العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم الإسلامي العام > ألمنبر الإسلامي العام

ألمنبر الإسلامي العام لجميع المواضيع الإسلامية العامة

 
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 20-02-2011, 12:34 AM   #1

 
الصورة الرمزية الراجي رحمة الباري

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 24
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 11,036

افتراضي هل القسم بغير الله جل وعلا شرك ؟


ج ـ هل يجوز الحلف بغير اللّه أو لا؟
هذه المسألة هي الّتي عقدنا الفصل لبيان حكمها. قال ابن تيمية : « لا يشرع ذلك بل ينهى عنه إمّا نهي تحريم وإمّا نهي تنزيه ، وإنّ للعلماء في ذلك قولين ، والصحيح أنه نهي تحريم ، وفي الصحيح عنه ( صلى اللّه عليه وآله ) أنه قال : من كان حالفاً فليحلف باللّه أو ليصمت ، وفي الترمذي أنه قال : من
حلف بغير اللّه فقد أشرك (1).
وقال الصنعاني : إنّ الحلف بغير اللّه شرك صغير (2) ، وقال ابن قدامة : ولا يجوز الحلف بغير اللّه وصفاته ، نحو أن يحلف بأبيه أو الكعبة أو صحابي أو إمام. قال الشافعي : أخشى أن يكون معصية. قال ابن عبد البر : وهذا أصل مجمع عليه ، وقيل; يجوز ذلك لأنّ اللّه تعالى أقسم بمخلوقاته فقال : « والصّافّات صفّاً ، والمرسلات عرفاً ، والنازعات غرقاً » ، وقال النبي للأعرابي السائل عن الصلاة : « أفلح وأبيه إن صدق » وفي حديث أبي الشعراء : « وأبيك لو طعنت في فخذها لأجزاك » ثم إن لم يكن الحلف بغير اللّه محرّماً فهو مكروه ، فإن حلف فليستغفر اللّه تعالى ، أو ليذكر اللّه تعالى ، كما قال النبي : من حلف باللاّت والعزّى فليقل : لا إله إلاّ اللّه (3).
أنت ترى أنّ ابن تيمية وتلميذ منهجه الشيخ الصنعاني أفتيا بالحرمة ، ولكن الظاهر من عبارة ابن قدامة أن المسألة مما اختلف فيه الفقهاء ، فهم بين محرّم ومجوّز ، حتّى أنّ الشافعي قال : أخشى أن يكون معصية ، وإذ كانت المسألة على هذا المستوى من الاختلاف ، فهل يجوز تكفير الحالف بمثل هذه المسألة؟ مع أنّ أكثر الفقهاء قائلون بالجواز.
قال في الفقه على المذاهب الأربعة : « إذا قصد الحالف إشراك غير اللّه معه في التعظيم ففيه تفصيل في المذاهب ، ثم ذكر التفصيل بالنحو الآتي » :
« الحلف بالطلاق نحو : علىّ الطلاق : إن فعلت كذا ، جائز بدون كراهة ، ويلزمه الطلاق إذا كان الغرض منه الوثيقة ، أي وثوق الخصم بصدق الحالف ، جاز بدون كراهة. وإذا لم يكن الغرض منه ذلك ، أو كان حلفاً على الماضي فإنه يكره ، وكذلك الحلف ( بنحو وأبيك ولعمرك ) .
وقالت الشافعية : يكره الحلف بغير اللّه إذا لم يقصد شيئاً مما ذكر في أعلى الصحيفة ، ويكره الحلف بالطلاق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ مجموعة الرسائل والمسائل : ج 1 ص 17.
2 ـ تطهير الاعتقاد ، ص 14.
3 ـ المغني لابن قدامة : ج 11 ص 163 ( كتاب الأيمان ) طبع دارالكتاب العربي ـ بيروت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(303)
وقالت الحنابلة : يحرم الحلف بغير اللّه وصفاته ، ولو بنبي أو ولي ، ويكره الحلف بالطلاق والعتاق والمشهور الحرمة » (1).
فعلى ضوء هذا فقد أفتى الحنابلة من بين المذاهب الأربعة بالحرمة ، وذهبت الحنفية والشافعية إلى الجواز وللمالكية قولان.
هذه هي الأقوال في المسألة ، وإليك تحليلها فقهياً واجتهاداً :

عرض المسألة على القرآن
إنّ القرآن الكريم هو الثقل الأكبر والقدوة العليا والمثل الحي لكل مسلم ، نرى فيه الحلف بغير اللّه في غير واحد من السور ، فقد أقسم تعالى في سورة الشمس وحدها بغير ذاته وصفاته ، أعني الشمس وضحاها ، والقمر والنهار والليل ، والسماء والأِض ، والنفس الإنسانية ، وأقسم سبحانه في سورة النازعات بأمرين : المرسلات والناشرات ، كذلك ورد الحلف بغير اللّه في سورة « الطارق » و « القلم » و « العصر » و « البلد » وغيرها.
وإليك نماذج من آيات الحلف بغير اللّه سبحانه الواردة في غير هذه السور :
( وَالتِّينِ وَالزَّيتُونِ * وَطُورِ سِينيِينَ * وَهَذَا البَلَدِ الأمينِ ) (2) .
( وَالليلِ إذَا يَغْشَى * وَالنَّهارِ إذَا تَجَلّى ) (3) .
( وَالفَجْرِ * ولَيال عَشْر * والشَّفْعِ وَالوَتْرِ * وَالليلِ إذَا يَسْرِ ) (4).
( وَالطُّورِ * وَكِتاب مَسْطُور * فِي رَقٍّ مَنْشور * وَالبَيتِ المَعْمُورِ * والسَّقْفِ المَرفُوعِ * وَالبَحْرِ المَسجُورِ ) (5).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
1 ـ الفقه على المذاهب الأربعة ، ج 2 ( كتاب اليمين ) ، ص 75.
2 ـ سورة التين : الآية 1 ـ 3.
3 ـ سورة الليل : الآية 1 ـ 2.
4 ـ سورة الفجر : الآية 1 ـ 4.
5 ـ سورة الطور : الآية 1 ـ 6.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(304)
إذا كان القرآن كتاب هداية للبشر والناس يتخذونه قدوة وأُسوة ، فلو كان هذا النوع من الحلف حراماً على العباد ، وأمراً خاصاً باللّه سبحانه ، لكان المفروض أن يحذّر منه القرآن ، ويذكر بأن هذا من خصائصه سبحانه.
ومن هنا يعلم أنّ توصيف الحلف بغير اللّه بكونه شركاً صغيراً يستلزم نسبة الشرك إلى اللّه سبحانه ، وإذا كانت ماهية الحلف بغير اللّه ماهية شركية فلا يفرق بينه وبين عباده ، فإذا كانت ماهية الشيء ظلماً وتجاوزاً على البريء ، فاللّه وعباده فيه سيان ، قال تعالى : ( قُلْ إنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لا تَعْلَمونَ ) (1).
إنّ الحلف بهذه العظائم كما يتضمن الدعوة إلى التدبّر والدقة في صنعها ، والنواميس السائدة عليها ، واللطائف الموجودة فيها ، وبالتالي يحتج بها على صانع لها عالم وقادر وحي و ... ، كذلك يتضمن جواز الحلف بها إذا كان موجوداً مقدساً ، كما حلف سبحانه بحياة النبي وقال :
( لَعَمْرُكَ إنَّهُم لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمِهُونَ ) (2).

عرض المسألة على الأحاديث
هذا بالنسبة إلى القرآن ، وإليك عرض المسألة على سنة النبي الأكرم ، أعني قوله وفعله وتقريره ، فقد حلف بغير اللّه في موارد عديدة منها :
1 ـ روى مسلم في صحيحه :
« جاء رجل إلى النبي فقال : يا رسول اللّه أىّ الصدقة أعظم أجراً؟ فقال : أما وأبيك فننبئنّك : أن تصدَّق وأنت صحيح شحيح ، تخشى الفقر وتأمل البقاء » (3).
2 ـ روى مسلم أيضاً :
1 ـ سورة الأعراف : الآية 28.
2 ـ سورة الحجر : الآية 72.
3 ـ صحيح مسلم ، ج 3 ، كتاب الزكاة ـ باب أفضل الصدقة ، ص 94.
(305)
« وجاء رجل إلى رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) ـ من نجد ـ يسأل عن الإسلام ، فقال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) : خمس صلوات في اليوم والليل.
فقال : هل علىّ غيرهن؟
قال : لا ... إلاّ أن تطّوّع ، وصيام شهر رمضان.
فقال : هل علىّ غيره؟
قال : لا ... إلاّ أن تطّوّع ، وذكر له رسول اللّه الزكاة.
فقال الرجل : هل علىَّ غيرها؟
قال : لا ... إلاّ أن تطّوّع.
فأدبر الرجل وهو يقول : لا أزيد على هذا ولا أنقص منه.
فقال رسول اللّه : أفلح وأبيه (1) إن صدق.
أو قال : دخل الجنة ـ وأبيه ـ إن صدق » (2).
3 ـ وروي الحديث في مسند أحمد بن حنبل ، وفي نهايته : أنّ النبي قال له :
« ... فلعمري لئن تتكلم (3) بمعروف و تنهى عن منكر ، خير من أن تسكت » (4).
وهناك أحاديث أُخرى لا يسع الكتاب ذكرها (5).
وقد أقسم الإمام علىّ ( عليه السَّلام ) ـ ذلك النموذج البارع في التربية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
1 ـ أي حلفاً بأبيه ، فالواو واو القسم.
2 ـ صحيح مسلم ، ج 1 باب ما هو الإسلام ، ص 32.
3 ـ أي تتكلم ـ للمخاطب ـ كما في قوله تعالى : « فأنت له تصدى » « أي تتصدى ».
4 ـ مسند أحمد ، ج 5 ص 225.
5 ـ راجع مسند أحمد : ج 5 ص 212 ، وسنن ابن ماجة : ج 1 ص 255 وج 4 ص 595.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(306)
الإسلامية والقيم العالية ـ بنفسه الشريفة مرات في خطبه ورسائله وكلماته (1).
وهذا أبوبكر بن أبي قحافة يقول للسارق الّذي سرق حلي ابنته ، فقال : « وأبيك ما ليلك بليل سارق » (2).
ولا أرى البحث أكثر من هذا إلاّ تطويلا بلا طائل ، وبما أنّ الوهابيين يتمسكون ببعض الأحاديث فلا بأس بدراستها :
1 ـ إنّ رسول اللّه سمع عمر و هو يقول : وأبي ، فقال : إنّ اللّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، ومن كان حالفاً فليحلف باللّه أو يسكت (3).
يلاحظ على الاستدلال : بأنّ وجه النهي عن الحلف بالآباء ، أنّ أباءهم في الغالب كانوا مشركين وعبدة الأصنام ، فلم تكن لهم حرمة ولا كرامة حتّى يحلف أحد بهم ، ويؤيد ذلك ما روي عن النبي أنه قال : « ولا تحلفوا بآبائكم ولا بأُمهاتكم ولا بالأنداد » (4) وروي أيضاً : « لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت » (5).
على أنّه يحتمل أن يكون النهي عن الحلف بالأب في مقام فصل الخصومات و حسم الخلافات ، وقد عرفت أنّ الفاصل في هذا المجال هو الحلف باللّه وصفاته.
وأكثر ما يمكن أن يقال : إنّ النهي تنزيهي لا تحريمي بشهادة ما سبق من الحلف بغير اللّه في حديث الرجل النجدي.
2 ـ جاء ابن عمر رجل فقال : أحلف بالكعبة؟ قال له : لا ، ولكن احلف برب الكعبة ، فإنّ عمر كان يحلف بأبيه ، فقال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
1 ـ نهج البلاغة : تعليق محمد عبده : الخطبة رقم 22 و25 و56 و85 و161 و168 و182 و183 و187 والرسالة رقم 6 و9 و54. 2. الموطأ ، أخرجه في باب الحدود برقم 29.
3 ـ سنن ابن ماجة : ج 1 ص 277 ، سنن الترمذي : ج 4 ص 109 وغيرهما.
4 ـ سنن النسائي ج 7 ص 9.
5 ـ سنن النسائي : ج 7 ص 7 ، سنن ابن ماجة : ج 1 ص 278 ـ والطواغيت هي الأصنام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
(307)
لا تحلف بأبيك فإنّ من حلف بغير اللّه فقد أشرك (1).
يلاحظ على الاستدلال : أنّ الحديث يتألف من أُمور ثلاثة :
1 ـ إِنَّ رجلا جاء إلى ابن عمر فقال : أحلف بالكعبة؟ فأجابه بقوله : لا ، ولكن احلف برب الكعبة.
2 ـ إِنَّ عمر بن الخطاب كان يحلف بأبيه ، فنهاه النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) عن ذلك.
3 ـ إِنَّ رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) علل ذلك بقوله : « من حلف بغير اللّه فقد أشرك ».
والمتبادر من كلام الرسول حيث وقع تعليلا لنهي عمر عن الحلف بوالده ـ الكافر ـ ما إذا كان المحلوف به شيئاً غير مقدس كالكافر والصنم ، وأما إذا كان المحلوف به مقدساً وذا فضيلة وكرامة كالكعبة ، فكلام الرسول منصرف عنه ، وإنما اجتهد ابن عمر حيث حمل كلام الرسول حتّى على الحلف بالمقدس ، كالكعبة ، واجتهاده حجة على نفسه لا على غيره.
وهناك جواب آخر ، وهو أنه يحتمل وقوع التحريف في الخبر ، وأن قوله فقال : « رسول اللّه » مصحّف قوله : وقال رسول اللّه ، وعندئذ يكون كلام الرسول مستقلا ، لا تعليلا بشيء حتّى النهي عن الحلف بالكافر ، وعلى هذا فالحديث مركب من أُمور ثلاثة جمعها ابن عمر في حديث واحد.
والّذي يعرب عن أنّ كلام الرسول كان كلاماً مستقلا غير واقع في ذيل النهي عن الحلف بالأب ، ما رواه إمام الحنابلة عن ابن عمر ، قال :
« كان يحلف أبي ، فنهاه النبي وقال : من حلف بشيء دون اللّه فقد أشرك » (2) فلو كان كلام الرسول مصدّراً بنهي عمر عن الحلف بأبيه كان اللازم أن يقول : « فقال » مكان « قال » وعلى فرض استقلاله ووروده بدون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
1 ـ السنن للبيهقي : ج 1 ص 29 ، وقريب منه في مسند أحمد : ج 2 ص 69.
2 ـ مسند أحمد : ج 2 ص 34.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(308)
« الفاء » يكون القدر المتيقن منه الحلف بالأصنام.
ويشهد على ذلك ما رواه النسائي : أن النبىَّ ( صلَّى الله عليه وآله وسلم ) قال : « من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلاّ اللّه » (1).
والحديث يعرب عن أن رواسب الجاهلية كانت باقية في بعض النفوس ، فكانوا يحلفون بأصنامهم المعبودة ، فأمرهم النبي أن يقولوا بعد الحلف : « لا إله إلاّ اللّه » ليقضي على تلك الرواسب الجاهلية.
وحصيلة الجوابين : إنَّ قول النبي : « من حلف بغير اللّه فقد أشرك » إمّا مختص بغير المقدسات كالحلف باللات والعزى والكافر ، أو مختص بالأصنام والأوثان فقط ، ولا يعم الكافر فضلا عن المقدسات.
1 ـ سنن النسائي : ج 7 ص 8.
نقلا من كتاب بحوث في الملل والنحل الجزء الرابع للاستاذ الشيخ جعفر السبحاني


ملاحظة /الموضوع له تكملة وهي قول احدهم ( اللهم ان اسالك بحق ........ شرك ؟ ) ساوافيكم به لاحقا ان شاء الله


 

 

 

 

 

 

 

 

الراجي رحمة الباري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الله , القسم , بغير , وعلا


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 05:17 AM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2025