اشراقات ايثار كربلاء وثمارها المستقبلية

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته

موضوع البحث/ اشراقات ايثار كربلاء وثمارها المستقبلية

قال السيد القائد مقتدى الصدر في خطبة الجمعة الموافق 23/11/2012:

(لعل الخطأ الشائع بين الاعم الاغلب ممن ارادوا نشر الوعي الحسيني الصحيح وقعوا في اشتباه بنشرهم ودعوتهم لتلك الشخصية العظيمة التي من اعظم صفاتها العصمة والإباء والتضحية وهذا غيض من فيض وليس مثلي بل وليس مثل أي احد غيرمعصوم يستطيع ان يحصي صفاته سلام الله عليه وقد وقع الاغلب في اشتباه قد اعتبره كبيرا ألا وهو بيان تفاصيل الحرب التي خاضها الإمام الحسين عليه السلام وهي على الرغم من انها ذات اهمية كبرى لا يجب التغافل عنها الا ان الاهم في الحرب التي خاضها عليه السلام هو واصحابه وآله انهم ارادوها مدرسة وارادوها منهلا ننهل منه ونتعلم منه.)

ومن كلام السيد القائد مقتدى الصدر احببت ان اتحدث عن درس من دروس كربلاء ومن ابرز هذه الدروس الايثار.

الايثار لغة: الايثار مصدر من آثر يؤثر ايثارا ومن ذلك قولهم استأثر بالشي استبد به وخص به نفسه .

الايثار اصطلاحا:ان يقدم غيره على نفسه في النفع له والدفع عنه وهو النهاية في الاخوة.

ومن اعظم المربين لفضيلة الايثار مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) حينما بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)

فكان عنوان الايثار ومصادق له قال تعالى ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤف بالعباد)(البقره 207)

وفي ذلك اشارة الى حادثة الموامرة التي دبرها المشركون في مكة لقتل النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) وهو نائم على فراشه ليلة هجرته

الشريفة الى المدينة وشاركت فيه القبائل ليضيع دمه ولايستطيع

احد المطالبة به فخرج (صلى الله عليه واله وسلم) في تلك الليلة وفداه امير المومنين علي ابن ابي طالب (عليه السلام) ونام في فراشه ايثارا لحياة النبي الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم)

على نفسه ومثل ذلك ما جاء في سورة الانسان من الثناء على ايثار البيت العلوي :علي وفاطمة واولادهما (سلام الله عليهم) وذلك قوله تعالى

(ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا )

جاء عن الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه واله وسلم)

( لايومن احدكم حتى يحب لاخيه من الخير ما يحب

لنفسه ويبغض له مثل ما يبغض لنفسه )

وجاء عن امير المؤمنين الامام علي (عليه السلام)

(الايثار اعلى المكارم )

وجاء في الماثورات الدينيه :

قال موسى (عليه السلام) : يارب ارني درجات محمد وامته :

قال: يا موسى : انك لن تطيق ذلك ولكن اريك منزلة من منازله

جليلة عظيمة. فضلته بها عليك وعلى جميع خلقي :

فكشف له عن ملكوت السماء فنظر الى منزله كادت تتلف نفسه

من انوارها وقربها من الله عز وجل !!

قال: يارب بماذا بلغته هذه الكرامة ؟

قال: بخلق خصصته به من بينهم وهو الايثار .

يا موسى لا ياتيني احد منهم قد عمل به وقتا من عمر الا

استحيت من محاسبته وبواته من جنتي حيث يشاء (ميزان الحكمة 5:1)

وفي بداية المسير الى كربلاء قال الامام الحسين(عليه السلام) من كان باذلا فينا مهجته، وموطنا على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا فإنني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى)

فكانت احد الصفات البارزه في اصحاب الحسين (عليه السلام) هو الايثار فتعاهدوا أن يكونوا السباقين لنيل الشهادة بين يده عليه السلام فكان لهم ما أرادوا ونالوا شرف القتال بين يديه والشهادة تحت لوائه بنفوس مطمئنة وقلوب تتوق إلى الموت بين يديه كما يتوق الرضيع إلى محالب أمه متمنين أن يعودو للحياة سبعين بل ألف مرة لكي يسعدوا بفداء قائدهم وإمامهم ويتحملون في سبيل ذلك الطعن والقتل والذر في الهواء على أن لا يمس بسوء أبدانعم إن صحابة الحسين عليه السلام لم يكونوا على نهج واحد قبل أن يلتقوا به عليه السلام فمنهم المسيحي كوهب بن حبان ومنهم هواه هوى عثمانيا كزهير بن القين ومنهم من كان في جيش يزيد كالحر الرياحي ومنهم من هو طاعن في السن وآخر لم يبلغ الحلم وحتى المرأة كان لها موقفا جليلا في ثورة سيد الشهداء عليه السلام

ولكنهم لما كانت لهم نفوس طيبة مستعدة للتضحية من أجل سيدهم وإمامهم للجاذبية التي يتحلى بها سيد الشهداء لما يتمتع به من كمال الخلق كما جده رسول الله صلى الله عليه وآله وفقوا لأن يكونوا خير صحب على الإطلاق

وشهد لهم بذلك سيد الشهداء عليه السلام حينما قال والله ما علمت أصحابا خيرا من أصحابي ولا أهل بيت أبر وأوفى من أهل بيتي

فهنيئا لهم هذه الصحبة وهنيئا لهم هذه التضحية وهنيئا لهم هذ الذكر الجميل وهنيئا لهم رضوان الله عليهم وهنيئا لهم الخلود مع إمامهم في جنات الخلد وهنيئا لهم أن الله جعلهم أبوابا للحوائج ومقصد للوفاد الذين يعشقون سيد الشهداء ويتعنون له بالزيارة لا بد لهم أن يسلموا عليهم اقترانا بالسلام على سيد الشهداء عليه السلام

وهنيئا لهم تلك المكانة العظيمة عند الله جل وعلا حيث أعطاهم الشفاعة لمن أحبهم وسلك نهجهم وعمل الصغائر من الذنوب ثم تاب راجيا بذلك شفاعة الحسين وأصحابه .

فعلى الذي يريد ان يكون من جيش الامام المهدي ان يتحلى بصفة الايثار

ويكون احد مصاديقها وان يبذل مهجته ويفارق الاحبة من الاهل والولد لرضا المحبوب الحقيقي.

وساخذ موقف واحد من مواقف اصحاب الحسين(عليه السلام)

لما سقط مسلم بن عوسجه على الارض دنا منه حبيب بن مظاهر الأسدي همس في أذنه: عز علي مصرعك يا مسلم أبشربالجنة فقال له مسلم بصوت ضعيف بشرك الله بخير، ثم قال حبيب لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إلي بما أهمك فقال مسلم أوصيك بهذا -وأشار الى الحسين ثم تابع- أن تموت دونه فطمأنه حبيب بقوله: أفعل ورب الكعبة (بحار الانوار20:45)

ويمكن اخذ العبره من وصية مسلم بن عوسجه الى حبيب بن مظاهر الاسدي بعدة اطروحات :

1-ان وصية مسلم بن عوسجه وصية عالمية لكل البشرية وهي الايثار بالنفس من اجل جهة الحق وقد طبق ذلك عمليا.

2-ان الحياة مهما تكن طويله فالمواقف تسجل في لحظات قصيره فيجب استثمارها في موته مشرفه في الدنيا والاخرة.قال الامام علي بن ابي طالب( عليه السلام) )الفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير) فكانت فرصة الخير موجودة في زمن السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر فكم واحد منا استفاد منها والان فرصة الخير موجودة بالسيد القائد مقتدى الصدر فلانضيعها فمن الممكن جدا ان تمر مر السحاب فسجل موقوف قبل فوات الاوان.
3-انها رساله لنا نحن الذين نريد الامام المهدي (عليه السلام) فيجب الايثار بارواحنا من اجل تراب مقدمه الفداء المتمثله بجهة الحق.
4-كل انسان له دور معين (من اين وفي اين والى اين) فاصحاب الحسين قد عرفوا دورهم فهم من الحسين وفي الحسين والى الحسين وفي كل جيل هناك اصحاب لجهة الحق كما قال المولى المقدس السيد محمد محمد صادق الصدر مامعناه (هنالك رجال خلقوا من اجلي) فيجب علينا ان نعرف نحن اين ونمارس دورنا بشكل صحيح
فطرق الايثار متنوعه اخذ من وقتك من اجل هدايتة الاخرين فيه ايثار,قضاء حاجة اخيك فيه ايثار ,مساعدة المحتاجين فيه ايثار.
فقد افنى السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر عمره من اجل هدايتة الناس مضحيا بنفسه ونجليه وقد سار على نفس نهجه السيد القائد مقتدى الصدر فيجب علينا السير على خطاهم .
5- لايمكن ان تنتصر قضية ليس اصحابها مستعدين للتضحية من اجلها.
واختم البحث بكلام الاستاذ علي الزيدي في كتاب اسئلة معاصره حول الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) السؤال الثامن عشر النقطه الخامسه.
ان سبب افضلية اصحاب الحسين (عليه السلام) هو انهم كانوا السبب الاول واللبنة الاولى التي مهدت الطريق للاجيال القادمه بان تحذوا حذوهم لنصرة المعصومين (عليهم السلام) واحدا بعد الاخر ولولاهم لما تمكن أي فرد من تقديم النصرة لاي معصوم بعد الامام الحسين( عليه السلام) وبالخصوص نصرة مولانا صاحب العصر والزمان الامام المهدي (عليه السلام).
علما ان اصحاب الحسين (رضوان الله تعالى عليهم) رضوا بان يكونوا الاساس الممهد للفتح العالمي الموعود به المسلمين عن قناعه وعلم,لتأتي اللبنات الاخرى فوقهم من دون ان يروا بأعينهم اشراقة النصر المهدوي الشريف وهذا على العكس من اصحاب الامام المهدي (عليه السلام) فانهم سوف يعيشون عصر هذه الاشراقات بالنصر الالهي عيانا ووجدانا وعقلا ولذلك سوف تكون اصحاب المهدي ضمن هذه المدارات والانفاس المهدوية المقدسه, التي تكون هي السبب المباشر لتقديم الغالي والنفيس في سبيل ذلك الهدف.
ولذلك كان ايثار اصحاب الحسين ايثارا معنويا عاليا جدا, مامثله ايثار وبه اصبحوا نعم الناصر لنعم المنصور ولنعم المضحي في سبيل بقاء وديمومة الاسلام.

المصادر

1-القران الكريم

2-بحار الانوار(44)

3-خطبة السيد القائد مقتدى الصدر في 23/11/2012

4-مقتل الإمام الحسين (عليه السلام)/محمد حسين المقرم

5-الندوي:السيرة النبوية

6-كتاب اسئلة معاصرة حول الامام المهدي للاستاذ علي الزيدي

7-ميزان الحكمة

بوركت ايها الاخ المعطاء
عاشق المقتدى
وانت تنهل من منهل العترة الاطهار
صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
بحث قيم وموفق جزاك الله تعالى خيرا

احسنت اخي على البحث

احسنت اخي على البحث المبارك