العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > قسم آل الصدر ألنجباء > منبر شهيد ألله السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس)

منبر شهيد ألله السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس) المواضيع الخاصة بسماحة السيد الشهيد محمد الصدر قدس الله نفسه الزكية

 
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 19-04-2023, 05:40 PM   #1

 
الصورة الرمزية خادم البضعة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 23
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق الجريح
االمشاركات : 12,655

بقلمي من المستويات المعنوية لزكاة الفطرة.. فقه الأخلاق الجزء الثاني.. السيد الشهيد محمد الصدر قدس

من المستويات المعنوية لزكاة الفطرة
فقه الأخلاق الجزء الثاني
السيد الشهيد محمد الصدر قدس
ومن المستويات المعنويَّة والأخلاقيَّة التي يمكننا أن نفهمَها من زكاة الفطرة، كما يلي:
المستوى الأول: إنَّ العبادة قد تكون تامَّة، وقد تكون ناقصةٌ أمام الله سبحانه، بل العبادة عموماً ناقصةٌ أمامه جلّ جلالُه، لأنَّها لم تؤدِّ حقَّ طاعته ومقدار عظمته، والمطلوب من بذل العبوديَّة تجاهه، بما في ذلك صوم شهر رمضان، الذي يقول عليه السلام عنه في الدعاء: إننا قد أدّيناهُ مع اعترافٍ بالتقصير، وإقرارٍ بالتضييع.
ومن هنا أمكنَ لزكاة الفطرة أن تكون سداً لتلك الثغرة، إما بعنوان ملء الفراغ الحاصل، أو التسبيب إلى غفران ذلك التقصير، أو بعنوان إضافة تضحية المال إلى تضحية البدن، لتكون التضحيةُ أتمَّ وأكملَ وأشمل.
المستوى الثاني: إن فطرة الإنسان خلقته، وماله هو ما يحصل عليه من نتائجَ في هذه الدنيا. فكما أنَّ المال يحتاج الى زكاةٍ وتطهيرٍ ضمن زكاة المال، تحتاج الفطرة إلى زكاةٍ وتطهيرٍ ضمن زكاة الفطرة .
والفطرة الأصليَّة ، وإن كانت طاهرة حقيقةً، إلا أنَّ الفطرة الفعليَّة التي وجد بها الإنسان في الدنيا ليست كذلك، فإنَّ المودع في الإنسان كلٌّ من جانبي الحقّ والباطل، قال تعالى: ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ لا يستثنى من ذلك حتى المعصومون عليهم السلام، ولكن حصل بلطف الله ورحمته أن أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
فالفطرة إذن، قد تكون متدنسة بالباطل، ومن هنا احتاجت الى زكاةٍ وتطهير، وكان دفع هذه الزكاة واجباً لا مستحباً.
المستوى الثالث: إنّ السبب المشهور لأداء العبادات هو شكر المنعم، وزكاة الفطرة من العبادات، فتكون مصداقاً من الشكر لله عزّ وجلّ.
وباعتبار موعدها، وهو الزمن اللاحق لشهر رمضان المبارك، فقد تكون شكراً على توفيقه لأداء العبادة، او على إعطائه فرصة التوبة والغفران في شهر رمضان، ونحو ذلك.
المستوى الرابع: إننا فسّرنا الإفطار في كتاب الصوم من كتابنا هذا بأنه يعبر عن ممارسة شيءٍ من لذائذ الدنيا ومتابعة بعض الشهوات، في مقابل الإعراض عن حبّ الدنيا وقطع الشهوات والزهد فيها.
ولما كان حبّ الدنيا مبغوضاً أخلاقياً، وممارسة الشهوات أياً كانت مرجوحة فيها. وفي الدعاء: (اللهمَّ أخرج حبّ الدنيا من قلبي). إذن، سيكون ممارستها ذنباً أخلاقياً أكيداً.
فإذا كان الإعراض عن الدنيا وحبّها هو الصوم، فإن ممارسة ما يضادُّه من الامور بمنزلة الإفطار، والإنسان لا محالة يمارس شيئاً من ذلك في هذه الحياة الدنيا، فيكون قد مارس ذنباً أخلاقياً لا محالة، او عدّة ذنوب.
وكلُّ ذنبٍ يحتاج الى غفرانه او تطهيره، او التطهير منه او من آثاره المعنوية.
ومن هذه الزاوية تماماً يمكن أن نفهمَ زكاة الفطر، على اعتبار أن الفطر هو ممارسة بعض الشهوات، وهي تحتاج إلى زكاةٍ وتطهير، فكلُّ ما يعمله الفرد من الطاعات والإستغفار في سبيل ذلك ، يكون من (زكاة الفطر).
فإن قلت: فإنه كيف يكون الفطر بهذا المعنى عيداً للمسلمين، في حين أنَّ سببه من المرجوحات الأخلاقيَّة .
فجوابه: إنَّ الجواب الكامل مما لا يمكن بيانه الآن، ولكن يكفينا أن نلتفت إلى ما قلناه في الجزء الأوَّل من هذا الكتاب: من أنّ الزهد ليس مطلوباً بالذات، بل إنما هو مقدمةٌ للتكامل والصعود في الدرجات، فقد يصل الفرد إلى درجةٍ معتد بها من الكمال.
بحيث يستغني عن الزهد ويمكنه التخفيف منه أو تركه، بدون أن يلازم ذلك حبّ الدنيا أو الميل الى الشهوة، وعندئذٍ يجوز له الإفطار المعنويّ.
وعندئذٍ يكون العيد، لا باعتبار العود إلى ممارسة الإفطار، بل باعتبار الوصول إلى تلك المرحلة المهمَّة، أو باعتبار الإفطار عندئذٍ بالعطاء المعنويّ والرحمة الخاصَّة.
وأما سائر الناس فيبقى فهْمُ عيدهم، على المستوى الفهم الظاهريّ للشريعة.

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
خادم البضعة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 11:12 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2025