الرد على شبهة ان المتدين (إنسان بدائي).. تغريدة لسماحة القائد السيد مقتدى الصدر اعزه الله على حسابه الرسمي بتاريخ ٣ / ١٢ / ٢٠٢٣

بسمه تعالى
يثير البعض الشبهات ضدّ الدِين، ليخرجوا من بوتقة الدين الى فضاء الحرية كما يتصورون.
فقد قيل: إن المتديّن (إنسان بدائي) أو كما يعبّرون: (متخلف) فهو يرجع الى قواعد قديمة لا تصلح لأن تكون فعالة للحاضر فضلاً عن أن تكون نافعة للمستقبل، فكأن المتديّن يرجع الى عصور سابقة وغير المتديّن يرجع الى المستقبل، فيكون المتديّن بنظرهم حبيس الماضي وأما (المتحرر) فهو إنسان مستقبلي لا ينظر الى ما وراءه.
ولا يسعني هنا إلا أن أمثّل بمثال ينفعنا بهذا الصدد. فالمتدين كشعاع نور يستمد نوره من مصباح يمثل أصل الدين، والشعاع ينهض من الماضي ليشق الحاضر ويزدهر في المستقبل.
ومن يدّعي أن المتديّن إنسان بدائي لا يعي أن شعاع النور متجدد دائم، وأنه حينما ينظر الى الماضي إنما يستمد نوره من ذاك المصباح المتجدد، ومن يتخلّ عن الماضي فلا مصدر لنوره ولسرعان ما يأفل وتنطفئ أنواره ويضمحل شعاعه.
ألم تسمع قول الله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ).
نعم، من تخلّ عن مصدر النور فما له من نور .. فالله نور السماوات والأرض.
ومن تمسّك بماضيه بمعنى مصدر نوره فهو نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء.. والله لا يهدي القوم الظالمين.
هذا، وإن إنكار الماضي إنكارٌ لكل جميل من الآباء والأجداد وإنكار لكل أفضالهم وعلومهم ومنجزاتهم.
فالإعتدال بأن تنطلق من الماضي لتخرق المستقبل لتتعلم من خيره وشره فتتعظ.
وإلا فإن ولوج المستقبل بلا تجارب الماضي كساعٍ الى الهيجا بغير سلاح، والخير كل الخير أن تجمع بين ماضيك وحاضرك لتنال قسطاً وافراً من المستقبل.
فلا وجود لمستقبل من دون ماضٍ، وهذا قد ينطبق على قوانين الأرض لا السماء، فقوانين السماء خالدة من الأزل وإلى الأبد فشعاع النور لا متناهٍ.
فلا تتصف بالتخلف ولا البدائية إلا من أعمى الله بصره وبصيرته فهو كالحجارة أو أشد قسوة ومن الحجارة لما يتفجر منها الأنهار.. ولا نهر لمن حُجب قلبه وذهب نوره وصمّت أذانه.

مقتدى الصدر

احسنتم النشر