العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم الإسلامي العام > منبر الأنوار الرمضانية

منبر الأنوار الرمضانية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ...

 
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 09-03-2025, 06:39 AM   #1

 
الصورة الرمزية مؤمنة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2378
تـاريخ التسجيـل : Aug 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 1,129

افتراضي تفعيل البيت المسلم في رمضان





تفعيل البيت المسلم في رمضان




الحمد لله رب العالمين، وليِّ الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبَة للمتقين، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، ومصرِّف الشهور والسنين، وجامع عباده يومَ الدين، وأشهد أن محمَّدًا عبد الله ورسوله، وصَفِيُّه وخليلُه، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصَح الأمَّة، وجاهد في الله حقَّ جهادِه حتَّى أتاه اليقين، فصلاة ربي وسلامَه عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

وبعد، فنَحنُ على موعِد قَرُبَ مَجِيؤُه، ودَنَا طلوع فجره، ولاح في الأفق رسْمه، وشرعت الأفواه تلهَج باسمه، خط لنا رسالة زادت من اشتياقنا إليه، وأَضَافَتْ إلى حبه حبًّا، ومودته ودًّا، ومَكانته مَكانةً، خطَّ لنا رسالة حبيب إلى قلوب يحبُّها، رسالة تحوي كل معاني الصدق، نطق بها الفؤاد المليء بنغَمات الطهر، وتباريح السكينة، وهمسَات النَّجوى، جاءت رسالته قبل مجيئِه لأدَب اعتدناه منه؛ لكَي يبيِّن أنَّ قدومَه قدومٌ للخير، وحضورَه حضور للبركة، وإقباله إقبال لليمن والمسرَّات.


يقول هذا الحبيب القادم:
"أحبتي، أنا رَمَضان، الشهر المبارك، الشهر الكريم، شهرُ السكينة والوقار، شهر الفضيلة والأذكار، شهر الصدقة والصيام، شهر التهجد والقيام، خَصَّني ربي بأجور ليست لغيري من الشهور، "كل عمل ابن آدم له"، "الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف"، قال الله - عز وجل -: "إلا الصيامَ فإنه لي وأنا أجزي به".

جُعِلْت مضمارًا للمتسابقين على التقوى، وميدانا للمتنافسين على الدرجات العلى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

أَحُلُّ عليكم ضيفًا مضيافًا، فمَن أكرمني يبشر بإكرامي له، ومن أدركني فليُخْلِص في إدراكه لي؛ فقد لا أعود إليه، نَعَم، فقد تكون ضيافتك لي هي الأخيرة، إذا أتَيْتث فُتِحت أبواب الجنان، وغُلِّقَتْ أبواب النيران، وغُلَّت الشياطين، إحدَى الليالي فيَّ خير من ألف شهر؛ مَن حُرِمَ خيرَها فقد حُرِم.

كان سلفكم الصالح يترقبونني ليعيشوا أيامي ولياليَّ بين طاعاتٍ وعبادات متوالية، وكان من دعائهم: "اللهم، سَلِّمْنا إلى رمضان، وسَلِّم لنا رمضان، وتسلَّمه منا متقبَّلاً"، بل كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغني إياهم، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبَّل منهم.

نَعَمْ، يا أحبتي، أنا رمضانُ، جئتكم ومعي الرحمة والمغفرة من ربكم، ويا لَتِلْكَ الأعدادِ التي أعتقها الله من النار؛ لإخلاصهم في العمل، وتفانيهم في التقرُّب، وتعبِهم لينالوا رضا ربهم - جلَّ وعلا.

من صام أيامي إيمانًا واحتسابًا، غَفَر الله له ما تقدَّم من ذنبه، ومَنْ قام لياليَّ إيمانًا واحتسابًا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وعُمْرة فيَّ تَعْدِلُ حَجَّةً، والدعاء فيَّ لا يُرَدُّ.

نعم، أنا رمضان، شهر الجهاد والنصر، والعزة والتمكين، كانت أيامي تتلبس بثياب لُطخت بدم الشهداء والأتقياء، فتلكم بدر الكبرى، وفتح مكة لا يُنسَى، والأندلس، وعموريَّة، وإنطاكية، وعين جالوت، كل تلك الأسماء ارتبطت بقدومي، فسَجَّلنا سويًّا تاريخًا مُشْرِقًا، ومجدًا عظيمًا لأمتنا.

نعم، أنا رمضان، شهر الجود والعطاء، والبذل والسخاء، فأيامي اختبار لأهل الأموال، فإن هم بذلوها وأعطوها ابتغاءً لوجه الله – تعالى - طامعين فيما عنده أفلحوا وفازوا، وإن هم بخلوا واسْتَغْنَوا فقد خابوا وخسروا.

نعم، أنا رمضان الذي أنزل الله بحلولي القرآن؛ فقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ} [البقرة: 185] الآية، ولقد كان لصحابة حبيبكم - عليه الصلاة والسلام - فيه دَوِيٌّ كدويِّ النحل، يسمع لهم في بيوتهم، ولقد كان جبريل - عليه السلام - يُدَارس الحبيب - عليه الصلاة والسلام - القرآن في رمضان.

نعم، يا رَعاكم الله، أنا كل ذلك، وما لم يذكر من الفضل كثير؛ فأيامي كلها خير، ولياليَّ كلها نعيم، ونفحاتي مباركة، وتباريحي ممتعة، يغشاني الهدوء والسكينة، وتغمرني الفرحة والطمأنينة، لا أعرف ولا أحب الرَّفَث والصخب والسباب، نعم، أنا شهركم المبارك الحبيب إلى قلوبكم، هذه رسالتي أتت إليكم تخبركم بفضلي ومكانتي، فادعوا الله أن يُبَلِّغَكم إياي، وأن يرزقكم صوم أيامي، وقيام لياليَّ.

وقبل أن أختم هذه الرسالة الصادقة، فإليك هذه الأسباب التي تعينك على استقبالي والتجهيز لوصولي:
أولاً: نقِّ قلبك، وطَهِّر ضميرك، ونَظِّفْ فؤادك من الصفات الذميمة والأخلاق السيئة.
ثانيًا: قرِّر بأن تكون من الفائزين - بإذن الله تعالى - في نهايتي، واحذر من النفاق والكسل.
ثالثًا: ابدأ بوضع برنامج لك، واحرص على أن لا تفوتك لحظة وليس فيها عبادة، وعلى أن لا تهمل فرصة إيمان إلاَّ وتحتفي بمناجاة الله فيها، والتقرُّب منه تعالى.
رابعًا: كن حيَّ الضمير، صادقَ النية، مخلص القلب، وابتعد عن الكبر والخُيَلاء.
خامسًا: زد من اهتمامك بكل العبادات، وضاعف من جهدك في الطاعات، وعِشْني وكأني آخر رمضان ستشهده.
سادسًا: استشعر الأجر الذي ستناله، والثواب الذي ستفوز به، عندما تكون من التائبين المنيبين المستغفرين بالليل والنهار.
سابعًا: أَعِنْ مَنْ حولك على استقبالي، وأخبرهم بفضلي، وعلِّمهم عن مآثري وخصائصي؛ لتكن دالاًّ على الخير، داعيًا إلى اتِّباعه.
ثامنًا: انتَظر قدومي إليك بلهْفَة، وتحرَّ إقبالِي عليك بشَوق، واحذر أن أكون عليك ضيفًا عاديًّا أو ثقيلاً؛ فأنَا أحبُّك، فهلا أحببتني".


فلا شك أن من فارق حبيبًا له، وبَعُدَ عنه وطال ذلك البعد، فإنها تتأجج في النفس رغبات اللقاء، وتتجدَّد أمنيات التواصل، وتتضاعف معاني الحب، وتتجسد عناوين الود، فكيف إذا كان ذلك الحبيب هو أنت، يا شهرنا المبارك
رَمَضَانُ فِي قَلْبِي هَمَاهِمُ نَشْوَةٍ مِنْ قَبْلِ رُؤْيَةِ وَجْهِكَ الوَضَّاءِ
وَعَلَى فَمِي طَعْمٌ أُحِسُّ بِأنَّهُ مِنْ طَعْمِ تِلْكَ الْجَنِّةِ الْخَضْرَاءِ
قَالُوا بِأنَّكَ قَادِمٌ فَتَهَلَّلَتْ بِالْبِشْرِ أوْجُهُنَا وَبِالْخُيَلاءِ
نَهْفُو إلَيْهِ وَفِي الْقُلُوبِ وَفِي النُّهَى شَوْقٌ لِمَقْدِمِهِ وَحُسْنُ رَجَاءِ

فحيَّيتَ، رمضانُ، وحيَّا الله معك كل توبة صادقة، نطق بها فم مذنب عاصٍ، وحيَّا الله معك كل دمعة هاطلة، من مخطئ أو جاهلٍ أو ناسٍ، وحيَّا الله معك كل ارتجافة قلب، أَحَسَّ بندمه وثار لتقصيره، وحيا الله معك تلك الليالي الرُّوحانيَّة الجميلة المنتظرة، وحيَّا الله تلك الخلوات الإيمانية الخالصة.
مَا أنْتَ إلاَّ رَحْمَةٌ عُلْوِيَّةٌ خَصَّ الإلَهُ بِهَا الْوَرَى وَتَرَفَّقَا
رَمَضَانُ يَا عَرْشَ الْهِدَايَةِ مَرْحَبًا يَا نَبْعَ خَيْرٍ فِي الْوُجُودِ تَدَفَّقَا
أحبتي في الله:
جاء رمضان وقبل مجيئه لا بد لنا من وقفة، ومضمونها يكمل في أن نجتهد بأن لا نجعله كرمضانات أدركناها وقصَّرنا فيها، وعلينا أن نستشعر أن رمضان القادم هو آخرُ رمضان ندركه، ومن يدري؟ فقد لا نبلغ رمضان القادم، وعلينا أن نخرج كل أفعالنا في هذا الشهر المبارك من صوم، وقيام، وصدقة، وقراءة قرآن من إلف العادة إلى روح العبادة، فلا نريد أن لا يكون حظنا من الصوم سوى الجوع والعطش، ومن القيام سوى التعب والسهر، وعلينا أيضًا بالجد والاجتهاد، والعمل والمثابرة في شهر المغفرة والرضوان من الرحيم الرحمن.

وعلينا وبعد أن نراجع قلوبَنَا، ونجدد نياتِنَا تجاه استقبالِ هذا الحبيب، أن نَعمَل على تحضير وتجهيز بيوتنا لاستقباله، وهذا هو محور صفحاتنا هذه؛ فلا يخفى على كل ذي لُبٍّ أهمية البيت المسلم، ودوره في صلاح المجتمع، ومكانته السابقة بالنسبة لأفراده ومؤسساته، وتتضاعف تلك الأهمية وذلك الدور في شهر رمضان المبارك؛ وذلك لأمرين هامين:
الأول: أن البيت المسلم هو المحضن الأول من محاضن تربية الأجيال، والأساس الأول الذي يُبنى عليه جُلُّ المعاني والقيم الواجب توفُّرها في المؤمن، والمتأمل في حال البيوت المسلمة، سواءٌ في شهر رمضان المبارك أم غيره، يجد ما تبكي لأجله العين، ويحزن له القلب من حال تلك البيوت المؤلم، فمن بيت اشتغل أهله بالدنيا وزخرفها، إلى بيت يعج بالمنكرات والفواحش، إلى بيت غفل الوالدين فيه عن تربية أبنائهم، إلى بيت سكنته القذارة والجهل، إلى بيت مهزوز الثوابت، ضعيف الأعمدة، بعيد أهله عن الإيمان، إلى آخر تلك البيوت وأحوالها المحزنة المؤلمة.
الثاني: أن شهر رمضان المبارك شهر تربية وتعليم وتدريب، يتربَّى فيه المؤمن على معانٍ سامية، ويتدرب على مجموعة من الأخلاق الطاهرة، مستغلاًّ بذلك نفحات الله المتتاليَة والأجواء الطاهرة، وحضور كل خير، وغياب الشياطين وأعوانهم.

ومن هذا المنطلق ومراعاة لتلك الأهميَّة، فإن من الواجب على الجميع أن يقيم البرامج الإيمانية، ويعقد الجلسات العائلية النافعة داخل محيط البيت في أيام الشهر المبارك؛ لكي ينال فعلاً من الثمرات المرجوة والفوائد المتوقعة، وليحقِّق رسالة البيت المؤمن من خلال تلك البرامج والمجالس الإيمانية، في شهر الخير والبركة.

ومشاركةً في هذا الجانب، فإليك - أخي في الله – أربعين وسيلة، نستطيع من خلالها أن نجعل بيوتنا بيوتًا رمضانيَّة، إيمانيَّة وضَّاءة بعون الله وقدرته، نذكر بعض منها وقد جمعتُها بعد الاستعانة بالله – تعالى - واستشارة العديد من العلماء وطلبة العلم، وبعد العودة إلى كتب ومقالات ومواقع الكترونية اهتمَّت بهذا الموضوع، وعُنِيَت به عناية فائقَة، وقبل أن أعرض هذه الوسائل والأفكار، أحب أن أشير إلى أن هذه الوسائل والأفكار تختلف باختلاف الناس، فهناك أفكار تحتاج إلى دعم مادِّي، وهناك وسائل لا تحتاج لأجل إقامتها سوى تشجيع معنوي، ومنها من يستطيعه شخص واحد، ومنها من لا يقوم إلا بتحرك مجموعة كاملة من أعضاء الأسرة، ومنها ما يقبل مباشرة بدون تردد أو مشورة، ومنها ما يحتاج تفعيله إلى آراء ووجهات نظر جميع أفراد الأسرة، إلى غير ذلك من الاختلافات والمتباينات التي قد تحصل وتثار، والحاصلُ أنه لا بد من مراعاة كل تلك الأمور، ومحاولة إيجاد حلولٍ مباشرة متى ما تعطَّلت فكرة معينة، أو توقَّف برنامج مرسوم، المهم أيضًا أن لا نقف، بل نسارع في إحياء الإيمان في بيوتنا في هذا الشهر الكريم.

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال بيت محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
مؤمنة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 08:05 AM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2025