رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم اخوتي الاعزاء ورحمة الله وبركاته
جاء في ( إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للشيخ الحرّ العاملي 42:3 ـ 43 / ح 11

عن أبي حمزة الثمالي قال:
كنتُ جالساً في مسجد الرسول صلّى الله عليه وآله إذ أقبل رجل فقال: أتعرف أبا جعفر محمّدَ بن عليّ ؟ قلت: نعم، فما حاجتك ؟ قال: هيّأتُ له أربعين مسألةً أسأله عنها.. إلى أن قال أبو حمزة:
فما انقطع كلامه حتّى أقبل أبو جعفر عليه السّلام وحوله أهل خراسان وغيرهم يسألونه عن مناسك الحجّ، فمضى حتّى جلس مجلسه، وجلس الرجل قريباً منه.. إلى أن قال: فقال له: مَن أنت ؟ قال: أنا قتادة بن دعامة البصريّ، فقال له أبو جعفر عليه السّلام: أنت فقيه أهل البصرة ؟ قال: نعم، فقال أبو جعفر عليه السّلام: وَيْحك يا قتادة! إنّ الله عزّوجلّ خلَقَ خَلْقاً مِن خَلْقه فجعلهم حُججاً على خلقه، فهُمْ أوتاده في أرضه، قُوّامٌ بأمره في علمه، اصطفاهم قَبلَ خَلقه أظلّةً عن يمين عرشه.
قال أبو حمزة: فسكت طويلاً، ثمّ قال ( قتادة ): أصلحك الله، واللهِ لقد جلستُ بين يَدَي الفقهاء وقدّامَ ابن عبّاسٍ فما اضطرب قلبي قدّامَ أحدٍ منهم ما اضطرب قدّامَك! فقال له أبو جعفر: وَيْحك! أتدري أين أنت ؟ أنت بين يدَي « بُيوتٍ أذِنَ اللهُ أنْ تُرفَعَ ويُذكَرَ فيها اسمُه، يُسبِّح له فيها بالغُدوِّ والآصالِ * رجالٌ لا تُلِهيهُم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذِكْرِ اللهِ وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاة »، فأنت ثمّ ونحن أولئك. فقال قتادة: صدقتَ والله ـ جعلني الله فداك ـ، واللهِ ما هي بيوت حجارةٍ ولا طين .

نستنج من هذه الرواية ما يلي :

1ـ ان الامام (عليه السلام) بين لفقيه البصرة، المصداق الأعلى للبيوت مستدلاً بالآية التي تلتها ( رجالٌ لا تُلِهيهُم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذِكْرِ اللهِ وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاة )

2ــ أن الهيبة والرهبة التي دخلت نفس قتادة وغيره لآل البيت (عليهم السلام) إنما هي عطاء إلآهي لهم ولكل من سار على نهجهم واقتدى بهداهم فأنهم مع الله والله معهم وهذا ما لمسناه واضحاً جليا في آل الصدر الكرام ومالهم من هيبة واجلال في نفوس الكثيرين.

3ــ أن في مجيء قتادة الى الامام مع أنه فقيه دلالة واضحة إن الانسان مهما بلغ من العلم فأنه يحتاج الى المعصوم ومن يمثل المعصوم لأنه النبع الصافي والطريق المستقيم الى الله سبحانه وتعالى.