هل صامَ سمعُك عن المُنكرات

نعمة السمع، قُدِّمَتْ على نعمة البصر في جميع المواضع القرآنية إلا موضعا واحدا، يحكي مشهدا عظيما في قوله تعالى: ((وَلَو تَرى إِذِ المُجرِمونَ ناكِسو رُءوسِهِم عِندَ رَبِّهِم رَبَّنا أَبصَرنا وَسَمِعنا فَارجِعنا نَعمَل صالِحًا إِنّا موقِنونَ)) ( السجدة : آية 12)
ولعل تقديم السمع راجع لعدة إحتمالات منها:

1ـ ان الجنين تنمو عنده أماكن السمع والبصر في اليوم العشرين من تلقيح البُوَيضة، وتنمو حاسة السمع في الأسبوع السادس والعشرين، فيسمع الأصوات ويميزها ويخزن أكثرها تَكرارًا، وتتغير سرعة دقات قلبه حسب نوع الصوت وشدته، ولذلك يُولَد الانسان بحاسة سمع كاملة، تعمل مباشرة بكل طاقتها، من هنا يمكن ان ندرك أهمية قراءة الآذان والإقامة في أذني المولود...
2ـ الإرتكاز الأساسي عليها في التعليم، لأنها أول حاسة تؤدي وظيفتها في الدنيا، ولا تنام بل تبقى مفتوحة ومستعدٌّة للسمع من جميع الجهات في الظلام والنور، من هنا يمكن ان ندرك معنى من معاني قوله تعالى: ((فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا))(الكهف:آية 11)، أي ان تعطيل سمع أهل الكهف ساعدهم في النوم تلك المدة الطويلة؛ لأنهم لم يسمعوا أي ضجيج..

هذا وان أداة السمع هي الأذنان، وكل واحدة منهما تتكون من:

1.الأذن الخارجية: وتتكوَّن مِن صيوان الأذن الغضروفي(انثناءاته وتعاريجه يعزِّز بصورة خاصة الأصوات التي لها طبقة صوت مطابقة للصوت البشري، بمقدار 100 مرة وتترك طبقات الصوت الأخرى على حالها)، ووظيفته تجميع الموجات الصوتية وتضخيمها ونقلها عبر القناة الأذينية الخارجية؛ حيث تُغطَّى هذه القناة بخلايا وأهداب تُفرِز شمع الأذن لمنع دخول أي موادَّ غريبة أو ميكروبات إلى الطبلة، وهذه القناة تنفصلُ عن الأذن الوسطى بغشاء رقيق(الطبلة)، لا يزيد سُمكه على نصف ملليمتر، ولا يزيد قطره على تسعة ملليمترات، وهو متين كالصلب مَرِن كالمطاط، حيويٌّ جدًّا لنقل الأصوات، عندما تصطدم به الأمواج الصوتية فتحدث اهتزازات فيه وتنتقل إلى الأذن الوسطى.
2- الأذن الوسطى: تحتوى على هواء، وتتكوَّن من فراغ يتصل بالبُلعوم بقناة إستاكيوس، ووظيفتها اتِّزان الضغط على جانبي الطبلة، وتحتوي على 3 عظمات سمعية: "المِطرَقة - السَّندان - الركاب"، ويرتكز الطرف الداخلي لهذه السلسلة المكونة من تلك العظمات الثلاث على غشاء رقيق آخر يمتد على فتحة الأذن الداخلية.
3- الأذن الداخلية: تحتوي على سائل ليفي، وتتكون من القوقعة وجهاز توازن جسم الانسان، والقنوات نصف الدائرية، وتنقل الموجات الصوتية للعصب السمعي الذي بدوره ينقله إلى الجزء المختص في المخ، ويستطيع الإنسان عندئذٍ إدراك تلك المؤثِّرات الصوتية والتمييز بينها.

ومن الجدير بالذكر ان حاسة السمع تعالج نحو 50 انطباعا في الثانية أي ضعف ما تقوم به العين، وان لدى الأذن قدرة على التمييز بين 40 ألف صوت مختلف ومعرفة مصدرها بدقة، فبها نحو (مائة ألف خلية سمعية) وما يقرب من (٩٢ ألف وتر صوتي)، تعمل بكامل طاقتها، لها قدرة على سماع الأصوات التي تقع في المدي بين (٦١ ألفا و٢ ألف تردد في الثانية)، وتستطيع التمييز بين صوتين الفارق بينهما (٥,١ ذبذبة ترددية في الألف)، وهي بذلك تستطيع التمييز والتفريق بين (٤ ألف صوت مختلف)، اما عند بعض الحيوانات فحاسة السمع تفوق الانسان كما هو الحال عند الخفافيش التي تعتمد على الصوت لمساعدتها على التجول في الظلام...

اذن نحن امام نعمة عظيمة انعمها علينا السميع البصير الَّذِي أَنْشَأَنا وَجَعَلَ لَنا السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ، ينبغي علينا شكر هذه النعمة وذلك من خلال أداء حقهاا؟
قال الامام السجاد عليه السلام: "وأمّا حقّ السمع، فتنزيهه عن أن تجعله طريقاً إلى قلبك، إلّا لفوهة كريمة تُحدِث في قلبك خيراً أو تُكسب خُلقاً كريماً، فإنّه باب الكلام إلى القلب يؤدّي إليه ضروب المعاني، على ما فيها من خير أو شرّ، ولا قوّة إلّابالله"..
فينبغي وهذا الحال، ما دمنا في ضيافة الله جل جلاله، ان نتجنب الاستماع الى الغِيبة، والغناء والوشاية... عسى ان نكون من الذين: (( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ))(القصص: آية 55).

المصدر:
1. تحف العقول، ص 279.
2. تغريدة للقائد السيد مقتدى الصدر(اعزه الله)(يا من صُمـتَ عـن المُـفـطـرات):2022/3/4.
3.موسوعة ويكيبيديا

جزاك الله تعالى خيرا على الموضوع