وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم و العن عدوهم

على الرغم من كل الاغراءات و المرغبات في هذه الدار {دار الدنيا} التي تغري عيون البعض فتزين لهم قبحها و تزيل قلوبهم تجاهها فتجعلهم يُفتنون بها و يسكنون اليها فيعتبرونها محط رحلهم و منتهى أملهم و مبلغ اجلهم متناسين انها دار بلاء و شقاء دار ترهق من احبها و ركض خلفها دار تخضع لمن هجرها و جفاها .

هي الدنيا تقول بملئ فمها حذار حذار من بطشي و فتكي

فلا يغرركم حسن ابتسامي فقولي مضحك و الفعل مبكِ

انا الدنيا كشهد فيه سم و الا جيفة طليت بمسكِ

فنجد كثير من افراد المجتمع يستقر بهم المطاف و التفكير بان الدنيا هي ذلك المحط الذي لا مناص منه في الخلود والبقاء فيروحون الى اعمارها اشد الاعمار حتى ترهقهم الكثير و تسلب منه الراحه متناسين انما هي دار اعدت للشقاء و البلاء بمختلف أنواع المحن و الاشكال فلم يسلم من بلاءها حتى الأنبياء و الاوصياء (سلام الله عليهم) .فبالتالي يقعون في مصائد الشيطان عليه اللعنه واغواءه (والعياذ بالله)

قال تعالى : { واذا انعمنا على الانسان اعرض و نأى بجانبه واذا مسه الشر فذو دعاء عريض} فصلت-51-

اذن فعلا الفرد التفكير مليا في الدار الحقيقيه التي في الخلود اما بنعماء و راحه او بضراء و تعاسه وعليه ان يبني تلك الدار بازكى الاعمال و اطيبها التي تخرج من قلب صافي ونفس مطمئنة و روح زكية ،لكي لا يعظ انامله يوم يكون بصره حديد يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ويقول { رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت }

والقران الكريم كثيرا ما صرح بهذه الحقيقه

قال تعالى : { وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

وقال أيضا جل قدسه : { يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)}الفجر

لكن من يربح و يُسعد في نهاية المطاف

قال تعالى: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}

وهنا يستحسن بنا نقل هذه الوقفة لأمير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

وقف الامام علي بن ابي طالب (ع )ذات مره امام المقابر و قال للاموات

يا أهل القبــور

,أما الأزواج فقد نكحت

,وأما الديار فقد سكنت

,وأما الأموال فقد قسمت

,وهذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم ؟

ثم إلتفت إلى أصحابه وقال : أما إنهم لو تكلموا لقالوا :

(وجدنا خير الزاد التقوى)

والله لو اراد الله لهم ان ينطقوا لقالوا أن لا اله الا الله خير من الدنيا و ما فيها !!

واخر دعوانا الحمد لله رب العالمين

وصلى الله على اشرف خلقه محمد واله الطاهرين و عجل فرجهم و العن عدوهم