من المسؤول عن ملئ الأرض ظلماً وجوراً ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلٍ على نبيك المصطفى وعلى آلهِ النجباء وعجل فرجهم وألعن عدوهم
السعادة ، السلام ، الأستقرار ، أمنيات تتوق كل شعوب العالم لتحقيقها لكن الاماني شئ والواقع شئ آخر " فليس كل مايتمنى المرء يدركه ..." فبالرغم من ان الله جلَ شأنه ارسل الانبياء والمرسلين والكتب السماوية وسخر للأنسان مافي البر والبحر .
قال سبحانه : { وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الجاثية13
واعطاه دستورا كاملاً يضمن له تلك السعادة لو عمل به وطبقه وفق ما اراد الله، الا ان هذا الانسان تنحى جانباً عن ما انزله اللهوأراده له ، وسار خلف دساتير وضعية من نتاج عقل قاصر ومصالح فئوية سُنت من قبل قوى الاستكبار بمايناسب مصالحها ويمكنها من استغلال شعوب العالم .
فبعد ان تفردت قوى الاستكبار العالمي وعلى رأسها كبيرة الشر امريكا ورفعت شعار العولمة فاستعبدت فقراء الدول وهيمنت على مقدرات الدول الاخرى فصارت تتدخل في دقائق الشؤون الداخلية لشعوب العالم بحجج شتى مرة لنشر الديمقراطية ومرة للدفاع عن تلك الشعوب وحمايتها واخرى لنشر السلام والديمقراطية فتختلق الحجج وما اكثرها للنفاذ الى تلك الدول واللعب بسياسات هذه الدولة مستغلة حكام هذه الدول الذين نصبتهم وفق شريعتها بصورة مباشرة او غير مباشرة تاركة الشعوب مظلومة من جهة وتظلم بعضها البعض من جهة أخرى وتستعر تحت نيران الحروب والاقتتال الداخلي او فيما بيها او تترنح تحت ضربات الفقر والحرمان الموجعة فآلت الأوضاع في وقتنا الحاضر في الأعم الاغلب من بقاع العالم اما الى حروب او تشرذم او فقر أو خواء روحي وأخلاقي او كوارث طبيعية وصار القوي يأكل الضعيف والضعيف يأكل حق اخيه الضعيف وعمَ الفساد والجريمة وساءت الاحوال ولم تتخلف عن هذا الامر الشعوب المسلمة بل كانت اشد المتضررين واول المبتعدين عن دستورهم وعقيدتهم الا مارحم ربي .
ورغم ان دول الاستكبار وامريكا بالذات لها الباع الاكبر في إيصال الوضع الى ماهو عليه من الظلم والبؤس والآلآم والوضع المتردي الا اننا لايمكن ان نغض النظر عن مسؤولية الناس كأفراد او مجموعات ومساهمتها فيه فإن الفرد له جزء من تلك المسؤولية وهو محاسب عن ذلك التقصير الذي بدر منه في قبوله لتلك القوى في الطغيان لأن استسلامه لتلك المخططات او قبوله لها وسكوته عنها كونها تساير رغباته ونفسه الامارة بالسوء وعدم رفضه للظلم . بل وصل الامر به الى التمجيد والتصفيق للظالمين من الحكام والمستبدين الذين نُصبوا من قبل تلك القوى ففي الوقت الذي نلوم فيه الحكام لإستعبادهم لخلق الله نلوم الناس الذين ركعوا لهؤلاء الظالمين والمستكبرين . فساهموا في صنعهم وتمكينهم من رقابهم ، فالفرد بتلك الأفعال جعل طوق المسؤلية وإن كانت نسبية في عنقه من حيث شعر او لم يشعر قال تعالى :
{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال25
ورغم ذلك إلا أن ربنا جل شأنه لم يترك قوى الشر تتصرف وفق مشتهياتها وكما يحلو لها بل كلما كان للشيطان توسع في دائرة عمله كان للرحمن سبل جديدة وآفاق اكثر لتكامل المؤمنين من خلال ايجاد المصلحين المخلصين في المجتمعات الاسلامية او غير الاسلامية الذين يقفون حجر عثرة دون تحقيق مخططات وسياسات دول الاستكبار وإيقاض الشعوب من غفلتها وتحفيز قوى الخير فيها فالانسان بطبيعة خلقه اودِعَ فطرة الله وهي الخير المحض قال تعالى :
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }الروم30
إذن ربنا فطر الناس كل الناس ، ولم تكن تلك الفطرة التي اودعها فيهم خاصة بالمسلمين دون غيرهم ولايمكن ان تتبدل هذه الخلقة. الا ان الانسان هو الذي يبني السدود والحواجز على تلك الفطرة بأرادته بأكتساب المآثم وأرتكاب المحارم فتحول بينه وبين السير نحو الفضيلة التي تحقق له السعادة . {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }الإنسان3
ومن هذا المنطلق يكون الانسان بصفته فردا او مجتمعاً او متبوءاً للمسؤولية في أي مجال من مجالات الحياة بغض النظر عن انتماءه الى جهة او مبدأ او حكومة مساهم في إيجاد الظلم ومشارك فيه فكل جهة قد أخذت على عاتقها نشر الظلم بما يتناسب وقوتها فالقوى الأستكبارية ظالمة غاشمة للشعوب وحكامها المنصبون على رقاب الدول الفقيرة الأخرى جائرين اشد الجور والأعم الأغلب من افراد تلك الشعوب ظالمين لبعضهم البعض ومن هنا جاء التعبير دقيقاً في أحاديث كثيرة وله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي مني.. يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما). }معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 126 128).. { فأن صفة الجور تخص الحكام المتربعين على عروش الرئاسة والمتحكمين بمقدرات شعوبهم والظلم يخص الناس فيما بيهم او الفرد نفسه فأقل الظلم ظلم الفرد لنفسه ناهيك عن عائلته ومجتمعه صعوداً الى ظلم امام زمانه . فهم مساهمين في ايجاده ومشاركين في هذا الظلم .
وأروع ماقرأت في تصوير هذه المسألة ماكتبه سماحة الولي والمصلح الكبير السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره حيث يقول ((وإذا تهاوت كل التجارب على صخرة الواقع، يحدث عند البشر عموماً يأس نفسي قاتل من المبادىء المعروضة كلها وإحساس عميق بأنها غير قابلة لرفع المظالم عن كاهل البشرية، وإبدالها بالسعادة والرفاه. لكن خيط الخير وومضة النور، تبقى تعتمل في صدور الناس بشكل غامض عميق الغموض، إن خيط الأمل باالسعادة سوف لن ينقطع. وينبعث أمل غامض بأن هناك مبدأ مجهولاً عادلاً يمكن أن يضمن للبشرية سعادتها ورفع المشاكل من ساحتها. ويزداد الأمل أصالة ووضوحاً كلما ازداد الإحساس بفشل المبادىء المعروضة في العالم. لا يختلف في هذا الأمل، مؤمن عن كافر... فإن الكل يحسون بالظلم وإن كانوا مشاركين في إيجاده، وكلهم يشعرون بمرارته وقساوته، كما أن الجميع سيعرفون فشل المبادىء المعروضة لحل مشاكلهم، وأنها إنما أضافت إلى الظلم ظلماً، وإلى المشاكل مشاكل.فتنعكس هذه الأحاسيس على شكل تصور لا شعوري مجمل يتضمن انبثاق المبدأ المؤهل لإيجاد السعادة في يوم من الأيام، ويصبح البشر على العموم في حال انتظار غامض لهذا الغد السعيد المنشود... تماماً كما ينتظر المؤمن ظهور المهدي ع انتظاراً واضحاً.)) }تاريخ مابعد الظهور {
ولمعرفة مدى الجور والظلم في الأرض ماعليك سوى ان تدقق النظر بتمعن على احداث العالم لترى ان دول اوربا او العالم الغربي رغم إنها تتمتع برفاهية العيش من حيث الخدمات العامة والتطور العلمي في الصناعة الا ان شعوبها تعاني من خواء روحي قاتل سبب انتشار الفساد الاخلاقي فنتج عن تفسخ اخلاقي وعائلي سبب اوبئة مهلكة كالأيدز والأنفلاونزا الوبائية كل هذا سبب انتشار الجريمة فأمتد الفساد الى الطبيعة فكل يوم عاصفة وزلزال (وتسونامي) يدمر ويخرب البيوت ويهلك الحرث والنسل فأي سعادة وأي سلام وأي استقرار في هذه البقعة؟.
اما في في دول افريقيا فحدث ولاحرج من الفقر والحرمان والأمراض والأقتتال والأوبئة ؟
أما الطامة الكبرى فهي في دولنا الأسلامية والعربية وماتعانيه من ظلم وجور رغم ماتملكه من عناصر اقتصادية هائلة وما حباها الله به من خيرات الا انها صارت مصدر نقمة عليها بدل ان تكون نعمة من الله وما ذاك الا من جراء سياسات حكامها وافعال ابناءها وابتعادهم عن دستورهم وقادتهم الذين جعلهم الله قادة ليسيروا بهم نحو السعادة الأبدية . حتى ربيعهم العربي وشعارهم المأثور ( الشعب يريد اسقاط النظام ) قوبل بشعار قوى الأستكبار ( أمريكا وأسرائيل تريد إسقاط الشعوب ) فتكاد زمام الأمور تنفلت من يد تلك الشعوب بعدما وضفت امريكا ما استطاعت من قوة لجر النار لقرصها وتحويل مجرى تلك الثورات لمصالحها ونحن عن هذا غافلون . فأي سعادة نعيش وبأي أستقرار نتمتع وأي سلام نرى ؟
ولكن الله رحيم بعباده وأكبر وأجل من أن يتصور الفرد تلك الرحمة ومدى وسعها فلو أخذ اهل الأرض بهذه الأفعال لما بقيت ولابقي أهلها الم نقرأ كتابه الكريم وهو يصرح ، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً }فاطر45
وكل هذا بما كسبت أيدي الناس حيث قرآن محمد صلى الله عليه وآله يصدح آناء الليل وأطراف النهار {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }الروم41
من هذا كله يتضح جلياً ان معسكر الحق المتمثل بإمام العدل المهدي عجل الله فرجه وانصاره الذين اخلصوا له مهمتهم ملئ الأرض عدلاً وقسطاً والمعسكر الآخر هو قوى الإستكبار العالمي ومن رضي بفعلهم وساهم فيه ومهمتهم ملئ الأرض ظلماً وجوراً
والسؤال المهم الذي لابد ان يطرحه الفرد على نفسه ،
في أي المعسكرين أنا وفي أي منهما ساهمت ؟؟
اللهم انا نسألك برحمتك التي وسعت كل شئ إرحمنا بظهور ولينا وإمامنا الحجة بن الحسن المهدي ليملأها كما وعدتنا عدلاً وقسطاً بعد ما مُلِئت ظلماً وجوراً..
والحمد لله رب العالمين .

( أو لما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )
جزاك الله تعالى خيرا على هذا الطرح المعمق
اللهم انا نسألك برحمتك التي وسعت كل شئ إرحمنا بظهور ولينا وإمامنا الحجة بن الحسن المهدي ليملأها كما وعدتنا عدلاً وقسطاً بعد ما مُلِئت ظلماً وجوراً..

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
جزاك الله خيرا على هذا الطرح الرائع والشيق
فالقوى الاستكبارية اليوم تكاد تكون مسيطرة حتى على الهواء الذي يتنفسه الناس
فلم تبقِ مجالا للفساد والافساد الا وعملت به وخصوصا افساد عقيدة المؤمنين
ومحاولة اغرائهم بالمغريات العصرية التي ابتكروها حتى يلهوهم عن الهدف الاسمى الذي خلقوا من اجله .
نسأل الله ان يعجل فرج مولانا صاحب الزمان وان يوفقنا لنصرته

نورت الموضوع اخوي الاستاذ
الف شكر لتواجدك
تحياتي

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
احسنت اخي الغالي على الطرح المبارك والموفق
نعم يااخي، فقد ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس فاظهر اللهم لنا وليك ..
فمن فساد اخلاقي الى فساد مالي ...الى والى وفي كل الشعوب ولاننسى ماقاله السيد القائد بانه قد ملئها الثالوث المشؤم ظلما وجورا وعلى الرغم من ذلك الظلم نرى الجهل من جهة اخرى فيدافعون عمن ظلمهم لمجرد خدع لاتنطلي على اتفه العقول ولايرضون بتغير واقعهم ، وكما قال تعالى (لايغير الله مابقوم حتى يغيروا مابانفسهم)