بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك يا طفل العراق , السلام عليك يا غصن العراق المخضر , السلام عليك يا جيل العراق الصاعد , السلام عليك يا ريحانة العراق الفواحة بالأريج والمسك , السلام عليك من طفلٍ تربى بأحضان المقدسات , السلام عليك من غصنٍ ترعرع من ماء فراتٍ سائغ شرابه , السلام عليك من جيلٍ بأيادي الهدى قد تكامل , السلام عليك من شجاعٍ للشجاعة يصبو , السلام عليك من طفلٍ بحب المقدسات يعلو .
أيها الطفل العراقي العزيز : أنت نواة العراق وأنت منبع الأجيال , أنت ربيع العراق وأنت مستقبل العراق , فإن أخذنا بيدك نحو التكامل , تكاملَ العراق , وإنْ حاكَ الأعداء ضدكَ المؤامرات فنحو تسافلٍ ذاك العراق
ـ لاسمح الله ـ
يا أطفال العراق ,, يافلذات أكباد الرجال والنساء , بكم يحلو البقاء وبكم يندفع الشقاء , وأنتم يامن تبعدون العناء , أبعد الله عنكم الفناء , وعمّر بكم السخاء , وقرّب بكم الرخاء , إنه على ذلك من القادرين .
أما بعد ,,
فإني أوجه رسالتي المتواضعة هذه الى جيوشِ الحقِ مستقبلاً , وأعداء الباطل دوماً , لآخذ بيدهم من ظلمة الطريق الى نور البريق , ومن ذلة العار والخضوع الى شمس الحرية والسطوع , لكي يبنوا عراقنا الحبيب بأيادٍ لم تتلطخ بالدنيا الدنيةِ بعد , فأنت الطفلُ البريء الذي مازال في بحبوحةِ السلام والوئام , ولتعلم إنّ التعلمَ بالصغر كالنقشِ على الحجر , فإنك إن تمسكتَ بتعاليم دينكِ الحنيف من الآن , فأنتَ له حافظ ولأحكامه مُطبق , بل لعلك لإستنباطه قادر .
وإن جعلتَ صلاتك معراجك فأنتَ عن الفحشاء والمنكر تحيد , وللصلاح والاصلاح تميل , وإنْ أطعتَ الوالدين فذاك برٌ جميل , فلا تعصِّينهم بل كن لهما بأخلاقك الحسنة ولسانك الطيب مُنبّه ولا تقل لهما أُفٍ ولا تنهرهما فقد ربياك جيلاً وأجيالاً , وعاماً وأعواماً , وبذلوا من أجلك أموالاً وأموالاً , وتحملوا أحمالاً وأحمالاً , من أجل أن تكبر وتترعرع فتأخذ بيديهما كباراً , لكن إنْ جاهداك على أن تُشرك بما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما , لكنْ كُنْ لعزتهما طالباً , ولذلتهما غير راغبٍ , فصاحبهما في الدنيا معروفاً وإتبع سبيل من أناب .
فإن قصّر الكبير فأنت له مذكّر , لكن لا تجعل ذلك طريقاً لبعد الناسِ عنكَ , بل إجعله طريقاً لإرضاءِ الله أولاً وهداية الناس ثانياً , فبفعلك الصالح تأمُر وبترككِ للطالح تنهى , وكُنْ مقدماً للكبير دوماً إلا ماحّرم الله , فإحترامُ الكبير واجبٌ , ألا ترى الكبير يعطف على الصغير , فهذه سُنّة الله في أرضه وحدود الله في خلقه فلا تتعداها , وكُنْ قواماً بالقسط فلا الضحك دوماً ولا الغضب يكن لك عادة , بل توسّط في كل الأمور فلكلٍ مورد , ولا تُخالط أصدقاء السوء فإنهم للباطل يُقرِّبوك وعن الحقِ يُبعِدوك , وإحذر كُلَّ الحذر فإنّ الشيطان يتربص بك السوء فلا تجعل له عليك سبيلاً , وإعلم إنك موجودٌ في كل مناطق العراق , فأرض العراق أرضك , فلابد لصوتك أن يسمو مادام بالحق يعلو , فهو مطلوب , فإجعل بصوت الحق عراقاً للعلم والتقوى مناراً , وللوئام والسلام ملاذاً , وإني أتمنى لك العيش في عراقٍ مستقلٍ آمناً , وأدعو الله أن يُبعد عنك شرور كل معتدٍ أثيمٍ , فهاهو المحتل يتواجد في بلادنا الحبيبة ليفسد عقول أطفالنا , فأحذروا ولا يغرّنكم تقلبه في البلاد , فهو عدو الله وعدوكم وهو الباطل بعينه , وإنّ الباطل كان زهوقاً , والحق يعلو ولا يعلى عليه .
وإعلمْ أنّ قلب الطفل تملؤه الفطرة الجيدة والبراءة الرائعة فهو لازال نظيفاً غير متسخ بأتربة الفساد والرذيلة , وغير متشح بأزِّمة القنوط والبؤس فإنه لازال كبرعم أخضر يانع يتقبل كل جميل ولطيف , وأبوابه مفتحة لربه وللحق معاً , فغدا يزهو بإيمانٍ ودين , ذاك قلبٌ إن ملأته بالحق كان صالحاً , وإن ملأته بالباطل كان طالحاً , ربنا فقنا عذاب النار , فلذا فإنه بمجرد بزوغ شمس الهداية والصلاح ونور الكمال والفلاح فإنّ شعاعهما يصل قلوب كانت جاهزة لمثل ذلك , ألا وهي قلوب الأطفال فإخترقت أشعة الهداية قلوبهم وعقولهم لتبني جيلاً كاملاً متكاملاً , ليأسس البنيان فوقه , فالطفل كأساس للبنيان إن كان قوياً علا وكبر البنيان , وإلاّ كان قليلاً .
والطفل كالوعاء إن كان صالحاً , إستطاع الحق أن يستقر فيه وإلاّ فعنه يحيد , وحيث كان الطفل عائداً الى مربيه أياً كان سواء الأب , أم الأم , أم غيره عموماً , فيا إخوتي إنّ بين أيديكم جيلاً أحب الحق وإتبعه صدقاً , فليكونا لأولادهما قدوة في الحق , وليُعبّدن طريقاً لأطفالهما مستقيماً , فإنهما مسؤولان عنه يوم القيامة , وليتخذا طريق الحق سبيلاً ليحذو الطفل حذوهما , وليجعلا من أولادهما وعاءاً للخير , ليريا منه كل جميل , فإنهما إن أخذا بيده صغيراً فسيأخذ بيديهما كبيراً , ومن زرع الخير في نفوس الأطفال يحصده بعد حين , وكذا الشر لاسمح الله .
فتجنب أيها الكبير أن ترتكب الأخطاء أمامه فلعله ثقة بك يحسبه حقاً , وتجّنب أن تتركه بلا رقيب فإن كبر على الباطل ندمت , وإن كبر على الفساد حرمت , فكن رقيباً على نفسك أولاً , وعليه ثانياً فهذا واجبك .
وإعلم أن الايمان فيهم مزروع , والكفر فيهم مقلوع ,
فقد قال تعالى :
(( لكن الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم , وكره إليكم الكفر
والفسوق والعصيان ))
وهذا من الصغر بطبيعة الحال , وإعلم أنّ السيد الوالد ( قدس سره الشريف ) قد علمّنا الصلاة صغاراً , وحثنا على الصوم صغاراً , وكان مراقباً لنا في حياتنا , فإن أخطأنا نهانا , وإن أصبنا جازانا , وإلتزمنا العلم ملاذاً , والدين مآباً , والورع لباساً , وهكذا يبني جيلاً وأجيالاً , فإحذوا حذوه لكي يرضى عنا أولاً وآخراً .
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين .
مقتدى الصدر