أعداء الدين

الملف الشخصي · 13-05-2015, 06:21 PM

أعداء الدين
----------
اخبر الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم بأن اليهود والنصارى لن يرضوا عنه , حتى يتبع ملتهم , ومع علمه سبحانه وتعالى بعصمة نبيه (محمد) صلى الله عليه واله وسلم
وإنه لم يتبع أهوائهم بحال فقد وجه اليه هذا التحذير : (( ولئن أتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير )) .
وذكر المفسرون لصحة هذا النهي والتحذير وجهين : _
الأول – إن المعصية ممكنة الصدور من النبي ذاتياً , ممتنعاً عرضاً , أي انه يترك المعصية مع قدرته على فعلها , وألا لم يكن الفضل على تركها , وجاء النهي والتحذير بالنظر إلى ما هو ممكن بالذات , بغض النظر عما هو ممتنع بالعرض , أي بلحاظ العصمة .
الثاني – إن الخطاب هنا من باب (( إياك أعني وأسمعي يا جارة )) أي إنه موجه للنبي في الظاهر , وللناس في الواقع .
وقد تصور المفسر محمد جواد مغنية في تفسير الكاشف وجهاً ثالثاً :-
وهو إن ((النبي محمد صلى الله عليه وأله وسلم )) ربما دار في خلده أن يتقرب من اليهود إلى حد ما – عسى أن يهتدوا , أو يستعين بهم على ما يبتغيه من الخير , أو يخفف من غوائلهم , ويكف عن بعض شرورهم – فبين الله له أن أعداء الدين والمبدأ لا يرضيهم منك شيئاً ألا أن تترك ما أنت عليه من الحق , وتتبع ما هم عليه من الظلال ثم نهاه عن مهادنتهم والتقرب منهم , لأن ذلك يساعدهم , ويشد من عضدهم من حيث لا يريد , وهذه التقوية والمساندة محرمة عليك يا محمد , وعلى غيرك , تماماً كما يحرم أتباع دينهم – هذا إلى إن اليهود قد جُبلوا على الشر والفساد ومعاندة الحق وأهله , والإساءة إلى من أحسن إليهم , ولا تجدي أي محاولة للسلم , وكف الأذى وخير الأجوبه إن لله أن يأمر وينهى المعصوم كما ينهى ويأمر غير المعصوم بالنظر لجلاله سبحانه وتعالى , وإذا كان من فرق بين المعصوم وغيره فهو بالنسبة إلى غيره تعالى لا بالنسبة إليه .
ثم إن هذا النهي والتحذير يدمغ من يتملق لأعداء الدين والوطن متذرعاً انه يريد استغلالهم لمصلحة المؤمنين --- ولكن العكس هو الصحيح فإن عدو الدين والمبدأ
لا يسالم إلا على أساس التجارة والمساومة , وأن يكون هو الرابح دائماً وشعاره الوحيد خذ ولا تعطِ فإن لم تستطع فخذ أكثر مما تعطي - - ولقد بين الله سبحانه وتعالى حقيقة هؤلاء التجار بأوضح بيان وأبلغه , حيث قال : (( ولتجدنهم أحرص الناس على حياة --- )) 96 – البقرة .
أخبر القرآن اليهود أشد الناس حرصاً على حياة الدنيا بل هم أحرص عليها من الذين
لا يؤمنون بجنة ولا نار بل إن الواحد منهم يتمنى لو عاش ألف سنة ولكن تعميره لا يجديه شياً ولا ينجيه من العذاب – والغرض من الجدال بهذا المنطق العقلي السليم
هو ألزام اليهود الحجة بأنهم كاذبون في دعواهم الإيمان بالتوراة في زعمهم بأنهم شعب الله المختار .
قال الشيخ المراغي في تفسيره : جاء في الأخبار أن عبدالله بن رواحة كان ينشد وهو يقاتل الروم : يا حبذا الجنة واقترابها --- طيبة باردة شرابها .
وان عمار بن ياسر قال : غداً نلقى الأحبه --- محمد وصحبه .
فأن لم يتمنى اليهود الموت فما هم بصادقي الإيمان , وهذه حجة تنطبق على الناس عامة , فيجب على المسلمين أن يجعلوها ميزاناً يزنون بها دعواهم اليقين بالإيمان والقيام بحقوق الله , فأن ارتاحت نفسهم لبذل أرواحهم في سبيل الله كانوا مؤمنين حقاً
وإن ضنوا بها أذا جد الجد ودعا الداعي كانوا بعكس ما يدعون .
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من المؤمنين المضحين في سبيل الله والدفاع عن مذهب أمير المؤمنين وإمام المتقين عليه السلام , ومراقدنا الشريفة ببركة الصلاة على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين .