الثبات على المبدأ

ان للنظم والمبادئ اهمية كبرى واثر بالغ في حياة الامم والشعوب وخير المبادئ واشرفها هو من ينظم حياة الانسان فرداً ومجتمعاً ويصون حريته وكرامته ويحقق امنه ورضاه ويوفر له وسائل السعادة والسلام في مجالات الدين والدنيا لذلك كان الثبات على مبدأ الحق من اقدس واجبات الامة وفروضها الحتمية وهو الذي يرفع معنوياتها ويعزز قيمتها ويحقق اهدافها وامانيها ولم تعرف البشرية في تاريخها المديد افضل واكمل من المبادئ الاسلامية الحائزة على جميع الخصائص والفضائل التي أهلتها للخلود .
فهي المبادئ الوحيدة التي تلائم الفطرة السليمة وتؤلف بين القيم المادية والروحية .
انظر كيف يمجد القران الكريم المسلمين الثابتين على مبادئهم الرفيعة والمتمسكين بقيم الايمان ومثله العليا ( ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ...) سورة فصلت الآيات من 30 الى 32 .
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم واهل بيته الاطهار المثل الاعلى في الثبات على المبدأ لحمايته والتضحية في سبيله بأعز النفوس والارواح .
كان صلى الله عليه واله وسلم كلما تكاثرت في وجهه اعاصير المحن وتألبت عليه قوى الكفر والطغيان ازداد صموداً ومُضياً على نشر رسالته ضارباً في سبيل الله ارفع الامثال (والله لو وضعتم الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا الامر حتى يظهره الله او اهلك في طلبه).
وكان امير المؤمنين عليه السلام على سر رسول الله صلى الله عليه واله ومثاليته في الثبات على المبدأ والاعتصام به .
فعرضت عليه الخلافة مشروطة بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه واله وسيرة الشيخين فأبى معتداً بمبدئه السامي ورأيه الاصيل قائلاً :
(بل على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه واله واجتهاد رأيي)
وألح عليه نفراً من خاصته ومواليه ان يستميل من أغواتهم زخارف الاطماع فسئموا عدل الامام ومساواته واستوائهم اغراء معاوية ونوالة الرخيص ( يا امير المؤمنين اعطهِ هذه الاموال وفضل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ومن تخاف عليه من الناس فرارة الى معاوية)
فقال عليه السلام (لهم وهو يعرب عن ثباته وتمسكه بدستور الاسلام وترفعه عن وسائل الاستغلالية الاثمة )
أتأمروني ان اطلب النصر بالجور؟! لا والله ما افعل ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم والله لو كان مالهم لي لواسيت بينهم وكيف وانما هي اموالهم
وهكذا سرت مثالية الامام عليه السلام الى الصفوة المختارة من اصحابه وحواريه فكانوا نماذج افذاذ في الثبات على المبدأ والتمسك بالحق والذود عنه ما خلدت مآثرهم عبر القرون و الاجيال واليك طرفاً منها :
فهذا عمرو بن الحمق يخاطب امير المؤمنين عليه السلام فيقول :
(( والله يا امير المؤمنين اني ما اجبتك ولا بايعتك على قرابة بيني وبينك ولا ارادة مال تؤتيناه ولا ارادة سلطان ترفع به ذكرى ولكني اجبتك بخصال خمس انك بن عم رسول الله صلى الله عليه واله واول من امن به وزوج سيدة نساء الامة فاطمة بنت رسول اله صلى الله عليه واله واسبق الناس الى الاسلام واعظم المهاجرين سهماً في الجهاد))
فلو اني كلفت نقل الجبال الرواسي ونزح البحور الطوامي حتى يؤتي في امر اقوي به وليك واهين به عدوك ما رأيت اني قد اديت فيه كل الذي يحق علي من حقك .
فقال علي عليه السلام ((اللهم نور قلبه بالتقى واهده الى صراطك المستقيم ليت ان في جندي مائة مثلك فقال : حجر : اذا والله يا امير المؤمنين صح جندك وقل فيهم من يعشقك ))
ويؤكد الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء ثباته على المبدأ مؤثراً في سبيله القتل والفداء على الحياة الخانعة الذليلة .
وقد احاط به ثلاثون الف مقاتل مما تنقل الروايات يبغون اذلاله وقتله فصرخ في وجوههم صرخته المدوية واعلن عن إباءه وشموخه بكلماته الخالدة المجلجلة في مسمع الدهر والتي لا تزال دستوراً حياً يقدسه الأباة والاحرار قائلاً :
الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنين وحجور طابت وطهرت وانوف حمية ونفوس أبيّة من ان نؤثر طاعة الئام على مصارع الكرام .
وقال ايضاً عليه السلام (والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر لكم اقرار العبيد)
وهكذا اقتفى اصحاب الحسين عليه السلام منهجه ومثاليته في الصمود والثبات على المبدأ ومفاداته بأعز النفوس والارواح حيث خطبهم الامام الحسين عليه السلام خطبة ملؤها الحب والاعجاب والاشفاق.
(( اما بعد فاني لا اعلم اصحاباً اوفى ولا خيراً من اصحابي ولا اهل بيت ابر ولا اوصل ولا افضل من اهل بيتي فجزاكم الله عني خيراً ال واني لأظن يوماً لنا من هؤلاء الاعداء الا واني قد اذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حلٍ ليس عليكم مني ذمام هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً ثم ليأخذ كل رجل منكم يد رجل من اهل بيتي ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فأن القوم انما يطلبوني ولو قد اصابوني للهوا عن طلب غيري ))
فقام اليه مسلم بن عوسجة فقال (( انحن نخلي عنك !! واما نعذر الى الله في اداء حقك اماد الله حتى اطعن في صدورهم برمحي واضربهم بسيفي ماثبت قائمة بيدي ولو لم يكن معي سلاح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة والله لا نخلينك حتى يعلم الله انا قد حفظنا غيبة رسول الله صلى الله عليه واله فيك واله لو علمت : اقتل ثم احيي ثم اقتل ثم احرق ثم اذرى ثم يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى القى حمامي دونك وكيف لا افعل ذلك وانما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة العظمى التي لا نقضاء لها ابداً))
ولقد سما سيدنا ومرجعنا وولينا الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره الشريف وتنحط دونه الهمم والامال في الثبات على المبدأ والتمسك بالحق رغم حراجة الموقف وهو يواجه اكبر طواغيت العصر المتمثل بالهدام عليه اللعنة والثالوث المشؤوم ولا تأخذه بالله لومة لائم في الدفاع عن الدين والمذهب والمخلصين حيث زرع فينا روح المحبة والاخوة والشجاعة والايمان .
وسار على نهجه سماحة السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله حيث كان له الاثر الواضح في الثبات على المبدأ حيث كان له الرفض في الاحتلال لبلدنا الحبيب من قبل المحتل الكافر وكان هو المتفض الوحيد ضد تلك القوى التي هيمنت على بلدنا انذاك .
ولا ينحصر موقفه فقط في الدفاع عن البلاد وانما كان له الدور الواضح بالمطالبة لجميع حقوق المظلومين وذلك من خلال قيامه بالمظاهرات والاعتصامات والندوات وكثير من الامور ولا يفرق بين احمد من اطياف هذا الشعب وهو يعاني ويتألم من المنافقين و المغرضين .
فحري بنا نحن المؤمنين ما دمنا سائرين على خط الحسين عليه السلام والشهيد الصدر قدس سره والسيد القائد اعزه الله ان نكون اولى من غيرنا بالثبات على المبدأ ولا تفرقنا النعرات والاهواء الدنيوية .
وما احوج المسلمين اليوم ان يستلهموا جهاد اولئك العظماء الافذاذ ويقتفوا اثارهم في التمسك بالدين والثبات على المبدأ والتفاني في نصرة الحق ليستردوا مجدهم الضائع وغدهم السليب وينقذوا انفسهم من هوان الهزائم الفاضحة والنكسات المتتالية ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين.

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
بحث قيم وفقك الله لمراضيه

بارك الله فيك اخي العزيز وعظم الله لك الاجر والعزاء

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
احسنت وجزاك الله الف خير على البحث والطرح المبارك
وفقك الله لكل خير بحق محمد وآل محمد

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
موفق على البحث الحسيني
جعله الله في ميزان حسناتك