30-10-2012, 06:41 PM
|
#1
|
|
في كيفية اسلام أبي ذر
روى محمّد بن يعقوب الكليني رحمه الله بسند معتبر عن الامام جعفر بن محمد عليهما السلام انّه قال :
ألا اُخبركم كيف كان إسلام سلمان وأبي ذرّ ؟ فقال الرّجل وأخطأ : أمّا اسلام سلمان فقد عرفته ، فأخبرني باسلام أبي ذرّ ، فقال : انّ أبا ذر كان في بطن مرّ (2) يرعا غنماً له ، فأتى ذئب عن يمين غنمه فهش بعصاه على الذئب ، فجاء الذّئب عن شماله فهشّ عليه أبو ذر ، ثمّ قال له أبو ذر : ما رأيت ذئباً أخبث منك ولا شرّاً ، فقال له الذئب : شرّ والله منّي أهل مكّة ، بعث الله عزّ وجلّ إليهم نبيّاً فكذّبوه وشتموه.
فوقع في اُذن أبي ذر ، فقال لامرأته : هلمّي مزودي (3) ، وأداواتي وعصاي ، ثمّ خرج على رجليه يريد مكّة ليعلم خبر الذئب وما أتاه به ، حتّى بلغ مكّة فدخلها في ساعة حارّة وقد تعب ونصب ، فأتى زمزم وقد عطش ، فاغترف دلواً فخرج لبن ، فقال في نفسه : هذا والله يدلّني على انّ ما خبرني الذئب وما جئت له حقّ.
فشرب وجاء الى جانب من جوانب المسجد ، فاذا حلقة من قريش ، فجلس إليهم فرآهم يشتمون النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كما قال الذئب ، فما زالوا في ذلك من ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والشّتم له حتّى جاء أبو طالب من آخر النّهار ، فلمّا رأوه قال بعضهم لبعض : كفّوا فقد جاء عمّه. قال : فكفّوا فما زال يحدّثهم ويكلّمهم حتّى كان آخر النّهار ، ثمّ قام وقمت على أثره ، فالتفت اليّ ، فقال : اذكر حاجتك ؟ فقلت : هذا النبي المبعوث فيكم ؟ قال : وما تصنع به ؟ قلت : أومن به واُصدقه ، وأعرض عليه نفسي ، ولا يأمرني بشيء الاّ أطعته ، فقال : وتفعل ؟ فقلت : نعم ، قال : فتعال غداً في هذا الوقت اليّ حتّى أدفعك إليه.
قال : بتّ تلك اللّيلة في المسجد حتّى إذا كان الغد جلست معهم ، فما زالوا في ذكر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وشتمه حتّى إذا طلع أبو طالب ، فلمّا رأوه قال بعضهم لبعض : أمسكوا فقد جاء عمّه.
فأمسكوا ، فما زال يحدّثهم حتّى قام ، فتبعته فسلّمت عليه ، فقال : اذكر حاجتك ؟ فقلت : النبي المبعوث فيكم. قال : وما تصنع به ؟ فقلت : أومن به واُصدّقه ، واعرض عليه نفسي ، ولا يأمرني بشيء الاّ أطعته ، قال : وتفعل ؟ قلت : نعم ، فقال : قم معي.
فتبعته فدفعني الى بيت فيه حمزة عليه السلام فسلّمت عليه وجلست ، فقال لي : ما حاجتك ؟ فقلت : هذا النبي المبعوث فيكم ، فقال : وما حاجتك إليه ؟ قلت : أومن به واُصدّقه ، وأعرض عليه نفسي ، ولا يأمرني بشيّ الا أطعته ، فقال : تشهد أن لا اله الاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، قال : فشهدت.
قال : فدفعني حمزة الى بيت فيه جعفر عليه السلام ، فسلّمت عليه وجلست ، فقال لي جعفر عليه السلام : ما حاجتك ؟ فقلت : هذا النّبي المبعوث فيكم ، قال : وما حاجتك إليه ؟ قلت : أومن به واُصدقه ، وأعرض عليه نفسي ، ولا يأمرني بشيّ الاأطعته ، فقال : تشهد أن لا اله الاّ الله ، وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله.
قال : فشهدت ، فدفعني الى بيت فيه عليّ عليه السلام ، فسلّمت وجلست ، فقال : ما حاجتك ؟ فقلت : هذا النّبي المبعوث فيكم ، فقال : وما حاجتك إليه ؟ قلت : أومن به واُصدّقه ، وأعرض عليه نفسي ، ولا يأمرني بشي الا أطعته ، فقال : تشهد أن لا اله الا الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، قال : فشهدت.
فدفعني الى بيت فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فسلّمت وجلست ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : ما حاجتك ؟ قلت : النبي المبعوث فيكم ، قال : وما حاجتك إليه ؟ قلت : أومن به واُصدقه ولا يأمرني بشيء الاّ أطعته ، فقال : تشهد أن لا اله إلا الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، فقلت : أشهد أنّ لا اله الاّ الله ، وأن محمّداً رسول الله.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا أبا ذر انطلق الى بلادك فانّك تجد ابن عم لك قد مات ، وليس له وارث غيرك ، فخذ ماله وأقم عند أهلك حتّى يظهر أمرنا ، قال : فرجع أبو ذرّ فأخذ المال ، وأقام عند أهله حتّى ظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ______
(1) الخصال 2 : 447 ح 48 باب العشرة ـ عنه البحار 22 : 350 ح 75 باب 10.
(2) بطن مَرّ ـ بفتح الميم وتشديد الراء ـ موضع على مرحلة من مكّة.
(3) المزود : ما يجعل فيه الزاد.
|
|
|