الغترة الخضراء تراثٌ علويٌ واضح المعالم // للمحامي رامي احمد الغالبي

الغترة الخضراء تراثٌ علويٌ واضح المعالم

للمحامي رامي احمد الغالبي
عضو اتحاد الحقوقيين العرب

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والحمد حقه كما يستحقه حمداً كثيرا دائماً ابدا لا تحصى له الخلائق عددا وصلاته وسلامه على خير خلقه احمدا وعلى آله الغر الميامين صلاةً وسلاماً دائماً سرمدا.
اما بعد.
لكل امةٍ تراثهم الذي يفتخرون به ويحافظون عليه لما يرون فيه واجهةً عريقة لإستذكار مآثرهم وتنظيم مستقبلهم ومهما كان تراثهم علمياً او ادبياً او اجتماعياً تراهم لا يفارقون العمل به سيراً على هذه الفطرة القابعة في نفوس جميع بني البشر عامة وآل بيت رسول الله خاصة.

ومن التراث الإجتماعي الذي كان ولا زال ذراري رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) متمسكون به هو لبس الزي الأخضر او ((العمامة الخضراء)) حتى اصبحت رمزاً واضحة على الامتداد الإجتماعي لآل بيت رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)).

اما ((الغترة الخضراء)) فكانت زياً وعلامةً واضحةً على تراث مرتديها من العلويين لا للدلالة على نفسه ونسبه فأبناء رسول الله معرفون لا يعرفون, لكن كما اسلفت اعتزازاً بتراثهم العلوي في كافة النواحي العلمية والأدبية والإجتماعية ومنها الزي الأخضر.
حي يذكر أن السيد ((محمد شريف)) متولي مصر آنذاك, كان يجعل السادات الأشراف بالملابس الخضر والعمة الخضراء الزاهية في مقدمة موكبه أينما يتوجه, لمكانتهم السجية ونسبهم الشريف.

فالون الأخضر يرمز الى اهل بيت النبوة وبالأخص الى الإمامين الحسين والعباس ((عليهما السلام)), حيث يكون كرنفالً مقدساً ورائعاً في محرمٍ الحرام عند رفع الرايات الحسينية في كافة بقاع الأرض وابرزها الراية الخضراء, لرمزيتها وقدسيتها كما قلنا عند ال بيت رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)).

اما في القران الكريم فأكثر ما يرد من لفظٍ للون الأخضر في وصف حال أهل الجنة, أو ما يحيط بهم من النعيم في جوٍ رفيعٍ من البهجةِ و المتعةِ و الاطمئنان النفسي، فنجد في سورة الرحمن الآية (76) قوله تعالى ((مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ))

و في سورة الإنسان الآية (21) قوله تعالى ((عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ...)).
كذلك في سورة الكهف الآية (31) قوله تعالى ((وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا)) .

اما ذكر اللون الأخضر والتعمم بالعمامة الخضراء في التأريخ فيذكر المؤرخون ما يلي :ــ


تعمم الملائكة بعمائم خضر

كما روي عن هشيم عن ابن عباس قال : كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيض قد أرسلوها إلى ظهورهم ويوم حنين عمائم خضر ولم تقاتل الملائكة يوما إلا يوم بدر ، إنما كانوا يكثرون عددا ومددا لا يضربون.

المصدر:ـ)) دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني برقم394 )) (( معالم التنزيل للبغوي ج3ص333)) ((ولباب التأويل في معاني التنزيل للخازن ج3ص167)) ((التفسير الوسيط للطنطاوي ص1789)).

وأما اعتمام النبي ))صلى الله عليه وآله وسلم)) بعمامة خضراء فقد جاء بسند رجال ثقات لدى مؤرخي القوم أن أحب الألوان إلى رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) كان الخضرة.

كما روي عن أنس أنه قال : (( كان أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضرة ))

المصدر :ـ ((شعب الإيمان للبيهقي برقم6061 )) ((المعجم الأوسط للطبراني برقم8258,5892 )) ((مسند الشاميين للطبراني برقم2532 )) ((وناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين برقم600 )) ((وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد ثم قال رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجال الطبراني ثقات ج2ص308))

وروي عنه أنه قال : كان (( أعجب اللباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الثياب الخضر)).

المصدر :ـ ((ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين برقم599))

وروى أن سيدنا عيسى ((على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام)) انه ينزل إلى الأرض متعمماً بعمامة خضراء ، كما ذكره الشيخ المورخ يوسف بن يحيى بن علي المقدسي الشافعي السلمي(المتوفى685هـ) في عقد الدرر في أخبار المنتظر والنص كالتالي :ـ

)) ثم يأمر الله عز وجل جبريل أن يهبط بعيسى، عليهما السلام إلى الأرض وهو في السماء الثانية، فيأتيه، فيقول: يا روح الله وكلمته، ربك يأمرك بالنزول إلى الأرض. فينزل ومعه سبعون ألفاً من الملائكة، وهو بعمامة خضراء، متقلد بسيف على فرس، بيده خربة، فإذا نزل الأرض نادى منادٍ: يا معشر المسلمين، جاء الحق وزهق الباطل. فأول من يسمع بذلك المهدي فيصير إليه ويذكر الدجال، فيسير إليه فإذا نظر الدجال إليه يرتعد كأنه العصفور في يوم ريح عاصف، فيتقدم إليه عيسى، فإذا رآه الدجال يذوب، كما يذوب الرصاص، فيقول عيسى: ألست زعمت أنك إلهٌ تعبد، فلم لا تدفع عن نفسك القتل؟ ثم يطعنه بحربة، فيموت.((

المصدر:ـ (( عقد الدرر في أخبار المنتظر ص60))


من يعترض على لبس الغترة الخضراء.

هنالك من اعترض على لبس ((الغترة)) الخضراء لا لسببٍ وجيه وانما لإجتهادٍ عقيم ومضحك للثكلى, فعلى سبيل المثال هنالك ممن يعتقد ان من يلبس الغترة الخضراء فإنه يريد ان ينسب نفيه لآل الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)), علماً ان النسب لا يثبت بزيٍ معينٍ وانما له موارده الخاصة واهل العلم والمعرفة في مجال الانساب هم اهل الحل والعقد واصحاب القدم الراسخ بهذا العلم.

وهنالك من يروي جزافاً انه من كان يلبس ((الغترة)) الخضراء لأجل الحصول على صدقةٍ من الناس لإستعطافهم بأنه من آل بيت الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)), وهذا كلام سخيف لا صحة له ولا سند, حيث ان جميع المسلمين يعلمون علم اليقين ان الصدقة محرمة على ال الرسول.

حيث يذكر السيد الخوئي (قدس سره) وتبعه على ذلك الميرزا التبريزي (قدس سره) والشيخ الوحيد والسيد السيستاني.

أنه لا يجوز أن يعطى الهاشمي الفقير المال القليل لدفع البلاء مما يكون من مراسم الذل والهوان
المصدر:ـ (منهاج الصالحين المسألة 1223).




وقبل ان يجف ريق القلم اقول ان الحمد لله رب العالمين