الشعور بالنعمة قبل فقدها

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
ان الله (عز وجل) يعطي الى كل انسان نِعَم كثيرة,
بعض منها لا يشعر بها إلا بعد فقدها, ومثالاً على ذلك قوله تعالى:
﴿حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ"99" لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾
فلو انه استغل النعمة التي كان فيها وكفّر عن ذنوبه لما قال:
" رَبِّ ارْجِعُونِ *لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ. . . "
فهذه الاستغاثة تدل على فوات الاوان وكما انها ايضاً تدل على:
انه كان في نعمة ولكن لم يشعر بها, وعندما فقدها شعر بها(اي النعمة)
ولكن ما الفائدة من الشعور بالنعمة بعد ذلك لأنها ذهبت ولن تعود, فطلب الرجوع للتعويض.
فإن المطلوب منه ومن كل انسان التمسك بالنعمة المعطاة له وقد يرد اشكال:
" انه عندما يفقد الانسان النعمة سوف يشعر بها فيقوم بالتدارك ويتمسك بها بالعمل الجاد والمثابرة "
وجوابه:
ان النعمة ليست مضمونة البقاء فربما تذهب بدون عودة اذا تهاون الفرد فيها
فلا توجد فرصة بعد ذلك للتدارك او العمل الجاد و المثابرة
وانما على الانسان ان يفكر التفكير الصحيح في ذلك. . . ولكن كيف؟
والجواب يكون:
ان يفكر وهو في وسط النعمة وان ينظر نظرة بسيطة إلى المستقبل ويقول:
(ماذا سيكون حالي بدون هذه النعمة)
وانا لا اقصد نعمة محددة, بل كل نعمة اعطانا الله اياها
ومثالاً على ذلك:
(رجل اعطاه الله الصحة من الامراض,
فهو الآن في نعمة ولكنه لا يعمل بالشكل المطلوب في هذا الظرف المناسب
فإنه قد غفل عنها, وبعد مدّة اصابه مرض قد جعله طريح الفراش, فتمنى ان يصحو من مرضه
لكي يقوم بتعويض ما فاته وما تهاون به بهمّه ونشاط وجدّ واصرار,
ولكنه نسي انه ربما لن يشفى من مرضه وستبقى هكذا حالته فلن ينفعه الندم و الحسرة بعد الآن,
فلو انه سأل نفسه وهو في كامل صحته وسلامة بدنه من الامراض هذا السؤال:
"ماذا سيكون حالي في المستقبل اذا تعرضت الى مرض شديد"
فلو انه سأل نفسه هذا السؤال لعمل بجد واصرار وسرعة ونشاط وهمّه عالية
في اداء اعماله قبل ان يأتي اليوم الذي يمرض فيه ويقعد في الفراش)
واخيراً اقول:
انني لم اقصد نعمة دون اخرى " لا " بل كنت اقصد جميع النِعَم
فالصحة نعمة يجب استغلالها قبل فقدها
والشباب ايضاً نعمة يجب استغلال هذه المرحلة بما يرضي الله(عز وجل)
وإتباع السيد القائد"اعزه الله" ايضاً نعمة
وكثير من النِعَم التي لا تعد ولا تحصى ولكن لا يسع المقام لذكرها.
والحمد لله رب العالمين