الماء والتكامل

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم

الماء و التكامل

يعتبر الماء من اهم المكونات الأساسية للحياة و ادامة الموجودات فيها لما له من دور كبير في تسيير وضائف الكائنات المرئي منها او اللامرئي ،لذا يعتبر وجوده فريد في الموجودات .قال تعالى : {وجعلنا من الماء كل شيء حي} اذن هذا العطاء من الماء لابد ان يحافظ عليه بنفسه تجاه الضروف التي تريد سلب العطاء منه خلال مسيرته الجارية ،ومن الاساليب التي يحافظ بها الماء على عطائه:

الأولى : ما يتخذ اسلوب مرن تجاه الضروف (أسلوب المراوغة)

وهذا نجده واضحا عندما يتغير من حاله فيزياوبة الى اخرى فنجده عندما يتعرض للبروده يجمد و يصبح ثلجا ،وعندما يتعرض لحرارة الغليان يتبخر و يصبح بخار ماء ولكن ما ان تسنح له الفرصة يعود الى حالته الطبيعيه وهي السائة (أي الماء الطبيعي الجاري) ليعود بمزاولة عطائه من جديد مع العلم ان هذه الحالات الثلاث لا يفقد الماء عطائه فيها أي ان بخار الماء يمكن الاستفاده منه لسقي الصحاري و القفار عندما ينتقل جوا ويهطل مطرا ليروي ارض ميته فيبث فيها الحياة،والثلج الذي تكون من التصاق جزيئات الماء بعضها مع بعض فيظرب لنا مثلا في ذلك الصف المرصوص بنيانه ،الناصع لونه الشديد على الضروف التي تهدده صلابته

قال تعالى : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص}.

الثانية : ما يتخذ أسلوب غير مرن أسلوب المواجهة

وهذا نجده واضحا و متناول في كتب الفقه باب الطهارة ،حبث ان الماء يقسم الى : (مطلق و مضاف)

والماء المطلق يقسم الى (معتصم و غير المعتصم).وحديثنا هنا مع الماء المعتصم حيث يستعمل اربع أساليب للمحافظة على اعتصامه:

1-ان يكون جاريا بكمية و سرعه معينة بحيث توجد مقاومة باتجاه الظروف المضادة لكي يوفق في الاستمرار بالعطاء .اما بالنسبة للإنسان السائر في درب التكامل ان يكون كالماء مستمر في جريانه و مواكبا مراحل التكامل فلو تقاعس و تمهل يسقط و يسحق .وعن امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليه السلام) : {ان لنا اهل البيت راية من تقدمها سرق و من تأخر عنها زهق و من تبعها لحق}.

2-ان يكون كثيرا بالغا مقدار الكر فما فوق (والكرمقداره ثلاث اشبار ونصف طولا وعرضا و ارتفاعا) والفرد لابد ان يكون كذلك يعمل على جميع الأصعدة بحيث يحصد اقل المجزي من الاعمال الصالحة التي تتجسد صورها و تساند الفرد في أوقات الفتنه و البلاء.

3-ان يكون نابعا من جوف الأرض (كالعيون المائية) فهذا الماء محصِّن نفسه من الاوساخ الموجودة على سطح الأرض و ما اكثرها حتى قال الشاعر:

الم ترَ ان البحر تعلو فوقه جيفٌ .................وتستقر تحت قاعه الدررُ

فلابد للفرد الذي يريد مواصلة عطائه ان يحصن اعماله و لا يظهرها خوفا من الوقوع في الغرور و الرياء و العجب و......ويظهرها عندما تقتضي المصلحة لذلك،كالماء الذي لايظهر الى في وقت ومكان مناسبين كظهوره في الصحراء باثا فيها الحياة وحتى يصبح قبله للسيارة ومكان إقامة لبعض السكان .

4-ماء المطر وهو الهاطل من السماء ،وهذا النوع يكون نزوله بداية خير لكل البشرية فلا يميز طائفة مؤمنه او كافرة و منه تشرق شمس الامل لحياة افضل وعطاء جديد .

قال تعالى : {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

وقال تعالى :{ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}.

فالفرد عليه ان يكون محب للخير و باعث له ومن تشرق الحياة فيصبح نور الله الذي يمشي في الأرض هاديا لعباد الله .

والحمد لله رب العالمين

وصلى الله على رسوله محمد واله الميامين و عجل فرجهم والعن عدوهم