|
منبر نبذ الطائفية مواضيع تجذر الوحدة وتنبذ التفرق |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
25-12-2014, 01:12 PM | #1 |
|
محمد صلى الله عليه وآله يقضـي على الطائفية ويؤاخي بين الأنصار والمهاجرين
فلو نظرنا الى أساس الإسلام ، لرأينا بأن أول لبنة من لبناته التي يرتكز عليها ما بعدها السلم والسلام ، وحتى بالتراكيب اللغوية فإن كلمة الإسلام مشتقة من السلم . وفي حالة وجود إختلاف في وجهات النظر أو بمواقف معينة ، فلا يمكن الوصول الى النتائج الحسنة التي من الممكن أن يتم من خلالها تقريب وجهات النظر وإزالة الكثير من المعوقات الفكرية ، وطمر أي معرقل من الناحية الأخلاقية والسلوكية تجاه الطرف الآخر من دون أن يكون هناك أساس يجمع بين الطرفين ، ألا وهو السلم والأمان وحسن النية بينهما . ولذلك قام الرسول صلى الله عليه وآله عندما هاجر الى المدينة ، وقبل أن يبدأ في مواجهة المشـركين والكافرين ، بعقد ميثاق تعايش بين المسلمين ،لأنه كصاحب دولة عليه أن يحفظ الكيان الجديد للمسلمين من الأعداء الداخليين والخارجيين خوفاً من زعزعة الصفوف وشق عصا المسلمين . فكانت هناك مشاكل واجهت الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله من بينها مشكلة الاختلاف الذي كان بين اتباعه من المهاجرين وبين قبيلتي الأوس والخزرج . وبما أن المهاجرين والأنصار قد نشأ كل منهم في بيئة تختلف عن الأخرى مما يؤدي الى الإختلاف في الكثير من طرق التعايش وطريقة التفكير ، مضافاً الى أن قبيلتي الأوس والخزرج أنفسهم كانوا يعانون من رواسب عداء استغرق ما يقارب ماءة وعشـرين سنة متواصلة بلا إنقطاع . فمع وجود مثل هكذا تناقضات ، ومشاكل قبلية واضحة كيف لدولة ينشد القيام بها الرسول صلى الله عليه وآله ليتم من خلالها مواجهة الأخطار المحتملة ، ومن ثم الشـروع بنشـر الإسلام الى أقصى حدٍ ممكن . فتعامل رسول الله صلى الله عليه وآله مع هذه المشكلة بروح العصمة والفطنة الإلهية ، فقد أُمِر من قبل الله تعالى بأن يؤاخي بين المهاجرين والأنصار ، فجمعهم وقال لهم : ( تآخوا في الله أخوين أخوين ) ، حتى أصبح الأنصار يشاطرون ما يملكون مع المهاجرين بطيب نفس وصفاء خاطر . وبهذا الأسلوب كرّس الرسول صلى الله عليه وآله الوحدة السـياسـية والمعنوية بين المسلمين ، وقوّى أسسها ، بحيث يستطيع من خلالها مواجهة الصعاب ، من ثم الصعود بالمسلمين الى مستوى عال من الإيمان ملؤه المساواة والعدالة والحرية . ولكن هذه الوحدة والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، لم تكن تخلو من بعض المحاولات الخبيثة للقضاء عليها ، وبَعْث الفتنة من جديد بسبب محاولات اليهود العدائية ، فأقاموا علاقات سـرية ، وخاصة مع مشـركي الأوس والخزرج ومع المنافقين في إسلامهم الذين عاشوا بصور التردد والتشكيك ، فعملوا سـراً من أجل وقوع مصادمات وحروب دامية بين المسلمين . فعلى سبيل المثال ، فيما كان نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم ، يتحدثون فيه إذ مرّ عليهم ( شاس بن قيس ) وهو يهودي شديد العداء للإسلام عظيم الكفر ، شديد الضغن على المسلمين ، فغاضه ما رأى من ألفة الأوس والخزرج ، واجتماعهم وتوادُدِهم ، وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة الطويلة في الجاهلية ، فأمر فتى من يهود كان معهم فقال له : إعمد اليهم فأجلس معهم ، ثم ذكر يومَ بعاث (1) ، وما كان قبله ، فأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا وتبادلوا فيه من الأشعار ، ايقاعاً بين هاتين الطائفتيين من الأنصار ، وإثارة لنيران الأحقاد الدفينة ، والعداوات الغابرة . ففعل ذلك الغلام اليهودي ما أمره به ( شاس ) فتكلم القوم عند ذلك وتنازعوا ، وتفاخروا وتواثب رجلان من القبيلتين على الركب وأخذ كل منهما يهدد الآخر ، وتفاقم النزاع ، وغضب الفريقان وتصايحا ، وقاما الى السلاح وكاد أن يقع قتال ودم بعد أن ارتفعت النداءات القبلية بالاستغاثة والاستنجاد على عادة الجاهلية فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ، وعرف بمكيدة اليهود ومؤامرتهم الخبيثة هذه ، فخرج الى تلك الجماعة المتصايحة من الأوس والخزرج في جمع من أصحابه المهاجرين فقال : ( يا معشـر المسلمين ، الله الله أبدعوى الجاهلية ، وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم للإسلام ، وأكرمكم به ، وقطع عنكم أمر الجاهلية ، واستنقذكم به من الكفر ، وألّف بين قلوبكم ؟ ) . فعرف القوم أنها مؤامرة مبيّتة من اليهود أعداء الإسلام والمسلمين وكيد خبيث منهم ، فندموا على ما حدث ، وبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً ، ثم انصـرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله سامعين مطيعين ، وأطفأ الله عنهم كيد أعدائهم ) (2) . ويمكن لنا أن نستفاد مما قام به رسول الله صلى الله عليه وآله بتلك المؤاخاة والألفة بين المسلمين بأخذ العبر ، ومن ثم تحسـين وضعنا واصلاح حالنا من دوافع هذه العبر ، والتي يمكن أن نذكر منها ما يلي : أولاً : أننا الآن كمسلمين ، وخصوصاً في بلدنا العراق الجريح علينا أن ننبذ الطائفية ، وبأي شكل من أشكالها ، وليكن هدفنا واحد ، وهو الإسلام ولندع الأمور الأخرى جانباً ، ولننزع ما في قلوبنا من غلّ ، كما فعل الرسول صلى الله عليه وآله ، ولنبدأ بصفحة جديدة مليئة بالود والاخاء والسماحة ، لكي نتمكن من بناء بلدنا والوصول به الى مراتب معتد بها من التقدم . ثانياً : علينا أن نكون واعين وملتفتين الى اليهود ، وما يعملونه في الخفاء من أجل أن يحركوا ويوقدوا بنار الفتنة بين السنة والشـيعة ، وذلك بإثارة النعرات الطائفية والسعي في اظهار الضغائن الدفينة ، التي أسس لها المنافقون ، ولنرجع الى عقولنا ، وما أمرنا الرسول صلى الله عليه وآله أن نقوم به ، ولندع دعاوى وصـرخات الجاهلية وراء ظهورنا . ثالثا : أن نعتبر أيضاً ونفهم بأن هناك البعض من السـياسـيين من يتصيد بالماء العكر ، من أجل مصالحه الذاتية والشخصية ، فتراه يقوم ليله ونهاره من أجل إشعال نار الفتنة ، لأنه يعلم بأن لا بقاء له إلّا من خلال هذا العمل المخزي . وهذا شبيه بما حصل في المدينة عندما حاول المنافق عبد الله بن أبي بن سلول أن يزرع الفتنة بين الأنصار والمهاجرين ، لأنه قد فقد مركزه الذي كان سـيتبؤه قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وآله الى المدينة ، لأن الأوس والخزرج أرادوا أن يتوجوه عليهم ، ولكن لما قدم الرسول صلى الله عليه وآله أنصـرفوا عن ذلك الأمر . وعلينا الآن كعراقيين سنة وشـيعة أو أي طائفة أخرى ، أن نصـرف أي شخص مهما كان أسمه وعنوانه ويتكلم بالطائفية وتأجيج نار الفتنة . ولنبحث عن من يحمل قلباً أبوياً رحيما ، الذي يستطيع لم شمل العراقيين متأسـياً بفعل رسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله . رابعاً : أن نجعل ميثاق للتعايش بين السنة والشـيعة وبين جميع طوائف المجتمع العراقي ، لنعيش بأمان وصفاء ، والخلو من أية ضغينة . (1) وهو يوم أقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر يومئذ للأوس على الخزرج . (2) السيرة النبوية ج1 ، ص555 . والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم [align=center] همام الزيدي[/align] 30 صفر الخير 1436
التعديل الأخير تم بواسطة ابو علي ; 25-12-2014 الساعة 10:58 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|