أطروحات في العافية التي طلبها جون (رض)

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم

جاء في الرواية أنه (وقف جون مولى أبي ذر الغفاري أمام الحسين عليه السلام يستأذنه، فقال عليه السلام: يا جون! إنما تبعتنا طلبا للعافية، فأنت في إذن مني. فوقع جون على قدميه يقبلهما ويقول: أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدة أخذلكم! إن ريحي لنتن، وحسبي للئيم، ولوني لأسود، فتنفس علي بالجنة ليطيب ريحي، ويشرف حسبي، ويبيض لوني. لا والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. فأذن له الحسين.... الخ الرواية)
وهنا أود ان أبين وحسب فهمي القاصر وكأطروحات ما أراده جون (رض)من طلبه للعافية من الإمام الحسين عليه السلام:
الأطروحة الأولى : انه أراد أن يعيش في هذه الدنيا مكرماً معززاً بصحة جيدة وانه لو قبل رخصة الإمام حين قال له (انت في اذن مني) والإمام يتمنى ذلك لأتباعه الذين والوه لأنه إمامهم المفترض الطاعة، لكان قد خرج من المعركة من دون ان يصيبه مكروه، وهذا ما جاء في قول للسيد القائد مقتدى الصدر (أعزه الله) من انه (من مات وعقيدته صالحة مات شهيداً).

الأطروحة الثانية : أنه كان متعلقا بالإمام الحسين عليه السلام ولا يقدر على فراقه ولذلك طلب ان يكمل مرافقته للإمام وقوله: (تنفس عليّ بالجنة) هو كأنه يقول أنا أبقى برفقتك يا سيدي ومولاي حيث كنت فكيف والحال وانت راحل فما بقائي بعدك بل أذهب فداءاً لك ووفاءا مني لجدك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) واكون متهيئاً لخدمتك. وهذا التعلق ورد في أحد اقوال السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس حين سئل عن عدم مشاركة ميثم التمار في معركة الطف فقال في الأطروحة الرابعة: (إن عاطفته تجعله منشّداً إلى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام خاصة دون غيره من الناس، حتى أولاده. وربما يرى الفرق بينهم كبيرا فلا يرى لهم أهمية بإزاء عظمة الولاية العلوية، ولا يريد لها بديلا حتى لو كان هذا البديل هو الحسين عليه السلام) انتهى كلام السيد الشهيد قدس، وهذا قد يكون حصل مع جون رضوان الله تعالى عليه.
الأطروحة الثالثة: أن مطالبه كانت عالية لما تلقاه من تربية معمقة خلال فترة مرافقته للأئمة المعصومين عليهم السلام من أمير المؤمنين إلى الإمام الحسن إلى الإمام الحسين ولعلمه منهم سلام الله عليهم بمقام أصحاب الحسين بأنه أعلى المقامات وانهم خير الاصحاب فلذلك وطن نفسه لنيل تلك المطالب وهي لا تكون إلا بالشهادة في ساحة الطف بطبيعة الحال.
وختاماً نسأل الله تعالى أن يوفقنا لنيل الشهادة بين يدّي الإمام المهدي (عج) نصرة لدين الله تعالى وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى على رسوله واله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم.

المصادر

1-الأخلاق الحسينية، جعفر البياتي، ص267

2-الغيبة الكبرى، السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس، ج2، ص616

3-شذرات من تأريخ الإمام الحسين ع، السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس، ص84