اسباب تخلّف الاغلب عن الإعتراف بكون علي (ع) وصياً لرسول الله (ص) .. تغريدة لسماحة القائد السيد مقتدى الصدر على حسابه الرسمي بتاريخ ٢١ / ١ / ٢٠٢٤

.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبك يا ربّي نستعين
وبهدى أهل البيت نستبين
كمٌّ هائل من الأحاديث بحقِه.. وجميعها لصالحه - إن جاز التعبير - أعني جاءت الأحاديث النبوية في مدحه وإظهار خصاله، وله خصال أخرى: شجاعة، زهد، علم، فقه، كاريزما قيادية، أخلاق عالية، ولا يسعني أن أذكر صفاته كلها لكثرتها روحي له الفدى.
مضافاً إلى وضعه الاجتماعي المرموق فهو الهاشمي القرشيّ وهو ابن عمّ رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وزوج ابنته فاطمة الزهراء روحي لها الفداء، وترعرع على يد أبيه أبي طالب وصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله منذ صغره وحتى آخر يوم في حياته الشريفة.
أسلم منذ الصغر فهو أولهم إسلاماً، وهل يستوي من آمن قبل الفتح ومن أسلم بعده؟!
والكل يعلم أنه من نام في فراش الرسول ففداه ولم يصبه (الحَزَن) لا في ذلك ولا في غيرها من المواقف الشريفة.
وبخ بخ له إذ أعلنه رسول الله وصياً وخليفة، إذ قال: (أيها الناس من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، ألستُ أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، قال: من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، ربّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه) ثم أمر صلى الله عليه وآله الناس يبايعون علياً، فبايعه الناس لا يجئ أحد إلا بايعه ولا يتكلم منهم أحد. وهذا النزر القليل من المواقف والأحداث والأفعال.. وهي لا تقارن البتة مع أي مواقف أخرى قد صدرت من أناس كانوا حول الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله سواء أكانت حقيقية وصادقة أم كاذبة أم مشكوكة أم محرّفة المعنى.
فلِم يا ترى بعد كل ذلك، يتخلّف الأغلب عن الإعتراف بكون علي بن أبي طالب وصياً لرسول الله صلى الله عليه وآله؟! ثم جاءت رزية الخميس فأبعدوه عن الخلافة أيضاً بل وآذوه وزوجته بكل صلافة ووقاحة.
فحسب فهمي والإنسان لا يتعدى فهمه.. إن لذلك عدة أسباب، منها:
السبب الأول: خافوا منه على دنياهم وأموالهم وسلطتهم.. لما عُرِف عنه من عدل وحزم وزهد فلا تأخذه في الحق لومة لائم.
السبب الثاني: إنهم لم يعوا إطلاقاً الجوهر الحقيقي من الرسالة والإمامة.. فكانوا لا يعلمون إلا ظاهراً من الحياة الدنيا الدنيّة ولم يفهموا بواطن الحق على الإطلاق.
السبب الثالث: إنهم كإخوة نبي الله يوسف عليه السلام.. حينما رأوه أحبّ إلى أبيهم منهم فكانوا في ضلال مبين، فكادوا له كيداً بعد أن أغواهم الشيطان الرجيم.
فإن الكثير ممن كانوا حول الرسول قد أزعجهم كون علي بن أبي طالب أحبّ إلى رسول الله منهم، فلطالما مدحه وقرّبه وزوّجه ابنته وأوصاهم به فهو من القربى، إلا إنهم لم يستطيعوا إظهار هذا الكُره والبغض في الحياة الشريفة لرسول الله صلى الله عليه وآله، فتفتق حقدهم بعد وفاته أو استشهاده صلى الله عليه وآله.
السبب الرابع: إنه سلام الله عليه قد دفع ثمن انزعاج بعضهم من ابن عمّه محمد صلى الله عليه وآله.. فالمنافقون كانوا متواجدين بين الصحب بل كان البعض يعتبرهم منهم مع شديد الأسف، وما أعظم الحقد الدفين الذي كان يملأ صدور وقلوب المنافقين ضد الرسول الأكرم، وهذا ما بان وانكشف بعد استشهاده صلى الله عليه وآله..
فاتفقوا ضدّ وصيّه علي عليه السلام، وما كان ذلك إلا بغضاً من المنافقين لرسول الله صلى الله عليه وآله.
السبب الخامس: إن ما حدث ضد أمير المؤمنين ووصي رسول ربّ العالمين بعد وفاة أو استشهاد الرسول إنما كان بدفع خارجي وتدخل خارجي، كالدولة البيزنطية والفارسية وما شاكل ذلك.. فإن مثل هذه الدول استطاعت كسب البعض وتجييره لصالحها ضد الرسالة والرسول، وأول أهدافها بعد وفاته كانت الإمامة والخلافة، وما كان ذلك إلا لجهل البعض بعداء تلك الدول للدولة الإسلامية الحقيقية في زمن الرسول الأكرم.. وبان خطأهم بعد استشهاده صلى الله عليه وآله.. فقد بدأت المناوشات العسكرية منهم ضد الجزيرة العربية وغيرها.
السبب السادس: ما أسمّيه باللوبي القبلي من بعض أفراد قريش ومن تآلف معهم من القبائل والعشائر المتواجدة في حينها، فإنهم لم يتخيلوا على الإطلاق سلب السلطة القبلية منهم وإنهاء حكمهم القبلي البعيد عن الإسلام، فذلك سيسلبهم حريتهم الشهوية والقبلية والتجارية الداخلية والخارجية، لكنهم لم يظهروا ذلك إلا بعد وفاة أو استشهاد الرسول الأكرم.. فتلقى علي عليه السلام ألسنتهم وسيوفهم وتحالفهم تحت إطار واحد ضده.
السبب السابع: إن الجميع يعلمون علم اليقين أن علياً عليه السلام سيّد الآخرة وسيّد الإصلاح وسيّد العدل وسيّد الإيمان ولا دنيا في ساحته.. وهذا ما لا يطيقون.
وإلى هنا ينكسر سنان القلم.

مقتدى الصدر

احسنتم النشر