![]() |
![]() |
![]() |
|
منبر شهيد ألله السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس) المواضيع الخاصة بسماحة السيد الشهيد محمد الصدر قدس الله نفسه الزكية |
|
![]() |
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#29 |
|
![]()
[align=right]الجمعة السادسة والثلاثون 28 شعبان 1419 الخطبة الاولى اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين بسم الله الرحمن الرحيم في الجمعة السابقة اعطينا الطاعة لله سبحانه وتعالى ب"نعم" وفي هذه الجمعة نعطي الطاعة لله عز وجل بـ"لبيك" فقولوا معي كما اقول ثلاثا .. لبيك لبيك يا الله … لبيك لبيك يا ربِ … لبيك لبيك للاسلام … لبيك لبيك يا علي … لبيك لبيك يا مهدي … لبيك لبيك يا حوزة … الان نؤدي التلبية كما تؤدى في الحج لانها في الحقيقة إعطاءُ الولاء لله سبحانه وتعالى ولا تختص بالحج حقيقةً . لبيك اللهم لبيك … لبيك اللهم لبيك … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك … لبيك اللهم لبيك … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك … لبيك اللهم لبيك … … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك … الشيء الاخر الذي وددت ان انبهكم عليه انني اود جدا كما عملنا نصب وذكريات لصلاة الجمعة ان نعمل نصب وذكريات بمناسبة عيد الغدير ، فاهيب بالاختصاصيين وغير الاختصاصيين ان يأتوا لنا بما يناسب ذلك المقام الجليل من الان الى يوم الغدير نفسه فلا تقصروا تجاه امامكم امير المؤمنين (سلام الله عليه) وسوف يقول التاريخ ان هذا الشيء وهذا الطلب وقع خلال القصف الامريكي ليكون دليلا على ان المؤمن لا يخاف من احد الا من الله سبحانه وتعالى. بسم الله الرحمن الرحيم اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِاَبْهاهُ وَ كُلُّ بَهائِكَ بَهِيٌّ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِبَهائِكَ كُلِّهِ .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ جَمالِكَ بِاَجْمَلِهِ وَ كُلُّ جَمالِكَ جَميلٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِجَمالِكَ كُلِّهِ .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ جَلالِكَ بِاَجَلِّهِ وَ كُلُّ جَلالِكَ جَليلٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بِاَعْظَمِها وَ كُلُّ عَظَمَتِكَ عَظَيمَةٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِعَظَمَتِكَ كُلِّها .اَللّهُمَّ اِنّي اَسَأَلُكَ مِنْ نُورِكَ بِاَنْوَرِهِ وَ كُلُّ نُورِكَ نَيِّرٌ ، اَللهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِنُورِكَ كُلِّهِ .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِاَوْسَعِها وَ كُلُّ رَحْمَتِكَ واسِعَةٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِرَحْمَتِكَ كُلِّها .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ كَلِماتِكَ بِاَتَمِّها وَ كُلُّ كَلِماتِكَ تامَّةٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِكَلِماتِكَ كُلِّهَا .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ كَمالِكَ بِاَكْمَلِهِ وَ كُلُّ كَمالِكَ كامِلٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِكَمالِكَ كُلِّهِ .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ اَسمائِكَ بِاَكْبَرِها وَ كُلُّ اَسْمائِكَ كَبيرَةٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِاَسْمائِكَ كُلِّها .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ عِزَّتِكَ باَعَزِّها وَ كُلُّ عِزَّتِكَ عَزيزَةٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها . اللهم صل على محمد المصطفى وعلى علي المرتضى وعلى الحسن المجتبى وعلى الحسين الشهيد بكربلاء وعلى فاطمة الزهراء وعلى الامام السجاد وعلى الامام الباقر وعلى الامام الصادق وعلى الامام الكاظم وعلى الامام الرضا وعلى الامام الجواد وعلى الامام الهادي وعلى الامام العسكري وعلى مولانا صاحب الزمان ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرا في الدنيا والاخرة ، قولوا معي "بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرا" بعد ايام قلائل يبدأ شهر رمضان المبارك ، شهر الله الاعظم وعيد اوليائه فيحسن بنا ان نتحدث اليوم عن فضيلة الصوم واهميته في الاسلام والحديث عنه كثير واكثره مسموع الا ان بعض التكرار لا يخلو من فائدة فان الذكرى تنفع المؤمنين والحديث فيه مع التوّسع طبعاً طويل جداً وقد ذكرنا في كتاب الصوم من فقه الاخلاق الجزء الاول قسطا وافيا منه الا ان الذي اريد التركيز عليه في هذا اليوم هو ذكر بعض الاخبار الواردة في فضيلة الصوم وشرحها واول واهم ما يواجهنا في ذلك الخطبة المروية عن الني صلى الله عليه واله في فضيلة الصوم وفي فضيلة شهر رمضان المبارك ، لا بأس ان نسمع شيئاً منها ، قال في مفاتيح الجنان صفحة 172 : روى الصدوق بسند معتبر عن الرضا (عليه افضل الصلاة والسلام) عن ابائه عن امير المؤمنين (عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام) قال : ان رسول الله (صلى الله عليه واله) خطبنا ذات يوم فقال : يا ايها الناس انه قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاءكم فيه مستجاب فسلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كباركم وارحموا صغاركم وصلوا ارحامكم واحفظوا السنتكم وغضوا عما لا يحل النظر اليه ابصاركم وعما لا يحل الاستماع اليه اسماعكم وتحننوا على ايتام الناس يتحنن على ايتامكم وتوبوا اليه من ذنوبكم وارفعوا اليه ايديكم بالدعاء في اوقات صلواتكم فانها افضل الساعات ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة الى عباده يجيبهم اذا ناجوه ويلبيهم اذا نادوه ويستجيب لهم اذا دعوه ايها الناس ان انفسكم مرهونة باعمالكم ففكوها باستغفاركم وظهوركم ثقيلة من اوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم واعلموا ان الله تعالى ذكره اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين والساجدين وان لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين. ايها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. قيل : يا رسول الله وليس كلنا يقدر على ذلك. فقال (صلى الله عليه واله) : اتقوا النار ولو بشق تمرة اتقوا النار ولو بشربة ماء فان الله يهب ذلك الاجر لمن عمل هذا اليسير اذا لم يقدر على ما هو اكثر منه. ويستمر رسول الله (صلى الله عليه واله) بخطبته الا اننا نكتفي بهذا المقدار لاجل اعطاء بعض الشروح لما سمعناه منها ولعلنا خلال الجمعات الاتية يمكننا تغطية الخطبة كلها نصا وشرحا اذا بقيت الحياة وساعد الحال وهنا لا بد من الاشارة الى عدة نقاط : النقطة الاولى : انه (صلى الله عليه واله) قال : (يا ايها الناس) ولم يقل يا ايها المسلمون او ايها المؤمنون ونحو ذلك – لاحظوا - وهذا يؤيد القاعدة التي يقول بها المشهور وهو الصحيح ايضا ، ان الكفار مخاطبون بالفروع وتجب عليهم التكاليف الاسلامية كما تجب على المسلمين من صوم وصلاة وحج وزكاة وخمس وغيرها غاية الامر انها لا تصح منهم حال كفرهم فيجب ان يدخلوا في الاسلام لاجل تصحيح عباداتهم فيكون دخولهم في الاسلام واجباً من ناحيتين : اولا : انه مطلوب في نفسه فانه يجب عليهم ان يُسلموا على اية حال. ثانيا : انه مطلوب لاجل تصحيح ما هو مطلوب منهم وجوبا من العبادات والصحيح ان مقدمة الواجب واجبة ، وهذا يكون من قبيل مقدمة الواجب . فالمهم ان قوله (يا ايها الناس) يشمل جميع البشرية باديانها واصنافها واجيالها واماكنها ومجتمعاتها والله تعالى يريد الخير لكل البشر ويريد التوبة والتكامل لكل البشر وانه خلقهم من اجل خيرهم ونفعهم في الدنيا والاخرة اي في المدى اللانهائي وانما هم الذين ظلموا انفسهم وتقاعسوا عن العمل الصالح واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا. النقطة الثانية : انه (صلى الله عليه واله) قال : (انه قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة). اقول ان الله تعالى يعلم ما في نفوس البشر من النقص وما في اعمالهم من التقصير وما في تفكيرهم من القصور الامر الذي يؤدي بهم الى زيادة الذنوب والعيوب والى كثرة استحقاق العقاب وقلة استحقاق الثواب وبالتالي يؤدي الى ضعف التكامل المعنوي في درجات الايمان واليقين وهذا ما يؤسف له حقيقة وانما جناه الفرد على نفسه من حيث انه مستطيع للتكامل ومخلوق لاجل التكامل ومعطى فرصة السير في التكامل ومع ذلك فهو معرض عنه منصرف الى اللعب واللهو في شهوات الدنيا ومصالحها ومغرياتها وعلى اي حال فقد فتح الله تعالى الفرص الكثيرة جدا للتوبة والانابة والتكامل وهي فرص موجودة على عدد انفاس الفرد بل اكثر حتى كان يعبر بعض اهل المعرفة ان يد الله ممدودة للمصافحة ويكفي بالفرد ان يمد يده اليها فقط وهي عبارة اخرى عن الفرصة المعطاة من قبله جل جلاله للتوبة اولاً وللتكامل ثانيا ولذا ورد في القرآن الكريم : ((والله يريد الاخرة)) يعني يريد لنا الاخرة لا لنفسه وهو غني عن العالمين وقال جل جلاله : ((يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزئون)). فكان من جملة – لاحظوا - هذه الفرص للتوبة والانابة والاستغفار والذكر شهر رمضان وكل ايامه ولياليه فرص فهو ليس فرصة واحدة بل ملايين الفرص للانابة والتكامل والتوجه الى الله سبحانه وتعالى ونحن نعلم ان الله تعالى جعل فرصاً من اجناس مختلفة للتوبة والانابة والثواب منها المساجد والمراقد المقدسة وبيت الله الحرام ومنها الازمان او الايام كشهر رمضان وعيد الفطر وعيد الغدير وعيد الاضحى ويوم عرفة وليلة النصف من شعبان وغيرها كثير وهذه الكثرة انما تكون من سعة رحمة الله سبحانه وتعالى ومن جليل كرمه والا كان في مستطاع الله سبحانه وتعالى ان يقلصها الى اقل مقدار ممكن. ومنها - من فرص التوبة والرحمة - القرآن الكريم نفسه الذي هو باب الهداية العظيمة والعامة للبشر اجمعين ومنها وجود المعصومين (عليهم السلام) انفسهم فانهم عدل الكتاب وكتاب الله الناطق واحد الثقلين في حديث النبي (صلى الله عليه واله) : (اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا). النقطة الثالثة : انه (صلى الله عليه واله) قال في الخطبة : (شهر – شهر رمضان - هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات) مع انه قد يحصل السؤال عن الوجه في ذلك – لاحظوا - فان العقل لا يدرك فرقا بين اجزاء الزمان كالايام والاشهر ونحو ذلك فكيف يكون بعض الزمان افضل من بعض كشهر رمضان او غيره. وجواب ذلك من عدة جهات نذكر منها اثنان : اولاً: ان العقل البشري وان لم يمكنه ان يتصور ذلك - اعني فضل بعض الايام والاشهر على بعضها - الا اننا نعترف بان العقل البشري او القسم المتيسر من العقل البشري لو صح التعبير غير كاف لادراك الواقعيات التي يعلمها الله سبحانه وتعالى في مخزون علمه ومكنون حكمته وليس له الحق اي ليس للعقل البشري الحق في ان يناقش فيما لا يعلم او لا يدرك ويكفينا هنا مجرد الاطروحة في صحة ذلك واقعيا من دون ان يدرك العقل ذلك لقصوره وتقصيره. ثانياً: ان الله تعالى يتعمد لو صح التعبير ان يفعل ذلك فان كل هذه الاثار والنتائج انما هي من كرمه وعطائه فهو يبذل فرصة التوبة وينزل الملائكة ويستجيب الادعية وغير ذلك ويستطيع جل جلاله ان يعمل ذلك في زمان دون زمان ويفضل بعض الازمنة على البعض الاخر من هذه الجهة او من اية جهة. النقطة الرابعة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله) فان السؤال يحصل بان الضيف ينبغي اكرامه واحترامه فاذا كان الناس في ضيافة الله اذن فهم مكرمون ومحترمون الا ان الامر يبدو للانسان البسيط طبعا يبدو بالعكس فان ضيوف الله في شهر رمضان جائعون خلال الصوم وضيوف الله في ذي الحجة وهم الحجاج يتعبون في انجاز الحج وهذا يكون على خلاف الاكرام والاحترام وجواب ذلك في نقطتين : الاولى : ان هذا الجوع والعطش والتعب انما هو دنيوي محض بطبيعة الحال واضح جدا. وليس المقصود من خطبة النبي هو ذلك او قل ليس المقصود هو الاكرام في الدنيا بل الاكرام في الاخرة واعطاء المزيد من الثواب والاجر للعاملين في سبيله. اذن المراد من الضيوف انما هم ضيوف الاخرة وليس ضيوف الدنيا. النقطة الثانية : ان الله تعالى لا يعطي العبد عطاءً مجانيا اطلاقا وهذا قانون ماشٍ بين جميع الناس حتى المعصومين (سلام الله عليهم) وانما يحصل الثواب على العمل. واما بدون عمل فلا يحتمل حصول الثواب اصلا وفي الحكمة : (القدم الاول من العبد والثاني من الرب) وفي الحديث القدسي : (من تقدم الي شبرا تقدمت اليه ذراعا). ويعني ذلك انه لو لم يفعل العبد اي شيء ولم يبادر الى اي طاعة لا يحتمل ان يكون مستحقا للثواب. اذن – لاحظوا - فضيافة الله في الاخرة منوطة بالعمل ومن هنا امر الله تعالى عباده بذلك ، بالعمل على مختلف مستوياته وانواعه فشهر رمضان فيه الصوم وشهر ذي الحجة فيه الحج والاموال فيها ضرائب الزكاة والخمس وهكذا. النقطة الخامسة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة) والعبادة وان كانت مطلقة للصائمين وغيرهم لانه يقول (نومكم فيه عبادة) يعني سواء كان الفرد صائما فعلا او لم يكن صائما والعبارة وان كانت مطلقة للصائمين وغيرهم الا انه لا يحتمل فقهيا ذلك بل هي خاصة بالصائمين فقط ، نوم الصائمين عبادة وليس نوم المفطرين في شهر رمضان عبادة فقد اعطاهم الله تعالى - اي الصائمين - هذه المزية وهي ان نَفَسهُ بمنزلة التسبيح لله سبحانه وتعالى ونومه بمنزلة العبادة والمراد به – لاحظوا - النوم نهارا يعني خلال الصوم وليس ليلا خلال الافطار ومن الواضح ان اية عبادة لا تجتمع مع النوم – يا عبادة الي تجتمع مع النوم ؟ تصلي وانت نايم يصير ؟! ما يصير - اذ كيف يتعبد الانسان وهو نائم الا مع الصوم فانه ينام وهو صائم فيكون متعبدا بهذا المعنى خلال نومه ونحوه في الشريعة ورد : (ان من توضأ ونام فان فراشه مسجده) يعني يكون في عبادة الى ان يستيقظ برحمة الله وفضله وهذه من رحمات الله على العباد وزيادة في فضله عليهم اكثر من الاستحقاق في الحقيقة الا ان هذا – لاحظوا – لا يعني الاكتفاء بهذه العبادة - انا انام وازيد نومي بعنوان ان نومي عبادة !! هكذا قد تسول النفس الامارة بالسوء وطبقة من المجتمع يفكرون فيه ،انا هذا الذي اريد ان ارده . لا. ثم لا - الا ان هذا لا يعني الاكتفاء بهذه العبادة عن ذكر الله والدعاء والقرآن ويقول الفرد لنفسه انه ما دمت صائما ونَفَسي تسبيح ونومي عبادة اذن فينبغي ان اترك العبادات والمستحبات الاخرى واُكثر من النوم لتكثر لي العبادة فانه ليس المقصود من الحديث ذلك بل المراد حسب فهمي – لاحظوا - ان الفرد الصائم المتوجه الى الله والراغب بزيادة اجره وذكر الله سبحانه وتعالى قد يشعر بالخيبة والحسرة والتفريط اذا تعب من دعائه او قرآنه واحتاج الى النوم فتنقطع عبادته بالنوم فهنا يقول له رسول الله (صلى الله عليه واله) انك اذا نمت اعتبر الله نومك عبادة ايضا ومثاله الفرد الذي كان ملتزما خلال دهره بعمل معين كصلاة الليل مثلا ثم حصل له مانع معين كالمرض او السجن او الشيخوخة او اية ضرورة فتركها متأسفا فانه يُعطى ثوابها لا محالة ولعل هذا من الواضحات شرعا وحسب فهمي من القطعيات شرعا فاذا كان انت متعبد في النهار حال يقظتك اعطاك الله نفس الثواب حال نومك كما انه ليس المقصود من هذه الرواية طلب زيادة النوم وترك الاعمال الاقتصادية او العلمية او الاجتماعية ونحو ذلك وخاصة اذا كانت محل ضرورة او كانت واجبة شرعا للنفقة الواجبة مثلا او غيرها فان النوم في مثل ذلك يكون مرجوحا بل قد يصبح حراما اذا كان مفوتا لواجب كالصلوات الواجبة او النفقة الواجبة. النقطة السادسة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه) وهذا الحديث له مرتبة علة ومرتبة معلول بلغتي واصطلاحي. اما مرتبة العلة فان الجوع والعطش يذكر الانسان بامور عديدة وبتعبير آخر يذكر الفرد المؤمن – الغير المؤمن سارح مع الدواب ، المؤمن هو الذي يتذكر – بامور عديدة منها جوع وعطش يوم القيامة ومنها جوع وعطش الفقراء والمحتاجين ومنها جوع وعطش المرضى والمصابين ومنها جوع وعطش العاملين في سبيل الله اذا وقعوا بمثل هذه الصعوبة ومنها جوع وعطش المضطرين كالتائهين في الصحراء او البحر او الجبال او المسجونين ونحو ذلك كثير هذا في مرتبة العلة واما في مرتبة المعلول فان كل واحد من هذه الافكار يعطي نتائجه المحمودة – لاحظوا - فتذكر جوع وعطش يوم القيامة يذكر بيوم القيامة نفسه واذا تذكر الفرد يوم القيامة والحساب والعتاب والعقاب وقف عند الذنوب واكثر من الطاعات وذكر الله سبحانه وحصل عنده الورع والتقوى ، وتذّكر جوع وعطش الفقراء والمساكين يحث الفرد بمقدار امكانه على قضاء حاجة المحتاجين واشباع المعوزين وهم كثيرون غالبا في المجتمعات وتذكر جوع وعطش المرضى والمضطرين يحث الفرد على امرين احدهما السعي في قضاء حاجة المحتاجين مهما كانت ورفع ضرورة المضطرين من اخوانه المؤمنين بمقدار امكانه ثانيهما توجيه الحمد – لاحظوا - والشكر الى الله سبحانه بعدم الابتلاء والضرورة والحاجة كما ابتلى به غيره كما ورد : (نعمتان مجهولتان الصحة والامان) وكلاهما في الحقيقة الصحة والامان من اعظم النعم ومبلغ شكرها الحقيقي وان كان هو الشكر اللفظي الا ان الواقع منه هو استغلالهما اعني الصحة والامان في طاعة الله واكتساب الطاعات وتكامل الايمان والسير في رضا الله سبحانه كما ورد في الحكمة - لاحظوا ، هل سمعته؟ وهل اطعته؟ هذا الحديث الان اقرأه - : (اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك). بسم الله الرحمن الرحيم اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا * صدق الله العلي العظيم الجمعة السادسة والثلاثون 28 شعبان 1419 الخطبة الثانية اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين بسم الله الرحمن الرحيم إِلهِي رَبَّيْتَنِي فِي نِعَمِكَ وَإِحْسانِكَ صَغِيرا وَنَوَّهْتَ بِاسْمِي كَبِيراً، فَيامَنْ رَبَّانِي فِي الدُّنْيا بإِحْسانِهِ وَتَفَضُّلِهِ وَنِعَمِهِ وَأَشارَ لِي فِي الآخِرَةِ إِلى عَفْوِهِ وَكَرَمِهِ مَعْرِفَتِي بك يامَوْلاي دَلِيلِي عَلَيْكَ وحُبِّي لَكَ شَفِيِعِي إِلَيْكَ وَأَنا وَاثِقٌ مِنْ دَلِيلِي بِدَلالَتِكَ وَساكِنٌ مِنْ شَفِيعِي إِلى شَفاعَتِكَ، أَدْعُوكَ ياسَيِّدِي بِلِسانٍ قَدْ أَخْرَسَهُ ذَنْبُهُ رَبِّ أُناجِيكَ بِقَلْبٍ قَدْ أَوْبَقَهُ جُرْمُهُ، أَدْعُوكَ يارَبِّ راهِباً راغِباً راجِياً خائِفاً إِذا رَأَيْتُ مَوْلايَ ذُنُوبِي فَزِعْتُ وَإِذا رَأَيْتُ كَرَمَكَ طَمَعْتُ، فَإِنْ عَفَوْتَ فَخَيْرُ راحِمٍ وَإِنْ عَذَّبْتَ فَغَيْرُ ظالِمٍ. حُجَّتِي يا الهي فِي جُرْأَتِي عَلى مُسأَلَتِكَ مَعَ إِتْيانِي ماتَكْرَهُ جُودِكَ وَكَرَمُكَ وعُدَّتِي فِي شِدَّتِي مَعَ قِلَّةِ حَيائِي رَأَفَتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَقَدْ رَجَوْتُ أَنْ لا تَخِيبَ بَيْنَ ذَيْنِ وذَيْنِ مُنْيَتِي، فَحَقِّقْ رَجائِي وَاسْمَعْ دُعائِي ياخَيْرَ مَنْ دَعاهُ داعٍ وَأَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راجٍ. عَظُمَ ياسَيِّدِي أَمَلِي وَساءَ عَمَلِي فَأَعْطِنِي مِنْ عَفْوِكَ بِمِقْدارِ أَمَلِي وَلا تُؤاَخِذْنِي بِأَسْوَءِ عَمَلِي فَإِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَنْ مُجازاةِ المُذْنِبِينَ وَحِلْمَكَ يَكْبُرُ عَنْ مُكافأَةِ المُقَصِّرِينَ، وَأَنا ياسَيِّدِي عَائِذٌ بِفَضْلِكَ هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّا وَما أَنا يارَبِّ وَما خَطَرِي ؟! هَبْنِي بَفَضْلِكَ وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ أَيْ رَبِّ، جَلِّلْنِي بِسِتْرِكَ وَاعْفُ عَنْ تَوْبِيخِي بِكَرَمِ وَجْهِكَ، فَلَوِ اطَّلَعَ اليَوْمَ عَلى ذَنْبِي غَيْرُكَ مافَعَلْتُهُ وَلَوْ خِفْتُ تَعْجِيلَ العُقُوبَةِ لاجْتَنَبْتُهُ لا لاَنَّكَ أَهْوَنُ النَّاظِرِينَ وَأَخَفُّ المُطَّلِعِينَ بَلْ لاَنَّكَ يارَبِّ خَيْرُ السَّاتِرِينَ وَأَحْكَمُ الحاكِمِينَ وَأَكْرَمُ الاَكْرَمِينَ، سَتَّارُ العُيُوبِ غَفَّارُ الذُّنُوبِ عَلامُ الغُيُوبِ تَسْتُرُ الذَّنْبَ بِكَرَمِكَ وَتُؤَخِّرُ العُقُوبَةَ بِحِلْمِكَ اللهم صل على محمد وال محمد بافضل صلواتك واكرم تحياتك واعظم الائك كما صليت وباركت وترحمت وتحننت وتمننت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد. بسم الله الرحمن الرحيم ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78))) ومن الامور التي يشير اليها النبي (صلى الله عليه واله) في خطبته استحباب ان يفطر الفرد صائما وهذا المعنى شامل للصائم وغيره، يعني يُستحب لك ان تفطر صائما سواء كنت صائما ام لم تكن وهذا يدخل في الحقيقة في المنهج الاسلامي العام لقضاء حاجة المحتاجين فليس من العدل والانصاف ان يكون فطور طبقة من الناس من اطايب الطعام والشراب وفطور طبقة اخرى يكون متواضعا جدا او انه لا يجد له افطارا اطلاقا بل مقتضى العدل الاسلامي هو تساوي هاتين الطبقتين مهما امكن وذلك ان الله تعالى امر الاغنياء بالاعطاء الى الفقراء في كثير من تعاليمه الواجبة والمستحبة كالزكاة والخمس والفدية والكفارة والعتق ووجوب انقاذ المضطر واستحباب الصدقة واستحباب قضاء حاجة المحتاجين واحيانا وجوب قضاء حاجة المحتاجين وغير ذلك كثير حتى ان تقسيم الارث بين الورثة يدخل في ضمن ذلك كما قال تعالى : ((كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ)) ومع ذلك نجد طبقات من الناس الدنيويين يدّعون الاشتراكية بمختلف اتجاهاتها وتفاسيرها في حين ان الاسلام بل ان خط الانبياء كله انما هو على ذلك وعلى الشفقة على الفقراء والمحتاجين مع هذا الفارق الرئيسي بين الجماعتين ، الجماعة الدنيوية والجماعة الدينية وهو ان دعاة الجماعة الاشتراكية الدنيويين يعيشون عيشة مرفهة قد نالوا الشهرة والزعامة والمال بعنوان انهم دعاة الى مسلك معين او مصلحة اجتماعية معينة في حين ان الانبياء والاوصياء والمعصومين عموما يغلب على حياتهم الزهد والتقشف وشظف العيش واغلبهم كانوا من قبيل الرعاة او الفلاحين كما قال تعالى نقلا عن احد الانبياء : (وما كنت لاخالفكم الى ما انهاكم عنه)) يعني انني حينما امركم بشيء او انهاكم عن شيء فليس هذا لكم فقط بل هو لي ايضا وواجب علي ضمنا وانا اولى من ان افعله واطبقه منكم وقال عن موسى (عليه السلام) : (وانا اول المؤمنين)) وقال امير المؤمنين (عليه السلام) ما مضمونه : (كيف ارضى لنفسي ان يقال امير المؤمنين ولا اشاركهم - يعني لا اشارك المؤمنين طبعا - شظف العيش وقساوة الحياة) ولم يقصر هو في ذلك بل كانت كل حياته (عليه السلام) مبنية على الزهد المكثف والابتعاد عن الدنيا وما فيها ومن الاحاديث الواردة في فضل الصوم (انه جُنة من النار) – يعني مانع وعاصم منها - ولا شك ان الاعم الاغلب من الناس يشعرون باستحقاقهم للنار نتيجة للذنوب والعيوب والقصور والتقصير الذي مر به في حياته ومن هنا فتح الله تعالى فرصا عديدة كما قلنا للوقاية من العذاب وتجنب نتائج الذنوب لانه سبحانه خلق خلقه للرحمة وليس للعذاب ولا يكون العذاب الا في اخر مرحلة عند الياس من العبد تماما كما في المثل: (آخر الدواء الكي). ومن هنا تتعجب ملائكة جهنم في مجيئ اهل النار الى النار وتقول لهم: ((ما سلككم في سقر)) ولماذا جئتم هنا مع ان الله تعالى خلقكم لاجل الجنة ((فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)) فكان من الطبيعي ان تذهبوا الى الجنة لا ان تأتوا الى النار فيكون جوابهم – ماذا يكون جوابهم؟ - بالاعتراف بالذنب قالوا : ((قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43)وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ(44)وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ(45)وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ(46)حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ(47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ(48))) لان شفاعة الشافعين للمرضي لله سبحانه وتعالى ((ولا يشفعون الا لمن ارتضى)). وعلى اي حال فقد جعل الله تعالى فرصا عديدة وموانع كثيرة للمؤمن عن النار كالبكاء خوفا من الله تعالى كما ورد بما مضمونه : (دمعة واحدة خوفا من الله تطفىء بها بحار النار) يعني على قلة رطوبة الدمعة فانها تطفيء كثيرا من النار بفضل الله ورحمته وقدرته وكذلك قوله : (الصوم جُنة من النار) فاذا صام الفرد وجوبا او استحبابا كان ذلك سببا لغفران ذنبه وستر عيبه ووقايته من جهنم وصعوده في درجات الجنان. ومن الاحاديث الواردة في فضل الصوم ما ورد في الحديث القدسي عن الله سبحانه وتعالى : (الصوم لي وانا اجزي به) وانا رويته في جمعة سابقة وقرأته بالالف المقصورة (الصوم لي وانا اُجزى به) وقال لي احد فضلاء الحوزة - ولعله حاضر الان جزاه الله خير- ان هذا غير ممكن وانما احتمالات الحديث (اجزي) بالياء وفتح الالف او (اُجزي) بالياء وضم الالف واما (اُجزى) – ما يفيد ، لان الله تعالى غني عن العالمين ، لا يُجزى بشيء جل جلاله ، سبحان الله ، انت تحجي لنفسك ، كوترة! ، لاحظوا - وهذا معناه بوضوح انه لم يقرا ما كتبته في فقه الاخلاق الجزء الاول عن هذا الحديث حيث قُلتُ هناك ، هكذا اقول هناك : هذا بينما نرى الصوم خاليا من اي طرف آخر - العبادات لها اطراف ، المصلي يروه الناس ، دافع الزكاة يأخذها الفقير او الحاكم الشرعي ، الخمس يأخذه الفقير او الحاكم الشرعي ، الصوم فقط لله سبحانه وتعالى ، لا يراه احد ولا يسمعه احد ولا يلمسه احد اطلاقا سبحان الله ، خالية من اي طرف آخر - ومن هنا يمكن ان يكون الصوم عبادة سرية عن كل البشر لا يطّلع عليها الا خالقها سبحانه وتعالى وفعلا نجح الكثيرون ممن يودون كتم عباداتهم بالإسرار بهذه العبادة المباركة ومن هنا ورد في الحديث القدسي : (الصوم لي وانا اجزي به) اما ان الصوم لله سبحانه – لماذا الصوم لي ؟ - فلانه يمكن ان يكون مكتوما عمن سواه كما عرفنا فيتمحض لله عز وجل ويكون خاليا من الرياء والدوافع الدنيوية جميعا واما سائر العبادات فقد لا تكون لله او لا تتمحض له عز وجل بالشكل التام المرضي له سبحانه وتعالى لان لها مظاهرها الخارجية التي يمكن ان يطلع عليها الاخرون صحيح ان الصوم يمكن ان يُعلنْ كما ان الصلاة يمكن ان تكتم او اية عبادة اخرى الا ان الافضلية مع ذلك تبقى للصوم لانه اسهل كتمانا من غيره ولا يوجد فيه اي مظهر يمكن الاطلاع عليه واما قوله في الحديث القدسي (وانا اجزي به) فقد نقرأه بالبناء على الفاعل (أُجزي) وقد نقرأه بالبناء على المفعول او المبني للمجهول (اُجزى) اما اذا بنيناه على المعلوم فيكون لهذه الفقرة عدة اساليب من الفهم نذكر بعضها: الاسلوب الاول : (أجزي) – شلون (أجزي) بالله؟ - ان الله سبحانه يجزي على الصوم يعني يعطي الثواب عليه وبهذا لا يفترق الصوم عن غيره من العبادات التي يُعطي الله عليها انواع المثوبة ومعه تكون هذه الفقرة غير خاصة بالصوم - انا اجزي به ، هو يجزي على كل العبادات - ومعه تكون هذه الفقرة غير خاصة بالصوم والفقرة الاولى خاصة به ، (الصوم لي) خاصة بالصوم ، (وانا اجزي به) عامة لكل العبادات بناءً على هذا الاسلوب من التفسير. الاسلوب الثاني : ان الله تعالى يستقل دون عباده وخلقه من الملائكة او الاولياء او غيرهم ، يستقل باعطاء الجزاء للعبد الصائم - لان الحديث في الصوم - باعطاء الجزاء للعبد فبينما يكون جزاء العبد في سائر العبادات على الخلق وبواسطة الخلق فانه يكون في الصوم على الله مباشرة (انا اجزي به) وهذا يعني عدة امور منها كثرة العطاء طبعا لان العطاء الوارد من الله سبحانه لا شك هو اجزل من العطاء الوارد من المخلوقين وان انتسب ذلك ايضا الى الله تعالى في نهاية المطاف ومنها كتم العطاء عن الاخرين فكما ان العبد – لاحظوا ، هذا قلما يُلتفت اليه - في الصوم – العبد الصائم - يعطي لربه عبادة مكتومة كذلك الله يعطي لعبده ثوابا مكتوما عن الاخرين وهذا فيه لذة للعبد معنوية لا يعرفها الا ذووها هذا اذا بنينا الفقرة في الحديث الشريف للفاعل المعلوم نقول (اجزي)، واما اذا بنيناها للمجهول (اُجزى) فستكون المسألة الطف واعجب لان معنى قوله (وانا اُجزى به) ان الصوم بنفسه – لاحظوا - سيكون جزاء من العبد لربه على نعمه وافضاله والله سبحانه غني عن العالمين لا يمكن ان يصل اليه النفع والجزاء من احد وانما هو معنىً مجازي يمثل اهمية الصوم الى درجة تصلح ان تكون جزاءً لله عز وجل بازاء نعمه اللامتناهية والاءه المتواترة المستمرة ومن هنا نرى ان في الحديث تفخيما للصوم من جهة اخرى وهي ان الاء الله سبحانه وتعالى غير محدودة فلا يمكن ان يكون جزاؤها عبادة محدودة مهما كانت صفتها وانما ذلك اعطاء التفخيم والاهمية للصوم الى هذه الدرجة الى حد جعله كأنه عبادة غير محدودة بحيث يوازي ويساوي النعم غير المحدودة لله سبحانه وتعالى ، ولكن لا ينبغي ان ننسى ان ما جعله الحديث الشريف جزاءً لنعم الله سبحانه ليس كل صوم بطبيعة الحال بل الصوم المكتوم حيث قال (الصوم لي) يعني الذي لا يعلمه غيري ، ومن الممكن القول بهذا الاعتبار ان العبادة مع تمحضها لله عز وجل ستكون من الناحية المعنوية غير محدودة بخلاف العبادة التي تشوبها الشائبة او الشوائب فانها ستكون عبادة محدودة او بالاحرى هزيلة لا تصلح لان تكون جزاءً لنعم الله العظيمة. فاذن ، فالصوم المكتوم لا محدود فيمكن ان يكون جزاءً للنعم غير المحدودة هكذا بفضل الله ولا يخفى على كل حال ان في هذا تسامحا من جهة الله سبحانه وتعالى ورحمة من قبله لعبده اكثر من استحقاق المورد مهما كان عظيما لان الله عز وجل لا يمكن حقيقة ان تُجازى الآؤه او تُشكر نعمائه او يُطاع حق طاعته او يُذكر حق ذكره كما ورد في الاخبار واما قول هذا الواحد من فضلاء الحوزة بان امر هذا اللفظ مردد بين فتح الهمزة وضمها (أجزي) و(اُجزي) فهو قابل للمناقشة ، فـ(اُجزي) لا معنى له حبيبي بل يتعين بالفتح (أجزي) لانه من الثلاثي جزى يجزي واما الضم فلا يكون الا للرباعي او المزيد كأدحرج واطعم من دحرج واطعم ولم يرد المزيد من هذه المادة فانه يقال جزى ولا يقال أجزى فيكون منه المضارع أجزي وانما يكون ذلك من الاجزاء لا من الجزاء وهو معنى اخر اجنبي عن المقصود في الحديث قطعا. بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد * جزاكم الله خير [/align]
التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 01-05-2020 الساعة 07:44 PM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]() |
![]() |