إنفطار النفس .. تغريدة سماحة القائد السيد مقتدى الصدر أعزه الله على حسابه الشخصي في تويتر 18 / 10 / 2022

بسمه تعالى
إنفطار النفس
في كثير من الأحيان يغترّ الإنسان بنفسه فيعطيها أهمية أكثر مما هي عليها في الحقيقة.
فيغترّ بأفعاله وأفكاره وتصرفاته .. وينصب نفسه مفتياً وقاضياً ومفكراً وعالماً فهو يظن أنه الكامل المتكامل على الرغم من إنه لم يتلقّ من العلوم السماوية والأرضية إلا النزر القليل.
بل قد يتسبب ذلك بتعاليه على أوامر السماء وأحكامها وتوجيهاتها ظناً منه أنه أعلى منها.
وإذا استفحل الأمر فسيؤدي به إلى الإلحا&د والفسا&د من جهة وخضوعه لنفسه الأمّارة بالسوء بل عبادتها من جهة أخرى لأنه يظن أنه هو المثل الأعلى في كل شيء.
وفي الظاهر إن ذلك يستمر الى أن يمثل أمام منكر ونكير فيحاسبانه على كل صغيرة وكبيرة فيتيقن أن ما فعله كان هباءً منثوراً في العوالم الحقيقية والخالدة.
وإنّ كل ما فعله في دنياه الفانية كان مجرد وسواس يختلج نفسه وأفكاره وروحه فهو بلا مرشد ولا معلم يصوغ أفكاره ويوجهه الى الطريق الصحيح.
وأما على الصعيد الباطني فإن الإنسان لا بدّ له من صحوة يلجأ بها الى الله تعالى وليتذكر قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ .. الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ .. فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ).
وهنا لا بد من تسليط الضوء على الآيات الكريمات، حيث قال تعالى: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ .. وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ .. وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ .. وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ .. عَلِـمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ....... ).
ففي هذه الآيات تذكير ووعظ مهم قد ينفع الإنسان في تدارك نفسه.
فقد يأتي على الانسان حين من الدهر تهدم فيه كل أفكاره، وهذا ما أفادت به الآية الكريمة: (اذا السماء انفطرت) أي سماء أفكاره انفطرت وبانت حقيقتها وانشقّت وتبعثرت وبانَ عدم جدواها وفائدتها.
بل إن: كواكب أفكاره انتثرت وتبعثرت وما استطاع تأليفها وتنسيقها ولم تأخذ بيده الى الحقيقة النافعة. فحينئذٍ ستكون كل بحار علومه التي كان يتبناها ويغترّ بها قد انفجرت وتخلّت عنه وزالت عن فكره وعقله.
فلا مداد له ولا قلم ولا فكر له ولا حدس فيصاب فكره ونفسه بالتصحّر والفقر والجهل.
فعندئذٍ: (علمت نفس ما قدمت وأخرت) أي ما كان منها سابقاً وما كانت تنوي فعله مستقبلاً.
أما لو كانت أفكار الإنسان موجّهة ومقننة ولا يعطي لنفسه الأمارة بالسوء العنان بل قد لجمها وسخرها لتكامله، فإنّ انفطار سمائها ستولّد كشف الحجب ليتيقن بحقائق العلم والغيب معاً كل بحسبه وستكون درر علومه وكواكب أفكاره ونجوم أعماله منتشرة بين العوالم تارة وبين متلقيها تارة ليكون بحراً زاخراً بالعطاء والكمال والفناء لا التسافل والانحطاط والجري خلف الشهوات والملذات .. فتكون النتيجة: (علمت نفس ما قدمت وأخرت) أي من أوتي كتابه بيمينه فلا يُظلم فتيلاً ويقول: هاؤم أقرأوا كتابيَهْ فيكون حسابه يسيراً ويذهب الى أهله مسروراً، أي إلى أهل الطاعة من السادة والقادة سلام الله عليهم أجمعين.
فيا أيّها الإنسان إنك كادحٌ الى ربّك كدحاً فملاقيه لا محالة فلا تتمادَ .. فمثولك أمام الواحد القهار الجبار سيكون مشهد يوم عظيم فيه من الر&هبة الكثير فمن ثقلت موازينه: أي أعماله الصالحة فأولئك هم المفلحون وأما من خفّت موازينه فأولئك قد خسروا دنياهم وآخرتهم معاً والعياذ بالله .. فاتقوا الله وأحسنوا لأنفسكم وللآخرين عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم ندمتم.
مقتدى الصدر

احسنتم النشر