19-06-2012, 08:36 PM
|
#1
|
|
الفرق بين الأصحاب والأنصار
الحمد لله الذي حسرت عن معرفة كماله عقول الأولياء ، وعجزت عن إدراك حقيقته أفهام العلماء ، واحد لا شريك له ، لا يشبهه شيء في الأرض ولا في السماء ، والصلاة والسلام على نبيه الخاتم أفضل خلائقه وأشرف سفرائه وعلى آله البررة الأصفياء والأئمة الأتقياء .
قال الإمام الصادق (ع) : " من أراد أن يصبح من أنصار قائمنا فعليه بهذا العهد " .
كل منا تتوق نفسه إلى رؤية إمام زمانه ، وتختلج في وجدانه مشاعر تهتف بانتظار الفرج ، رافعاً يديه داعياً المولى – عز وجل – أن يكون من الأنصار المستشهدين تحت راية الحق وأن يكون من المصلين مع إمام العصر والزمان – عجل الله فرجه الشريف – وأن لا يفرق الله بينه وبين إمام زمانه القائم المنتظر بعد طول الانتظار .
فكيف يمكننا السير في ركبه والكون من أصحابه وأنصاره وما الفرق بين هذا وذاك ؟
الفرق بين الأصحاب والأنصار .
هناك العديد من الـفروقات بين الأصحاب والأنصار تتجلى للمتأمل . والمناط في تلك الـفروقات يعود إلى مستويات الإخلاص التي يكنها كل منهم ؛ والذي ينتجها الامتحان الإلهي في عصر الغيبة وأهم هذه الـفروقات :
1 – الفئة التي اتسمت بالثبات والتضحية وأعلى مستويات الإخلاص هم أصحاب الإمام المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – وهم ( 313 ) رجلاً و ( 50 ) امرأة ؛ والفئة التي هي أدنى منهم مستوى هم الأنصار .
2 – إن الأصحاب عددهم محدود من قبل الله – سبحانه وتعالى – وهم ( 313 ) رجلاً و ( 50 ) امرأة كما ذكرنا ؛ أما الأنصار فعددهم غير محدود .
روي عن الإمام الصادق (ع) : " ... ويجيء – والله – ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكة " [1] .
3 – إن أصحاب الإمام (ع) من فئة الشباب وقل ما يوجد بينهم شيخ مسن بخلاف الأنصار فأعمارهم متفاوتة .
قال أمير المؤمنين (ع) : " إن أصحاب القائم شباب لا كهول فيهم إلا كالكحل في العين ؛ أو كالملح في الزاد وأقل الزاد الملح " [2] .
4 – الأصحاب لهم الدور القيادي ، لذا إذا أردنا أن نكون بهذا المستوى علينا أن نسعى إلى تصفية النفس إلى مستوى القيادية ؛ لأن الأصحاب هم الذين لهم دور القيادة فهم حكام الأرض ، بخلاف الأنصار الذين يكونون تحت إمرة الأصحاب تبعاً لهم ، ومنقادون تحت رايتهم .
والإمام الصادق (ع) يصف الأصحاب بقوله : " هم أصحاب الألوية " إشارة إلى توفر المؤهلات فيهم لقيادة الجيوش والعسكر وعبر عنهم كذلك (ع) بقوله : " وهم حكام الله في أرضه " .
5 – سرعة التحاق الأصحاب بالإمام المنتظر – عجل الله تعالى فرجه الشريف – فيتسارعون ويتسابقون في الذهاب إلى مكة ويحضرون خطبة الإمام (ع) في المسجد الحرام ؛ أمّا الباقين فيتواردون إلى مكة بعد ذلك في الأيام القليلة المقبلة .
6 – سرعة إيمان الأصحاب بالإمام الحجة المنتظر (ع) ومبايعتهم له مباشرة بعد أن يظهر ويعلن قيامه ؛ ومن المعلوم أن الفرد كلما كان أعمق إيماناً وأوسع ثقافة استطاع أن يفهم قول الحق ويشخص القائد الحق من غيره ؛ ومن هنا سيكون الأصحاب هم الرواد الأوائل لمبايعة الإمام المهدي – عجل الله تعالى فرجه الشريف – بعد جـبرئيل (ع) .
هكذا ينبغي لنا نحن الموالين المسارعة إلى الخيرات ؛ لأن المسارعين إلى الخيرات هم أصحاب الإمام (ع) الذين اصطفاهم المولى – عز وجل – لصحبته .
روي عن الإمام الصادق (ع) في قوله تعالى : " فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت الله بكم جميعاً " [3] أنه قال : " يعني أصحاب القائم الثلاثمائة وبضع عشرة وهم – والله – الأمة المعدودة يجتمعون في ساعة واحدة كقزع الخريف "[4] .
لكن السؤال هنا : حول كفاية العدد ( 313 ) رجلاً و ( 50 ) امرأة لقيادة العالم لأن هؤلاء ال**** لا يقودون تجمع واحد بل يقودون العالم بأجمعه ؟ ! ! !
إن المؤمن يسلم ويؤمن بالنظام الكوني الحكيم الذي رسمه الله – سبحانه وتعالى – وارتضاه لعباده لذا نقول :إن العدد المذكور يكون كافياً للقيادة على كونهم ****اً وحكاماً ؛ ويضاف إلى هؤلاء عدد ضخم من الجيش لا يقل عن عشرة آلاف شخص في نواته الأولى عند بدء الحركة .
أي أن القادة هم أصحاب الإمام (ع) الذين هم ( 313 ) رجلاً و ( 50 ) امرأة ؛ وذلك لعمق إخلاصـهم ، وعلو منزلتهم . أمّا العدد المتبقي ( 000 ,10 ) رجلاً هم الأنصار وهم تحت إمرة الأصحاب .
ومن هنا قالت الروايات : " ما يخرج إلا في أولي قوة ، وما يكون أولو قوة أقل من عشرة آلاف " .
نلاحظ أن الرواية تفصح وتنبأ بأن القيام قيام عظيم لذا لا يكون إلا في أولي قوة لذا يمكننا القول :
1 – إن الرواية تنفي بصراحة أن يكون جيش الإمام المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – منحصر بـ ( 313 ) رجلا ً و ( 50 ) امرأة .
2 – إن الرواية تثبت أن العدد المذكور وحده لا يكفي لتشكيل القوة المطلوبة وتحقيق الهدف الكبير ؛ وإنما يقومون بدور القيادة والإشراف بالنسبة إلى غيرهم من الناس .
3 – إن ( 000 ,10 ) جندي كاف في أول حركة الإمام (ع) وكلما اتسعت حركته فإن جيشه سوف يتسع وتتضح أهدافه الكبرى وتكثر أسلحته .
وهنا ينبغي لنا أن ننظر إلى أنفسنا من أي الفريقين نريد أن نكون ؟ أمن الأصحاب أم من الأنصار ؟ أو لا من هؤلاء ولا هؤلاء ؟ ! !
ومن أراد أن يكون من أصحاب الإمام (ع) أو من أنصاره عليه أن يهيأ نفسه ويطهرها من أدران الدنيا ؛ ويسعى لكسب الإخلاص في هذا العمل ؛ فيكون هدفه الحقيقي هو الانتظار للإمام ودولته العالمية ؛ فكل ما يعمله هو استعداد وشوق للقاء إمام زمانه الحجة المنتظر – عجل الله فرجه الشريف – .
قصة ذات معانٍ :
نذكر هذه القصة حتى يتجلى لنا أهمية محض الإخلاص للقاء إمامنا صاحب العصر والزمان – أرواحنا لتراب مقدمه الفداء – .
مجموعة من الأشخاص في البحرين سمعوا أحد الخطباء يتحدث عن أصحاب الإمام (ع) وعن ضرورة وجود ( 313 ) رجلاً ممن محضوا الإخلاص محضاً لظهوره ؛ فتجمع عدد ( 313 ) رجلاً ممن ارتأوا في أنفسهم الإيمان ؛ وهرعوا إلى الصحراء وأخذوا يذكرون الله – سبحانه وتعالى – ويبكون ويتضرعون كي يمن عليهم برؤية إمام زمانهم (ع) فأشرق لهم نور ، وقف في محل وهم ينظرون إليه ، ونزل من هذا المكان رجل جليل عليه سيماء الصالحين – فالإنسان المؤمن تفصح قسمات وجهه عن إيمانه – فهو صاحب نور وإشراق ، اقترب منهم وهم بين خوف ورجاء فقال لهم : لماذا أنتم مجتمعون هنا ؟
قالوا : نطلب رؤية إمام زماننا (ع) .
فقال لهم : إمام زمانكم في هذا المكان ويدعوكم أن تنتخبوا من هذا العدد المتجمع شخص واحد مخلص ... فانتخبوا من رأوه أخلص رجل فيهم .
قال له الرسول : تفضل اصعد ، فدخل المكان الطاهر ... قليلاً وإذا بالدماء تسيل من أعلى إلى أسفل .
بعد فترة جاء الرسول وقال لهم : إمامكم يدعوكم أن ترسلوا المخلص الثاني ؛ هنا الجماعة خافت من رؤيتها للدماء إلا أنهم فيما بعد اختاروا أحدهم فصعد هذا الرجل مع الرسول ... قليلاً أيضاً وإذا بالدماء تسيل من أعلى إلى أسفـل .
جاء الرسول مرة أخرى وقال : الإمام يريد المخلص الثالث .
فقالوا له : الإمام الذي يقتل الناس لا نريد رؤياه .
فقال لهم : إمامكم يناشدكم أن لا تترددوا في إرسال ذلك المخلص .
فقالوا : لا نريد ذلك .
فقال لهم : إن الإمام (ع) لا يقتل الناس بل أنه استبشر بهؤلاء فذبح الذبيحة فرحاً وإكراماً لهم .
هكذا اليوم نقول علماء وكبار وفضلاء لكن هل هناك من هو على مسـتوى المرحلة التي أرادها الإمام (ع) ؟ ! ! !
إذن : إن الإخلاص هو شرط قبول أي عمل ؛ ولن يكون ذلك إلا بـ :
1 – تصفية العمل عن كل شائبة .
2 – تنزيه العمل من أن يكون فيه لغير الله نصيب .
3 – أن يكون عامله لا يريد عوضاً في الدارين .
قال أمير المؤمنين (ع) في الحث على الإخلاص : " عليكم بصدق الإخلاص وحسن اليقين فإنهما أفضل عبادة المقربين " [5] .
وقال (ع) : " تقرب العبد إلى الله تعالى بإخلاص نيته " [6] .
أي أن الإخلاص هو أعلى مراتب الإيمان وتحقيق العبودية لله – سبحانه وتعالى – فهؤلاء المخلصين هم من عجز عنهم الشيطان الأكبر إبليس – لعنه الله – لشدة إيمانهم عندما أقسم قائلاً : " فبعزتك لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين " [7] .
وهنا إبليس – لعنه الله – بعدما أقسم تنبه إلى حقيقة وهي : أن هناك مجموعة من عباد الله المخلصين لا يمكنه كسبهم بأي طريقة وإدخالهم تحت سيطرته ؛ فاعترف بعجزه في كسبهم وما ذلك إلا لأن الله تعالى جعلهم في منطقة آمنة وهذا فخر لهم
وأخيراً : حري بنا أن نعلم أن مقام المخلصين لا يناله إلا من انتصر في جهاده الأكبر الذي هو جهاد النفس ، وشمله اللطف الإلهي بإزالة كل شيء غير خالص ؛ ليصفو وجوده فلا يبقى سوى النفس الطاهرة النقية الخالصة ؛ فإن الإخلاص سرُّ من أسرار الله كما في الحديث القدسي : " الإخلاص سرُّ من أسراري ، استودعه قلب من أحببت من عبادي " .
نسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يجعلنا من عباده المخلصين لنكون في ركب مولانا إمام العصر والزمان – عجل الله تعالى فرجه الشريف – .
الهوامش :
[1] إلزام الناصب 1 : 116 – بحار الأنوار : م 52 ، ص 223 ، ب 25 ، ح 87 .
[2] بحار الأنوار : م 52 ، ص 27 ، ح 63 .
[3] سورة البقرة : آية ( 148 ) .
[4] ينابيع المودة ، ورواه النعماني في كتاب الغيبة : ب 20 ، ح 3 .
[5] ،[6] – غرر الحكم .
[7] سورة ص : آية ( 82 – 83 ) .
|
|
|