختلاف الآيات ليس صادرا عن النبي صلى الله عليه واله ، بشخصه ، وإنما هو مبلغ عن الله سبحانه ، والاختلاف في الحقيقة مسند الى الله تعالى وهو يقول : ((وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ ۙ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ)).
والسر في ذلك حسب فهمنا ان هذا الاختلاف هو الأوفق بالحكمة والمصلحة ، ولو لم يكن هذا الاختلاف موجودا لفسد الحال ، لأن اختلاف الحكم يتبع اختلاف الموضوع ولا معنى لحكم واحد على موضوعين واختلاف الموضوع متحقق باختلاف تقلبات المجتمع واراء الناس والمصالح العامة والخاصة فيه.
وهذا المعنى القرآني يلقي ضوءاً على ما قد يقال ضد السيد محمد الصدر او غيره من اختلاف ارائه وتبدل قناعاته في الظاهر مع انها قد تكون في الحقيقة هي الاوفق في الحكمة والمصلحة لما قلناه الان من ان اختلاف الموضوع يستدعي اختلاف الحكم وان الفرد قد يحتاج الى مواقف متعددة في ازمنة متعددة وفي امكنة متعددة حسب ما يرى من المصلحة ولا ينبغي التشكيك والارتياب فيه ، بل الأمر اكثر من ذلك من حيث ان المبادرة الى الطاعة وحسن الظن بالحوزة والمرجعية منتج لعدد من النتائج الحسنة فانه مضافا الى تحقيق المصلحة العامة المطلوبة والمنشودة ، فإنه يكون اقرب الى تقارب القلوب وتحابب النفوس ووضوح الايمان في العقول كما قال تعالى في نفس هذه الآيات: (لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ).
النقطة الثانية :
ان الله جل جلاله يجيب في قرآنه المجيد على كلام المرجفين وهو قولهم ، بنص القرآن طبعا: ((انما يعلمه بشر))، يجيب بقوله: ((لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (103) ، فإنه لا يخلو من احدى حالتين:
اما ان يدعوا ، اي المرجفون ، انه يأخذ الفاظ القرآن من هذا الإنسان ، واما ان يدعوا انه يأخذ معانيه ويصبها النبي صلى الله عليه واله ، في القالب القرآني واللفظ القرآني ، وكلا الأمرين باطلان ، اما أخذه اللفظ القرآني من هذا الإنسان فهو مستحيل ، مسلم التعذر والاستحالة ، لأن لسانه أعجمي ، وهو غير قابل لمعرفة العربية الفصيحة بأدنى درجاتها فضلا عن العربية بالمستوى الاعجازي في القران الكريم ، خوب هذا خلصنه منه ، وهذا الرجل ليس له علم باللغة والادب والبلاغة ونحوها وانما له مفاهيم دينية وعقلية فقط ، فمن أين يمكنه ان يأتي بمثل نصوص القرآن.
وان كان مدعاهم انه يعطي المعاني للنبي صلى الله عليه واله ، والنبي هو الذي يصوغها باللفظ القرآني ثم يدعي نسبتها الى الله تعالى فهذا ما يجيب عليه القرآن بقوله: ((قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ)) ، وبقوله: ((ان الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله)) ، فهذا أمر يحتاج الى شيء من القناعة والإيمان ، وكيف تحصل القناعة والإيمان من الجاهلين الكاذبين: ((إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله)) ، وإذا لم يهدهم الله لن يهتدوا أبدا ، سبحان الله ، في كل جيل هذا موجود ، واما اذا حصلت القناعة والايمان فسوف نعرف ان كلا الشخصين ، أعني هذا الرجل والنبي صلى الله عليه واله ، كلاهما ، سبحان الله ، غير قابلين في انفسهما لإيجاد هذه النتيجة ، فلا هذا الرجل يستطيع ان يعطي للنبي صلى الله عليه واله ، كل معاني القرآن على عمقها وسعتها وعلو مقامها ونحن نعلم ان القرآن يسير مع الناس والبشرية مسار الشمس والقمر وان علومه لا تنفد وان له ظاهر وباطن وباطنه له باطن الى سبعة بطون او سبعين بطنا كما ورد ، وانه كما يقول القرآن : ((مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ (38)) ، الى آخر اوصاف القران التي لاتُعَدْ ولا تُحَدْ ، فكيف يستطيع أن يقوم بها أو يؤديها رجل واحد مهما كان علمه ومهما كانت منزلته فيتعين ان تكون هذه المعاني العظيمة نازلة من العظيم الأعظم جل جلاله .
زين ، فلا هذا الرجل يستطيع ، ولا ان النبي يستطيع بنفسه ان يأتي بألفاظ القرآن البلاغية والإعجازية وهذا دليله واضح جلي فانه صلى الله عليه واله ، خير الخلق وخير البشر وقد اوتي جوامع الكلم ومع ذلك فقد سمعنا خطبه وكلماته وقد وصلت الينا كثير منها كخطبته ، وهي أشهر ماوصل الينا سبحان الله في مفاتيح الجنان موجودة ، كخطبته في اول شهر رمضان وهي مشهورة ، وقد جمع له الشريف الرضي عليه الرحمة ، كتابا كاملا في كلماته القصار او جوامع الكلم سماه المجازات النبوية ونسخته موجودة وهي ان لم تكن كثيرة على اية حال ، والمهم انه لم يكن فيها ما يشبه القرآن او يصل الى درجة بلاغته او حكمته وهذا مسلم وواضح لدى كل ذي عينين وكل ذي لب.
مضافا ، ها لاحظوا ، مضافا الى التحدي القرآني للبشرية اجمعين من حين نزوله الى يوم القيامة ، اكو نقطة لم يلتفت اليها احد ، ان التحدي شامل حتى لشخص النبي صلى الله عليه واله ، گول لا ، سبحان الله ، التحدي القرآني للبشرية اجمعين من حين نزوله الى يوم القيامة ، بما فيهم شخص رسول الله صلى الله عليه وآله ، لو لاحظناه منفصلا عن الوحي ، لو لاحظناه منفصلا عن الوحي ، وكذلك شخص أمير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام ، وكل المفكرين والمتعمقين في البشرية في اي جيل او مكان او زمان ابتداءا من المعصومين وانتهاءاً الى الحمال والزبال ، هذا هوه ، لا احد يستطيع ان يأتي بمثل القرآن اطلاقا.
وليس هذا التحدي سهلا واعتباطيا ، سهلة آني ادعي هيچي اگول خل واحد يخطب مثلي ، يجي واحد يخطب احسن مني ، سبحان الله هذا التحدي مو سهل كلش صعبة ، طول عمر البشرية لا يكون اطلاقا ، لاحظوا ، لولا ان يصدر من الحكيم العليم والا فما اسهل لأي جيل او لأي علم او لأي عالم ان يكسر الحجة القرآنية بالإتيان بمثله او بأفضل منه وحاشاه ، ونحن نعلم ان هذا لم يكن ولن يكون فكيف برجل واحد هو الذي كان يزوره الرسول صلى الله عليه واله ، في مكة بطبيعة الحال.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثانية والثلاثون 30 رجب 1419 هـ
الخطبة الثانية.
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم.
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سبحانك لا اله الا أنت الواسع الذي لا يضيق البصير الذي لا يظل النور الذي لا يخمد ، سبحانك لا اله الا أنت الحي الذي لا يموت القيوم الذي لا يهين الصمد الذي لا يطع ، سبحانك لا اله الا أنت ما أعظم شانك وأعز سلطانك وأعلى مكانك وأشرف ملكك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أبرك وأرحمك وأحلمك وأعظمك وأعلمك وأسمحك وأجلك وأكرمك وأعزك وأعلاك وأسمعك وأبصرك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أكرم عفوك وأعظم تجاوزك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أوسع رحمتك وأكثر فضلك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أنعم آلآئك وأسبغ نعمائك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أفضل ثوابك وأجزل عطائك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أوسع حجتك وأوضح برهانك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أشد أخذك وأوجع عقابك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أشد مكرك وأمكن كيدك ، سبحانك لا اله الا أنت تسبح لك السماوات السبع والارضون السبع ، سبحانك لا اله الا أنت القريب في علوك المتعالي في دنوك المتداني دون كل شيء من خلقك ، سبحانك لا اله الا أنت القريب قبل كل شيء والدائم مع كل شيء والباقي بعد فناء كل شيء ، اللهم صل على المصطفى محمد والمرتضى علي والزهراء فاطمة والزكي الحسن والشهيد الحسين والسجاد علي والباقر محمد والصادق جعفر والكاظم موسى والرضا علي والجواد محمد والهادي علي والعسكري الحسن والمهدي محمد أئمتي وسادتي وقادتي بكم أتولى ومن أعدائكم اتبرأ في الدنيا والاخرة.
((اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102).
ينبغي ان تكون ذكرى المبعث النبوي الشريف سببا لان يبعث في نفوسنا الشعور بأهمية هذا المبعث وبأهمية مضمونه الكريم وهو دين الاسلام العظيم وقدسيته الجليلة ونوره الوضاء واخوته العالية ، قال تعالى: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ...(10)) ، وقال: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)) ، والاسلام هو دين الوحدة والاخوة والتماسك والرحمة والانسانية واللطف والتعاطف على مختلف المستويات التي يمكن ان نعرض المهم منها فيما يلي:
المستوى الاول :
وحدة الحوزة العلمية واخوة اعضائها والمشاركين فيها بالهدف المشترك وتجاه العدو المشترك وفي الفكر المشترك مهما تباعدت بعض المصالح والاهواء والاساليب ، وهذا واقع لا مناص منه ومطبق فعلا فإننا جميعا في الحوزة يد واحدة وروح واحدة كلنا يعمل لمصلحة الدين وكلنا يقول وكلنا يتصرف في حدود استطاعته وفهمه باتجاه الهدف المشترك وهو عز الدين وعز الاسلام وارتفاع وعظمة كلمة التوحيد في كل زمان ومكان وتكثير طاعات الله سبحانه في البشرية وتقليل معاصيه بين البشر وكلنا يد واحدة ضد من ناوانا وعادانا لأن من عادى الحوزة فقد عادى الدين ومن كاد للحوزة فقد كاد للدين ومن اعتدى على الحوزة فقد اعتدى على الدين وليس على هؤلاء الناس بأشخاصهم بطبيعة الحال.
والحوزة واحدة في كل مكان وزمان لأنها تتوحد بوحدة العاطفة والعلم والعمل والهدف اكيدا وكله واحد بحسب توفيق الله تعالى فليس هناك حوزات متباينة او مختلفة في ما بينها في النجف وفي قم وفي سوريا وفي لبنان وفي خراسان وفي البحرين وفي القطيف وفي الاحساء وفي باكستان وفي الهند وفي غيرها من بلاد الله ، بل كلهم رجل واحد وقلب واحد ويد واحدة وعلم واحد لمصلحة الدين وشريعة سيد المرسلين وضد العدو المشترك الموجود ضدنا في كل جيل وفي كل مكان وزمان گول لا ، سبحان الله .
المستوى الثاني :
وحدة المؤمنين في المذهب الواحد مهما تكثرت أعمالهم وطبقاتهم ومستوياتهم وعواطفهم فانهم ما داموا يشعرون بأهمية الدين واهمية ولاية امير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام ، وعصمة القادة الائمة المعصومين سلام الله عليهم ، فهذا يكفي تماما لأن يكون الفرد مندفعا نحو طاعة الله متحمسا نحو الهدف المشترك واقفا ضد العدو المشترك منجزا مصلحته العادلة الشخصية والاجتماعية مبتعدا عن الذنوب والعيوب والموبقات ومن لم يكن كذلك فنتمنى ان يكون كذلك في أقرب وقت وبحسن توفيق الله وتسديده.
المستوى الثالث :
الأخوة في الاسلام وهي الأهم والأتم لأنها تشكل حجر الزاوية في المبعث النبوي الشريف لأن المبعث مبعث الاسلام فالأخوة في الاسلام هي الرئيسية لأن القرآن واحد والنبي واحد والقبلة واحدة والدين واحد والهدف واحد وأن أغلب الاختلافات بين علماء الاسلام طبيعي وموجود بين اي تفكيرين او أي مفكرين وليس ذلك بعيب ولا يشكل نقصا حقيقيا ولا ينبغي ان يكون سببا للعداء والمكر والتضارب والتحارب والعياذ بالله وانما الهدف مشترك والعمل مشترك والعدو مشترك وخاصة ونحن نعيش في أغلب العصور بل كلها مَسيس الحاجة الى ذلك لتكالب الأعداء ضد الاسلام ومكرهم من داخلهم ومن خارجهم وبيده السلاح والمال والتخطيط والاعداد الكامل ، في حين نجد المسلمين والمخلصين عزلا من كل ذلك وهذا هو الامتحان الالهي الأتم والأكمل ليحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
زين ، ومثل هذا الظرف وهو الظرف الدائم والمستمر وربما لمئات السنين يعطينا وجوب الشعور بالوحدة والتماسك والتضامن وقوة الايمان لكي نستطيع ان ندفع المؤامرات ونُكْفَى اكثر ما هو مستطاع من الشدائد والمظالم التي يريدها لنا العدو المشترك المتمثل في الثالوث المشؤوم وهو الاستعمار الاسرائيلي الامريكي البريطاني قبحهم الله.
والأمر هنا كما قال احد اعضاء دار التقريب بين المذاهب الاسلامية ، كان أكو الى عهد قريب ، والآن كأنما لا أثر له انحل ، لكنه كان موجود ربما قبل عشرين سنة او اكثر ، دار التقريب بين المذاهب الاسلامية الذي كان مؤسسة مهمة في ازهر القاهرة حيث قال ما مضمونه انه ليس المراد في هذه المرحلة من العمل والتفكير هو ان نجعل الشيعين سنيين او نجعل السنيين شيعين وانما المهم هو التمسك بالدين المشترك وهو الاسلام والقيام ضد العدو المشترك وهو الكفر والالحاد المتمثل بالاستعمار وانصار الاستعمار.
وبطبيعة الحال فان مجرد التفكير في هذه الوحدة قلبيا وعقليا ، مجرد التفكير في هذه الوحدة له مرحلة مهمة وجيدة ونافعة تكفي في نتائجها عدم توجيه الحقد والعداء ضد بعضنا البعض والعياذ بالله من مختلف مذاهب الاسلام وإنما اختصاص توجيه الحقد والعداء ضد من هو أهل لذلك وهو العدو المشترك المتمثل بالكفر والاستعمار. ويقول المثل انا وابن عمي ضد الغريب كما يقول المثل في عادات العشائر ، ربما تعرفونها انه قد تكون قبيلتان متعاديتين فيما بينهما ومتقاطعتين بشدة الا انهما حين يجابههم العدو المشترك وتغير عليهما قبيلة ثالثة يكونان يدا واحدة وعمل واحد وقلب واحد تجاه هذا العدو المشترك گول لا ، فاذا دفعوه واستراحوا عادوا الى العداء من جديد فيما بينهم.
ومن الواضح اننا لم ندفع العدو المشترك الى الان ، لا حظوا ، بل لا زال في تزايد ومرارة ولا اقل ان يحذر كل واحد منا مهما كان مذهبه ومهما كان عمله ومهما كانت طبقته ان يحذر من ان يكون معينا ضد نفسه وضد إسلامه بيد او لسان مهما كان قليلا او كثيرا.
زين ، يضاف الى ذلك الالتفات الى ان عمل بعض المذاهب ضد بعضها كما يحدث الآن من الوهابيين مع شديد الاسف كما قد يفترض حدوثه من أية جهة كانت يكون بكل تأكيد عمل مبرمج وموجه في مصلحة الاستعمار ولا يستفيد من ذلك ولا يفرح به الا العدو المشترك واسرائيل من حيث نعلم او لا نعلم ، بينما لا يستاء العدو المشترك الا من التحابب والتعاون والألفة بين المؤمنين والمسلمين ونحن مأمورون في القرآن الكريم ان نسيء الى قلوبهم كما قال تعالى في محكم كتابه الكريم : ((ولا تطأون موطئا يغيض الكفار الا كتب لكم به عمل صالح)) ، إذن فالأخوة مطلوبة في الإسلام على كل حال ، وهذا بطبيعة الحال ليس من طرف واحد مو آني اگوله ، بل من كل الاطراف وليس كلامي هذا استجداءا للعاطفة لأننا لا نخاف من غير الله سبحانه وتعالى وانما هو لإقامة الحجة والفات النظر لمن يريد ان يستجيب الى داعي الله ونصوص الكتاب الكريم والسنة الشريفة ويكون ذلك في مصلحتهم اولا ، وفي مصلحة الاسلام ثانيا ، ودفعا للعدو المشترك ثالثا ، وهذا لا يعني من ناحية اخرى عدم أهمية الحفاظ على المذهب والعناية بمصالحه ومصالح طائفته فان هذا ضروري أيضا امام الله سبحانه وتعالى لأنه الحق الذي نؤمن به لكن ينبغي ان يكون عمل اي مذهب او قل عمل اي مسلم بحيث لا يضر بالمذاهب الأخرى تحصيلا ، لا أقل بهذا المقدار ، تحصيلا للوحدة الاسلامية والتكاتف المحمدي او قل يجب الا يعمل اي مسلم عملا يفيد به الاستعمار ويوجد به الفرقة والازعاج في المجتمع الاسلامي ومن عمل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين حتى لو كان هو السيد محمد الصدر نفسه.
المستوى الرابع :
الشعور بالوحدة والتضامن مع الثورة الفلسطينية المجيدة التي كانت ولا زالت تعطي سيل الشهداء انتصارا للحق المغتصب واحتجاجا على الظلم المكثف والاجحاف الحقيقي الموجود في تلك البلاد المسلمة من قبل مستعمريهم اليهود.
والملاحظ بوضوح ، ها لاحظوا هذا آني ملاحظة من سنين ، والملاحظ بوضوح ان فكر الثورة الفلسطينية قد مر ميدانيا بتطور وتكامل ملحوظ ، فبينما كان عند بدأه قبل حوالي عشرين سنة او اكثر فكرا علمانيا دنيويا لا يريد اكثر من ازالة الحكم الغاشم الظالم في بلاده ولا يفكر في البديل وفي شكل الدولة الجديدة التي يسعى من اجلها حتى كان أكثرهم شيوعيين في زمن وجود ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي وكان بعضهم يميل الى الديمقراطية الرأسمالية وبالتالي كانوا مختلفين وليس لهم هدف محدد وحقيقي ، الا أنهم تطوروا بكل تأكيد مع تطور الفكر الاسلامي العالمي فاصبح اكثرهم او الاتجاه الاشهر فيهم اتجاها اسلاميا دينيا لطيفا جزاهم الله خير جزاء المحسنين ، واصبحوا يجاهدون ويستشهدون حقيقة في سبيل الله ومضادة لأعداء الله وذلك بعد ان اتسعت التجارب الدينية وازدادت الكتب الدينية ووسائل الاعلام الاسلامية ، فرأى الجيل المتأخر منهم ان الحق الصحيح انما هو في الدين وان الحل الصحيح انما هو في الدين وليس من المعقول ان اليهود يحاربوننا كيهود ونحن نحاربهم كعرب او كشيوعيين او كرأسماليين ، لا ، وانما يقابل اليهودية الاسلام ليس الا.
والاسلام هو دين الشهادة ودين الاخرة ودين العدل ودين الجهاد وليس في المسالك الاخرى ذلك ، والاتجاهات الفكرية الاخرى ليس فيها الا الخداع والضلال.
فنحن نعلن من هنا تأييدا لمجل الحركة الفلسطينية والثورة الفلسطينية ونخص بالتأييد منهم اولئك الذين يشعرون بمسؤوليتهم الاسلامية وعاطفتهم الدينية وهم الأعم الأغلب فيما أعتقد وننصح الباقين منهم الى ان يميلوا الى هذا الطريق ويلتفتوا الى الدين الحق فيصلحوا بذلك دنياهم وآخرتهم ولا تغرنهم الشعارات البراقة التي لا تفيد في الواقع الا الإبقاء على اسرائيل وقوتها كما ثبت ذلك ولا زال يثبت بالتجارب المستمرة.
هذا ولو استطعنا من موقعنا هذا ان نمد الثورة الفلسطينية بالفكر اولا ، وبالمال والرجال ثانيا ، بالشكل الذي نضمن ان فيه رضا الله سبحانه وتعالى فعلناه ، ويوجد بعض الاشخاص القلائل خلال السنين المتأخرة ممن يسأل عن تكليفه الشرعي بالمشاركة في الثورة الفلسطينية او العمل ضد العدو الغاشم هناك ، ومثل هذا الفرد لا ينبغي نهيه او تثبيط عزمه وشل ارادته بل ينبغي دفعه وتأييده ونصحه بالالتحاق بعد ان يحرز بطبيعة الحال اخلاص القيادة التي يريد الانتماء اليها منهم.
ومن الواضح دينيا ان الثورة الفلسطينية وان كانت هي ثورة الشعب الفلسطيني الا انها ثابتة في ذمم المسلمين جميعا بمختلف مذاهبهم واتجاهاتهم ودولهم لكي يكونوا يدا واحدة ومتعاونين دوما على الفعالية والجهاد ضد اعداء الله والاسلام ، كما ورد في السنة الشريفة : (المسلمون يسعى بذمتهم ادناهم) ، يعني يسعي كلهم حتى ادناهم ، افضلهم وادناهم جميعا ، هم يد على من سواهم ، اي انهم يد واحدة وقوة واحدة وجبهة واحدة وخندق واحد ضد كل الاعداء المتربصين والكفار المعاندين كما قال تعالى : (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) ، وقال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) ، ثم يبين في الآية الاخرة التي بعدها ان هذا الوعد خاص بالخاص من الناس وليس عاما لكل احد فمن هؤلاء الموعودون قال : (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) ، وكما قال الله تعالى أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) ، ثم يبين الله تعالى كذلك في الآية الاخرى ان هذا الوعد خاص غير عام فمن هؤلاء الموعودون ، قال جل جلاله : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41).
فلننظر نحن ولينظر المسلمون ولينظر الفلسطينيون وكل الناس الى انطباق نصائح الله سبحانه عليهم ، ها سبحان الله ، امسوين لو ما مسوين ، بناهم ايسوون ، لا ما بناهم ايسوون ، فان لم يجدو ذلك ، ها شوف الانطباق ، نصائح الله سبحانه عليهم ، ، هل هم مندرجون بهذه الثلة الصالحة الموصوفة بهذه الآيات ام لا، فان لم يجدوا ذلك فعسى ان يرجعوا إلى أنفسهم ويعيدوا النظر في سلوكهم وأفكارهم وأفعالهم لكي ينالوا التأييد الالهي الحقيقي الذي هو أسمى وأعلى من تأييد كل الخلق ومن تأييد سيد محمد الصدر طبعا بطبيعة الحال لكي نكون جميعا مصداقا لقوله تعالى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ... (60)) ، وقوله تعالى : ( إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) ، ولكن متى يتحقق الدعاء الحقيقي لله حتى يستجاب ، ومتى يتحقق النصر الحقيقي لدين الله حتى ينصرنا الله ، الا بحسن توفيق الله وعندئذ لن يقف امامنا وامامكم اي عدو مهما كان.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً(3)
صدق الله العلي العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 04-05-2017 الساعة 06:10 PM
ابو علي غير متواجد حالياً