العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم المهدوي > منبر ألمنتظر لإقامة ألأمت والعوج

منبر ألمنتظر لإقامة ألأمت والعوج مخصص لمواضيع الإمام المهدي عجل الله فرجه والممهدون له

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-12-2024, 02:50 AM   #1

 
الصورة الرمزية مؤمنة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2378
تـاريخ التسجيـل : Aug 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 871

افتراضي أدب الامام المهدى (عليه السلام)




أدب الامام المهدى (عليه السلام)



من البيّن أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) ينفرد بغيبته المعروفة أي بعدم حضوره ، ممّا يترتّب على ذلك عدم صدوره عن نتاج تفرضه المقابلة ، أو الاجتماع ، أو متطلبات التحرّك العبادي و السياسي ، خلا ما هو ضروري من الأحكام ، أو التوصيات الخاصة ، أو العامة الّتي تتمّ من خلال سفرائه الأربعة ، فيما توشّحها لغة العلم . . . لذلك ، لا نتوقع الظفر بنصوص عامة بذلك النحو الّذي يؤثر عن سائر المعصومين (عليهم السلام) . . . لكن نجد أنّ هناك نصوصاً تنتسب إلى فنَّي ( الزيارة ) و ( الدعاء ) فيما قلنا أنّ هذين الشكلين الأدبيين يختصّان بالشخصيات المشرّعة فحسب ، حيث يذكر المؤرّخون جملة من الأدعية أو الزيارات الّتي تنسب إلى الإمام المهدي (عليه السلام) . . .

من ذلك : ما ينقله المؤرّخون من ( دعاء ) يرتبط بتمجيد المعصومين (عليهم السلام) ، بضمنه التمجيد المرتبط بشخصيّة الإمام (عليه السلام)ذاته . . . و قد استهل هذا الدعاء بتمجيد شخصيّة النبي (صلى الله عليه وآله) على هذا النحو :

« اللّهمّ ، صلّ على محمّد سيد المرسلين ، و خاتم النبييّن ، و حجّة ربّ العالمين : المنتجب في الميثاق ، المصطفى في الظلال ، المطهّر من كلّ آفة ، البريء من كلّ عيب ، المؤمّل للنجاة ، المرتجى للشفاعة ، المفوّض إليه دِين اللّه ، اللّهمّ شرّف بنيانه ، و عظّم برهانه ، و أفلج حجّته ، و ارفع درجته ، و أضئ نوره ، و بيّض وجهه ، و أعطِه الفضل و الفضيلة ، و المنزلة و الوسيلة ، و الدرجة الرفيعة ، و ابعثه مقاماً محموداً ، يغبطه به الأوّلون و الآخرون . . . »([1]) . . . فالملاحَظ في هذا القسم من النصّ التشريعي ، أنّ صياغته تتمّ وفق سياقات خاصة ، طالما أشرنا إليها عند حديثنا عن ( أدب التشريع الإسلامي ) . . . من أنّ المشرّع الإسلامي لا يُعنى بالصياغة إلاّ بقدر ما تستهدفه من تقرير الحقائق العباديّة ، و هي حقائق تتمّ صياغتها حيناً بلغة الفنّ ، و حيناً بلغة العلم ، و حيناً بالتأرجح بين لغة العلم و الفنّ ، حتّى أنّ الشكل التعبيري الواحد ( مثل الدعاء أو الزيارة أو الحديث ) يأخذ صياغات متفاوتة ، . . . فبعض الأدعية مثلا تشحن بعناصر إيقاعيّة و صوريّة مكثّفة ، و بعضها بنسبة أقل ، و بعضها لا أثر للإيقاع و للصورة فيه . . . و المهم ، أنّ النصّ المتقدّم ينتسب إلى صياغة تغلب عليها لغة العلم ، موشّحة بشي من لغة الفنّ حيث يرِدُ ( الإيقاع ) عابراً في بعض عباراتها ، كما ترِدُ ( الصورة ) عابرة أيضاً ، مع ملاحظة أنّ أدوات ( العنصر اللفظي ) من تقابل و تكرار و تتابع للعبارات ، تسيطر على لغة النصّ المشار إليه ، . . . فضلا عن خضوعه لنسق بنائي خاص ، يعدّ أهم عناصر الفنّ ، كما أنّه العنصر الّذي يُعنى به المشرّع الإسلامي ، نظراً لأنّ ( الفكر ) الّذي يستهدف المعصوم (عليه السلام)توصيله ، لابدّ أن يخضع لعمارة خاصة من العرض ، حتّى يحقق فاعليّتة المطلوبة . . .

و حين نعود إلى النصّ المتقدّم ، نجد ـ كما أشرنا ـ أنّه يخضع أوّلا لبناء هندسي خاص هو : استهلاله بالصلاة على محمّد (صلى الله عليه وآله) و بتمجيده في عبارات متنوّعة يختص بها (صلى الله عليه وآله) دون سواه من المعصومين (عليهم السلام) ، ثمّ يصوغ صلوات ذات صياغة مشتركة لكلّ معصوم على هذا النحو :

( إمام المؤمنين ، و وارث المرسلين ، و حجّة ربّ العالمين ) : عدا شخصيّة الإمام عليّ (عليه السلام) حيث يخصه بعبارة ( أمير ) بدلا من ( إمام ) ، و بعبارة ( قائد الغرّ المحجّلين ) و ( سيّد الوصيّين ) ، . . . و عدا شخصيّة الإمام المهدي (عليه السلام) حيث يوظّف ما تبقّى من الدعاء لتمجيد شخصيته (عليه السلام)بنحو يتناسب مع طبيعة العلاقة الاجتماعيّة و العباديّة بين الناس و بين شخصيّة العصر ، بحيث تواجهنا عبارات من نحو :

« اللّهمّ و صلّ على وليّك المحيي سنّتك . . . اللّهم نوّر بنوره كلّ ظلمة ، و هدّ بركنه كلّ بدعة ، و اهدم بعزّه كلّ ضلالة ، و اقصم به كلّ جبّار ، و أخمد بسيفه كلّ نار ، و أهلك بعدله جور كلّ جائر ، و أجر حكمه على كلّ حكم ، و أذلّ بسلطانه كلّ سلطان ، اللّهمّ أذلّ كلّ من ناواه ، و أهلك كلّ من عاداه ، و امكر بمن كاده ، و استأصل من جحد حقّه ، و استهان بأمره ، و سعى في إطفاء نوره ، و أراد إخماد ذكره . . . » .

طبيعياً ، أنّ فقرة ( اللّهمّ ) تتكرّر في مقاطع متنوّعة ، مشيرة بذلك ـ من حيث عمارة النص ـ إلى تنوّع الموضوعات ذاتها ، و انتقال النصّ من موضوع إلى آخر : لكن من خلال ربطها بالبناء الفكري العام للدعاء . . . و لذلك ختم هذا النصّ بفقرات تتجانس مع البداية ، بحيث جاءت النهاية و البداية مرتبطتين عضوياً ، حيث كانت البداية ( تفصّل ) الصلاة على كلّ معصوم ، و جاءت النهاية ( تجمل ) ذلك ، على هذا النحو :

« اللّهم صلّ على محمّد المصطفى ، و عليّ المرتضى ، و فاطمة الزهراء ، و الحسن الرضا ، و الحسين المصفّى ، و جميع الأوصياء مصابيح الدُّجى ، و أعلام الهدى ، و منار التُّقى ، و العروة الوثقى ، و الحبل المتين ، و الصراط المستقيم . . . » الخ .

و الآن : إذا غادرنا عنصر ( البناء الفنّي ) للنصّ ، و اتجهنا إلى أدواته اللفظيّة و الإيقاعيّة و الصوريّة ، نجد ـ كما أشرنا ـ أنّ هذه الأدوات توشّح النصّ وَفْق نسب متفاوتة تظل صياغتها متناسبة مع طبيعة الدعاء الّذي أُنشئ أساساً للتلاوة في أوقات مخصوصة يتلوها العامي و المتوسط و العالم . . . لذلك جاءت عباراتها متأرجحة بين اللغة المصورة و اللغة المقررة ، حيث إنّ عبارات من نحو ( و هي في تمجيد النبي (صلى الله عليه وآله) ) : « المنتجب في الميثاق » ، « المصطفى في الظلال » تُعدّ عبارات ذات بُعد « صوري » ملحوظ . . . كما أنّ عبارات من نحو : « المرتجى للشفاعة » ، « المؤمّل للنجاة » تعدّ عبارات علميّة غير مصوّرة . . . كذلك نجد أنّ عبارات ـ و هي في تمجيد شخصيّة العصر ذاتها ـ من نحو :

« اللّهمّ أذلّ كلّ من ناواه » ، « و أهلك كلّ من عاداه » تعدّ غير مصوّرة ، . . . و لكن عبارات من نحو « اللّهمّ نوّر بنوره كلّ ظلمة » ، « و هدَّ بركنه كلّ بدعة » تُعدّ صوريّة كما هو واضح ، . . . هذا يعني أنّ صياغة النصّ روعي فيها التوجّه إلى مطلق الأشخاص الّذين يتطلّعون إلى شخصيّة العصر (عليه السلام) ، بغضّ النظر عن مستوياتهم الثقافيّة ، بحيث يمكن للعادي من الناس أن يدرك دلالة « المرتجى للشفاعة » أو « المؤمّل للنجاة » ، و بحيث يمكن لغير العادي أن يفقه دلالة العبارة الّتي تقول بأنّه (صلى الله عليه وآله) « المصطفى في الظلال » مثلا . . . .و المهم ـ بعد ذلك كله ـ أنّ عنصر الصورة ، أو الإيقاع يظلّ منتثراً في هذه العبارة أو تلك ، موظّفاً لإنارة بعض الدلالات الّتي يتطلّب توضيحها مثل هذه الصور ، أو لإثارة الحسّ الجمالي لدى القارئ فيما تتطلب العنصر الإيقاعي . . . لذلك نواجه صوراً من نحو : ( شرّفْ بنيانه ) ، ( أضئ نوره ) ، ( بيّض وجهه ) ، ( نوّر بنوره كلّ ظلمة ) ، ( هدَّ بركنه كلَّ بدعة ) ، ( أهدم بعزّه كلَّ ضلالة ) ، ( أقصم به كلَّ جبار ) ، ( أخمد بسيفه كلَّ نار ) ، ( أهلك بعدله جور كلّ جائر ) ، ( استأصِلْ من جحد حقّه ) ، ( سعى في إطفاء نوره ) ، ( أراد إخماد ذكره ) ، الخ . . . كما نواجه عبارات مقفّاة من نحو : ( شرّفْ بنيانه ، و عظّم برهانه ) ، ( افلج حجّته ، و ارفع درجته ) ، ( أعطه الفضل و الفضيلة ، و المنزلة و الوسيلة ) ، ( أقصم به كلَّ جبار ، و اخمد بسفيه كلّ نار ) ، ( أذلّ كلّ من ناواه ، و أهلك كلّ من عاداه ) . . .الخ .

لا شكّ أنّ أمثلة هذه العبارات المقفّاة تزيد من جماليّة النصّ و تهبه عنصراً يساهم في إمتاع القارئ و إرواء حسّه الجمالي ، . . . كما أنّ الصور المتنوعة الّتي لحظناها و هي جميعاً استعارات ، تهبه جماليّة أيضاً ، فضلا عن كونها تساهم في تعميق الدلالة . . . و الأهم من ذلك أنّ هذه الصور تتميّز بكونها ( استعارات ) و ( تمثيلات ) فحسب دون أن تتنوّع أشكالها من تشبيه ، استدلال ، فرضيّة . . الخ ، حيث يصبح مثل هذا الحصر للصور في التركيبة الاستعاريّة و التمثيليّة شيئاً له دلالته الفنّيّة ، من حيث خضوع النص لــ ( وحدة الصورة ) ، و هي وحدة تتجانس مع ( وحدة الموضوع ) أيضاً ، لأنّ الموضوع هو : تمجيد أهل البيت (عليهم السلام) ، و حينئذ عندما ( تتوحّد الصور ) إنّما تتجانس بذلك مع ( وحدة الموضوع ) و هو أمر له أهمّيته الفنّيّة الكبيرة من حيث البناء الهندسي للنصّ ، علماً بأنّ الصور التمثيليّة تفرضها طبيعة التعريف بشخصيّة المعصوم (عليه السلام) ، و الصور الاستعاريّة تفرضها طبيعة اكتساب الظواهر : تبادُلَ السمات فيما بينها لغرض توضيحها بشكل أكثر جلاء . . . ليس هذا فحسب ، بل إنّ الصور تمضي بنحوها المألوف جدّاً لا ضبابيّة فيها و لا تعقيد ، . . . إنّها واضحة كلّ الوضوح ، يحياها القارئ في تجاربه اليوميّة ، . . . لكنّها تنطوي على دلالات عميقة العمق . . . فقوله ـ على سبيل المثال ـ : « و اخمد بسيفه كلّ نار » تبدو ( الصورة ) فيها واضحة ، بسيطة . . . لكنّها تلتقط أدقّ الظواهر من السلوك الاجتماعي الّذي يحياه الناس ، حيث إنّ شيوع الفتن تشبه تماماً ظاهرة ( النار ) الّتي تأتي على الأشياء جميعاً . . . كذلك فإنّ الفتن تأتي على جميع المواقف أو الأفكار الأصيلة . . . و هكذا سائر الصور من نحو : « مصابيح الدجى ، و أعلام الهدى ، و منار التّقى ، و العروة الوثقى ، و الحبل المتين ، و الصراط المستقيم » . . . فهذه الصور ( التمثيليّة ) تبدو واضحة ، جليّة ، . . . إلاّ أنّها ذات عمق و شموليّة متنوعة في دلالاتها ، فالمصباح ، و العلم ، و المنار ، و العروة ، و الحبل ، و الصراط يحمل كلّ منها دلالة متميزة على الأخرى ، كما أنّ كلاّ منها يصبّ في مُعطى عبادي له سمته الخاصّة به . . . فالمصباح ينير فكرياً ، و العلم يشير إلى الانتماء فكرياً و مصيرياً ، و الحبل يشير إلى تأمين الموقف أُخروياً ، و هكذا . . .

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال بيت محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
مؤمنة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 11:55 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2025