رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
الجمعة الثامنة والثلاثون 13 رمضان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
قولوا معي ثلاث مرات كما اقول باللغة الدارجة وليس بالفصيح ..
هذا هذا هدفنا ..
هذا هذا عملنا ..
هذا هذا امامنا ..
هذا هذا عدونا ..
هذه هذه حوزتنا ..
هي هي عزتنا ..
هي هي قائدنا ..
هي هي املنا ..
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ان هذا الشهر المبارك الذي انزل فيه القرآن وجعل هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان قد حضر فسلّمنا فيه وتسلّمه منا في يسر منك وعافية يا من اخذ القليل وشكر الكثير اقبل مني اليسير اللهم اني اسألك ان تجعل لي الى كل خير سبيلا ومما لا تحب مانعا يا ارحم الراحمين يا من عفى عني وعما خلوت به من السيئات يا من لا يؤاخذني بارتكاب المعاصي عفوك عفوك عفوك يا كريم. الهي وعظتني فلم اتعظ وزجرتني عن محارمك فلم انزجر فما عذري فاعفوا عني يا كريم عفوك عفوك اللهم اني اسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب عظم الذنب من عبدك فليحسن التجاوز من عندك يا اهل التقوى واهل المغفرة عفوك عفوك. اللهم اني عبدك وبن عبدك وبن امتك ضعيف فقير الى رحمتك وانت مُنزل الغنى والبركة على العباد قادر مقتدر احصيت اعمالهم وقسمت ارزاقهم وجعلتهم مختلفة السنتهم والوانهم خلقا من بعد خلق ولا يعلم العباد عُلمك ولا يقدر العباد قدرك ولا يعلم العباد عُلمك ولا يقدر العباد قدرك وكلنا فقير الى رحمتك فلا تصرف عني وجهك واجعلني من صالح خلقك في العمل والامل والقضاء والقدر. اللهم ابقني خير البقاء واغنني خير الغناء على موالاة اوليائك ومعاداة اعدائك والرغبة اليك والرهبة منك والخشوع والوفاء والتسليم لك والتصديق بكتابك واتباع سنة رسولك اللهم ما كان في قلبي من شك او ريبة او جحود او قنوط او صرح او بذخ او بطر او خُيلاء او رياء او سمعة او شقاق او نفاق او كفر او فسوق او عصيان او عظمة او شيء لا تحبه فأسألك يا ربي ان تبدلني مكانه ايمانا بوعدك ووفاءا بعهدك ورضا بقضائك وزهدا في الدنيا ورغبة فيما عندك واثرة واطمئنانيه وتوبة نصوحا اسألك ذلك يا رب العالمين الهي انت من حلمك تعصى ومن كرمك وجودك تطاع فكأنك لم تعصى وانا ومن لم يعصك سكان ارضك فكن علينا بالفضل جوادا وبالخير عوادا يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد واله صلاة دائمة لا تحصى ولا تعد ولا يقدر قدرها غيرك يا ارحم الراحمين.
الآية للموعظة
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَإِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}
لا شك ان الصوم بالمفهوم اللغوي اوسع بكثير من المفهوم الشرعي او المتشرعي . قال الراغب الاصفهاني في كتابه المفردات في غريب القرآن : الصوم في الاصل الامساك عن الفعل مطعم كان او كلاما او مشيا ولذلك قيل للفرس الممسك عن السير او العلف الصائم.
قال الشاعر : خيل صيام واخرى غير صائمة.
وقيل للريح الراكدة يعني عن الحركة صوم ولاستواء النهار صوم تصورا لوقوف الشمس في كبد السماء ولذلك قيل قام قائم الظهيرة مقام الفرس ومصامته موقفه يعني المكان الذي يقف فيه او المعد للوقوف فيه. قال والصوم في الشرع امساك المكلف بالنية من الخيط الابيض الى الخيط الاسود يقصد من الفجر الى الليل عن تناول الاطيبين (والظاهر انه يعني بهما الخبز واللحموالاستمناء والاستقاء (هكذا عبارته) يعني الشرب واما قوله تعالى : {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} فقد قيل عنى به الامساك عن الكلام بدلالة قوله تعالى :{فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}وفي لسان العرب لابن منظور عن التهذيب : الصوم في اللغة الامساك عن الشيء والترك له وقيل للصائم صائم لإمساكه عن المطعم والمشرب والمنكح وقيل للصامت صائم لإمساكه عن الكلام وقيل للفرس صائم لإمساكه عن العلف مع قيامه والصوم ترك الاكل قال الخليل: والصوم قيام بلا عمل قال ابو عبيدة: كل ممسك عن طعام او كلام او سير فهو صائم والصوم البيعة ومصام الفرس ومصامته مقامه وموقفه. وقال أمرئ القيس :
كأن الثريا عُلقت في مصامها بأمراس كتان الى صم جندل
ومصام النجم معلقه كأنما كانوا يتصورون ان النجم معلق في البرج او في السماء ومصام النجم معلقه باعتبار انه ثابت هناك لا يتحرك ظاهرا وصامت الريح ركدت وصام النهار صوما اذا اعتدل وقام قائم الظهيرة وبكرة صائمة اذا قامت فلم تدر، بكرة طبعا من نوع الجمل وبكرة صائمة اذا قامت فلم تدر قال الراجز شر الدلائل والغسل ملازمة والبكرات شرهن الصائمة يعني التي لا تدور البكرة التي لا تدور أو التي لا تدر اذا كان نعتا للجمل فمن الحليب الدر واذا كان بكرة بمعنى الذي يلف عليه خيط البئر اذن فهي التي لا تدور صائمة.
اقول ومن هنا اتضح ان الصوم في اللغة اساسه مجرد الترك لأي نشاط او عمل سواء كان عمديا اختياريا ام لا فهو يشمل حتى غير الاختياري ولذا وصف به النهار ووصفت به الشمس لكن بشرط الاستمرار به لبرهة من الزمن ولا يكون ترك العمل للحظة او لحظات صوما لأنه يكون من اي احد لأي عمل وليس هو بصوم بطبيعة الحال وانما الاستمرار بالترك لبرهة هو الصوم لغة طبعا.
واما اذا فهمنا الصوم من زاوية كونه طاعة لله سبحانه فسوف نزيد عليه عنصرا واحدا وهو النية اعني الانتساب الى الله سبحانه وكونه في سبيله اذن فليس كل ترك هو صوم شرعا والا كان كل من ترك الطعام او النكاح ولو باعتبار المرض او السجن او التيه او الفقر او اي سبب آخر صائما غير صحيح وهو فعلا صائم باعتبار المفهوم اللغوي الا انه لا اعتبار لصومه شرعا لأنه ليس في سبيل الله نعم لو صبر على بعض انواع البلاء احتسابا لله سبحانه كان مأجورا وينطبق عليه مفهوم الصوم بالمعنى العام او قل بالمعنى اللغوي ومن هنا فُسر الصبر بالصوم لأنه يتضمن الصبر على ترك بعض الامور المرغوبة للنفس غالبا وفُسر الصبر في القرآن الكريم بالصوم في نحو قوله تعالى (وسنجزي الصابرين اجرهم بغير حساب) اي الصائمين. وليسوا هم صائمين بالمعنى المتشرعي ولكنهم مستمرين على ترك بعض الامور الدنيئة او الرديئة في سبيل طاعة الله سبحانه وهذا هو معنى الصبر طبعا ومن هنا انطبق عليه معنى الصيام.
والمهم اننا اذا اردنا فهم الصوم الشرعي بالمعنى الواسع قلنا هو الترك مع النية يعني ترك اي شيء اذا كان تركه لرضاء الله سبحانه وبطبيعة الحال لن يشمل ذلك الامور الراجحة والمطلوبة لان ترك ما هو راجح ومطلوب قبيح اولاً وغير مرضي لله عز وجل ثانيا فلا يكون تركه مع النية او تركا في سبيل الله وانما يختص الصوم بهذا المعنى بترك الامور المرجوحة والقبيحة والمحرمة ومن ضمنها الامور التي تناسب الشهوات والملذات الدنيوية والنفس الامارة بالسوء. ومن هنا قال بعض اهل المعرفة (الدنيا للمؤمن صوم يوم) يعني يكف فيها نفسه عن الشهوات والملذات والمحرمات برهة حياته القصيرة من اجل ان ينال الحياة الحقيقية في الاخرة حيث لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ومن هنا سمعنا من رسول الله صلى الله عليه واله) بحسب الرواية يقول في خطبته (يا ايها الناس من حسن منكم خلقه في هذا الشهر كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه) .
وبالنتيجة فالمؤمن لن يكون صائما خلال هذا الشهر عن الطعام والشراب والنكاح فقط بل عن كل الشهوات والاعتبارات التي تؤدي الى اثمه ونقصانه وعقابه حتى وان كان في ذلك ملذته الدنيوية وايفاء حاجته العاجلة.
واما قوله (ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه)فان الفرد قد يشعر بالانانية والتسلط فيظلم اولئك الناس الذين تحت امرته كائنا من كانوا ويكلفهم بعض المصاعب التي لا يطيقونها فيكون البلاء الواقع عليهم من ناحيته في ذمته يتكفله امام الله سبحانه وتعالى ومن هنا كان التخفيف عنهم وازالة المصاعب عنهم بمقدار الامكان هو الارجح شرعا لان الرحمة بالناس من رحمة الله سبحانه وتعالى والله تعالى رحمن رحيم يحب الرحمة وفاعل الرحمة.
والذين ملكت يمينه قد يفسر بالعبيد الذين يملكهم الفرد كما كان في المجتمعات السابقة ومعه يكون مضمون هذه العبارة والحكمة منتفيا الان لانتفاء وجود العبيد في هذه العصور الا ان الصحيح ان المراد من الملكية هنا السيطرة أو القيادة او الرعاية كما في الحديث )كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)ومن هنا قيل ان الفرد يملك البيع والشراء اي انه يستطيعهما ومسيطر عليهما في حدود الشرائط الشرعية طبعا وكذلك فان رب الاسرة يملك اسرته اي يسيطر عليها ومن جملة ذلك الزوجة ايضا يملكها اي يسيطر عليها ومن هنا ورد عن النبي هود عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام يقول عن زوجته بما مضمونه كما سمعنا في كتاب منة المنان (هي عدوي وانا ادعو لها بطول العمر لان عدوا املكه خير لي من عدو يملكني) يعني أن عدواً انا مسيطر عليه خير لي من عدو هو مسيطر عليّ طبعا.
لاحظوا .. فاذا عرفنا ان المراد من الملكية وجود السيطرة وليس االملكية بالمعنى السوقي او العرفي عرفنا ان من كان تحت السيطرة يكون مملوكا بهذا المعنى ولذا يقول (صلى الله عليه واله) كما في الرواية (من خفف عما ملكت يمينه) وهذا يشمل كل الحقول الخاصة والعامة فالمدرس مالك لطلابه والمدير مالك لعماله والمزارع مالك لفلاحيه ورب الاسرة مالك لأسرته وغير ذلك.
ومن هنا نفهم سعة قول النبي (صلى الله عليه واله) في كل المسيطرين والناس الذين تتم السيطرة عليهم وانه من الراجح شرعا وانسانيا ودائما ان يستعمل المسيطر طريقة الرحمة والحكمة والعدالة فيمن يسيطر عليهم ولا يكلفهم ما لا يطيقون والا كان ظالما ومتجاوز على حقوقهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴿١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ﴿٢﴾ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴿٣﴾ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴿٤﴾ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴿٥﴾ خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ ﴿٦﴾ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴿٧﴾ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ﴿٨﴾ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴿٩﴾ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ﴿١٠﴾ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ﴿١١﴾ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ﴿١٢﴾ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴿١٣﴾ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ﴿١٤﴾ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ﴿١٥﴾ وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴿١٦﴾ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴿١٧﴾
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الثامنة والثلاثون 13 رمضان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ليس له منازع يعادله ولا شبيه يشاكله ولا ظهير يعاضده قهر بعزته الاعزاء وتواضع لعظمته العظماء فبلغ بقدرته ما يشاء الحمد لله الذي يجيبني حين اناديه ويستر علي كل عورة وانا اعصيه ويعظم النعمة علي فلا اجازيه فكم من موهبة هنيئة قد اعطاني وعظيمة مخوفة قد كفاني وبهجة مونقة قد اراني فاثني عليه حامدا واذكره مسبحا الحمد لله الذي لا يهتك حجابه ولا يغلق بابه ولا يرد سائله ولا يخيب آمله الحمد لله الذي يؤمن الخائفين وينجي الصادقين ويرفع المستضعفين ويضع المستكبرين ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين والحمد لله قاصم الجبارين مبير الظالمين مدرك الهاربين نكال الظالمين صريخ المستصرخين موضع حاجات الطالبين معتمد المؤمنين الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الارض وعمارها وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله الحمد لله الذي يخلق ولم يخلق ويرزق ولا يرزق ويطعم ولا يطعم ويميت الاحياء ويحيي الموتى وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وامينك وصفيك وحبيبك وخيرتك من خلقك وحافظ سرك ومبلغ رسالاتك افضل واحسن واجمل واكمل وازكى وانمى واطيب واطهر واسنى واكثر ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على احد من عبادك وانبيائك ورسلك وصفوتك واهل الكرامة من خلقك اللهم وصل على علي امير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين عبدك ووليك واخي رسولك وحجتك على خلقك وآيتك الكبرى والنبأ العظيم وصل على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وصل على سبطي الرحمة وامامي الهدى الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة وصل على ائمة المسلمين علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والخلف الهادي المهدي حججك على عبادك وامنائك في بلادك صلاة كثيرة دائمة. اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل في الارجح ان تقوموا لذكر الامام (سلام الله عليه) .
اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل والعدل المنتظر وحفه بملائكتك المقربين وايده بروح القدس يا رب العالمين اللهم اجعله الداعي الى كتابك والقائم بدينك استخلفه في الارض كما استخلفت الذين من قبله مكن له دينه الذي ارتضيته له ابدله من بعد خوفه امنا يعبدك لا يشرك بك شيئا اللهم اعزه واعزز به وانصر وانتصر به وانصره نصرا عزيزا وافتح له فتحا يسيرا واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا اللهم اظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة احد من الخلق. اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام واهله وتذل بها النفاق واهله وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
نستمر فيما قلناه في الخطبة الاولى فنقول ويمكن تفسير هذه العبارة المروية عن النبي (صلى الله عليه واله) بتفسير آخر وهو قضية ما ملكت يمينه وهو أننا نفسر تلك اليمين في كلامه بالنص فهذا هو الذي عرفناه واخرى نفهم منه المال والثروة قليلة كانت أو كثيرة والتخفيف من المال والثروة له معنيان كلاهما صحيح وحقيقي وإنساني المعنى الأول : التخفيف من الاكتساب والتجارات الواسعة التي تكون أكثر من حاجة الأنسان بكثير فان ذلك مرجوح اخلاقيا حتى مع دفع الحقوق الشرعية فضلا عن عدم دفعها كما ورد (ما اجتمع درهمان الا من شح او حرام) وقال تعالى (ومن يوق شح نفسه) يعني يوق شح نفسه بالمال يكون به سخيا وباذلا له في سبيل الله وفي سبيل الاخرين.
المعنى الثاني : التخفيف من الصرف والبذخ في اطايب الطعام وجميل اللباس والمنازل العالية والمراكب الفارهة فان ذلك ان كان مع اهمال الدين وترك الورع كان حراما حقيقة وعليه عقوبة فعلية وأن كان مع دفع الحقوق الواجبة كان الحرص على الباقي على الزائد عن الحاجة مرجوحا حقا من الناحية الاخلاقية والانسانية كما سمعنا فيما روي عن امير المؤمنين عليه السلامبما مضمونه (كيف ارضى ان يقال امير المؤمنين ولا اشاركهم جشوبة العيش( .
ثم يقول (صلى الله عليه واله) كما في الرواية (ومن كف شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه) فانه من الواضح ان اي فرد يستطيع ان يصنع الشر لغيره كما انه من الواضح ان الشر الوارد على الفرد على قسمين لانه قد يكون على استحقاقه ومطابق للعدل كدفاع المظلوم والحدود والديات والتعزيرات الشرعية وقد لا يكون على استحقاقه فيكون ظلما محرما وذلك كسائر المظالم التي نراها تقع بين الناس. فهنا يوصي النبي (صلى الله عليه واله) او نقول الافراد سواء كان الفرد صائما او لم يكن ان يكف شره عن الناس او قل عن الاخرين لكي يكف الله عنه غضبه يوم يلقاه وهذا معناه اولا، كف الظلم عن الاخرين وهذا النوع من الشر اي الظلم طبعا محرم على كل حال سواء كان من الصائم او من غيره وسواء كان في شهر رمضان ام في غيره. لاحظوا .. حتى الغيبة البسيطة والكذب البسيط فضلا عن غيره ومن المعلوم ان ترك هذا الحرام كغيره موجب لرضا الرب سبحانه وتعالى. ثانيا : ان الفرد اذا كان له حق على الاخرين ومن حقه استيفاءه كالدين مثلا فليؤجله فان في ذلك زيادة في الحسن العقلي والرفعة الاخلاقية فهو اما ان يؤجله الى الابد ان يترك استيفاءه اي استيفاء حقه اطلاقا زهدا في الدنيا وطمعا برضا الله سبحانه وتعالى كما قيل في الحكمة : (والعفو عند المقدرة). واما اذا كان حريصا على حقه فلا بأس ولكن الافضل له تأجيله عن شهر رمضان المبارك فان في هذا التأجيل رضا الله سبحانه وتعالى ايضا وان الاشتغال بالعبادة خير من الاشتغال باستيفاء الحقوق الدنيوية ولا شك ان مثل هذه الاعمال تعيق عن التوجه الحقيقي المطلوب في شهر رمضان وهذا لا يختلف فيه ايضا الصائم عن المفطر وخاصة اذا كان مفطر عن عذر شرعي صحيح وهذا من معاني ما سمعناه (ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه) .
ثالثا : ان الشر ليس خاصا بالإنسان بل هو واقع او في الامكان ان يقع على الحيوان ايضا. والشر الواقع من الانسان على الحيوان منه ما يكون حراما ومنه ما يكون جائزا والظاهر فقهيا ان اغلبه جائز على اي حال كالتذكية للحيوان المأكول اللحم كالغنم والبقر ولكن اطلاق العبارة تشمله فيكون المفهوم منها ان من كف شره عن الحيوان بكل انواع الشر فهو الافضل اخلاقيا والاعلى ايمانيا وهذا المعنى وان كان عاما لشهر رمضان وغيره الا انه خلال هذا الشهر المبارك اولى واحق اما احتراما للصوم اذا كان الفرد صائما واما احتراما للشهر اذا كان الفرد مفطرا.
بقي في العبارة سؤال واحد وهو قوله : (كف الله عنه غضبه يوم يلقاه) فأي يوم يلقاه ؟ فان الله تعالى لا يمكن ان يلاقيه احد لأنه لا تحده الازمنة ولا الامكنة ولا الجهات وليس من قبيل الاجسام لكي تصح معه المقابلة والاجتماع اذن فما المقصود بلقاء الله سبحانه وتعالى ؟
ومن الملاحظ ان لقاء الله تعالى منصوص في عدد من ايات القرآن الكريم ومنهي بشدة عن تكذيبه كقوله تعالى : (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين) وقوله : (وان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون) وقوله : ((من كان يرجوا لقاء الله فان اجل الله لآت)) وقوله : (الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شيء محيط) وقوله : (فنذر الذين لا يرجون لقائنا في طغيانهم يعمهون) الى غير ذلك من الايات الكريمات.
ومن الواضح عقلا ومتشرعيا ان الله تعالى يستحيل لقائه باللقاء المادي كما هو معلوم من معلوم العقائد الاسلامية ولكن يمكن حمل هذه النصوص وامثالها على معان اخرى محتملة وممكنة بل متعينة لاستحالة اللقاء المادي بطبيعة الحال :
اولا : ان المراد بلقاء الله يوم القيامة كما هو التفسير المشهوري بقرينة انه حصل التعبير في اية اخرى بلقاء الاخرة فيراد من لقاء الله لقاء الاخرة الذي هو يوم القيامة.
ثانيا : ان المراد تقدير مضاف يعني لقاء رحمته لقاء الله يعني لقاء رحمة الله او لقاء حسابه او لقاء عقابه ونحو ذلك.
ثالثا : ان المراد تقدير مضاف بنحو آخر، يعني لقاء اولياءه، لقاء الله يعني لقاء اولياء الله او من يمثله باللغة الحديثة اذا تكلمنا في اللغة الحديثة كالملائكة والمعصومين (عليهم السلام(
رابعا : ان المراد الاشارة الى حالة نفسية اعتبارية ناشئة من الاعتقاد والتاكيد على ان الله تعالى يرى عبده في كل مكان وزمان فهو بين يدي الله فالعبد بين يدي الله وامامه في حسناته وفي سيئاته وفي صلاته وفي كل حال ( فان لم تكن تراه فهو يراك) ومن جملة ذلك انه في الصلاة بين يدي الله وهذا وارد في الروايات وفي يوم القيامة ايضا بين يدي الله وفي حال الحساب والعقاب.
خامسا : اننا وان لم نكن نشعر بلقائه فهو جل جلاله يشعر بلقائنا كما قال تعالى : (هو معكم حيثما كنتم) وقال : (ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة) .
سادسا : ان اللقاء المادي وان كان متعذرا ومستحيلا فان اللقاء المعنوي او الروحي ببعض مراتبه ممكن كما قال امير المؤمنين (سلام الله عليه) في بعض خطبه ما مضمونه : (فانه لا تراه الابصار ولكن تراه القلوب بحقائق الايمان فيكون اللقاء مع الله تعالى بهذا المستوى الرفيع) .
بسم الله الرحمن الرحيم سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴿٢﴾ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴿٣﴾ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴿٥﴾ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى ﴿٦﴾ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ﴿٧﴾ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴿٨﴾ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى ﴿٩﴾ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى ﴿١٠﴾ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ﴿١١﴾ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ﴿١٢﴾ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى ﴿١٣﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ﴿١٤﴾ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴿١٥﴾ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿١٦﴾ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴿١٧﴾ إِنَّ هَـذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ﴿١٨﴾ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴿١٩﴾
صدق الله العلي العظيم
التعديل الأخير تم بواسطة الراجي رحمة الباري ; 22-03-2017 الساعة 05:33 PM
|