العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم الإسلامي العام > ألمنبر الإسلامي العام

ألمنبر الإسلامي العام لجميع المواضيع الإسلامية العامة

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-01-2014, 10:55 AM   #1

 
الصورة الرمزية المحب

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1902
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : ارض المقدسات
االمشاركات : 227

بقلمي طالوت قائدا لبني اسرائيل

بسم الله الرحمن الرحيم
((وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا.......)) البقرة،الآية 247
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم

المقدمـــة :

لا شك و لا ريب ان قراءة او مراجعة التاريخ بصورة عامة ، او تاريخ أي امة من الامم بصورة خاصة ، والغوص في اعماق التاريخ ، ومحاولة فهم و دراسة الاحداث ، التي جرت في تلك الازمنة المنصرمة ، ومعرفة بعض الاسباب والمسببات المنتجة لها، يمكن ان يعود بالفائدة علينا وعلى الاجيال القادمة بعدنا ؛ حيث يمكن الاستفادة من تلك التجارب، وتشخيص مواطن الضعف و مردودها السلبي في حياة الامة ومحاولة تجنبها ، والاطلاع على عناصر القوة والاستفادة منها.
انها دروس يعطيها التاريخ ، فعلينا الاصغاء بصورة جيدة ، والنظر ببصيرة وتدبر.
فاللبيب من فهم الدرس ، والعاقل من اعتبر بغيره ، فأن في قصصهم لعبرة ، وفي تجاربهم خبرة.
وهذهِ محاوله متواضعة وموجزه في هذا الميدان , آخذا بالحكمة التي تقول :
ان ما لا يدرك كله لا يترك جله ، فتوكلت على الله نعم المولى ونعم المعين ، فكان هذا البحث البسيط الموسوم بـ(طالوت قائدا لبني اسرائيل) ، تطرقت فيه لبعض قصة طالوت(ع) ، على سبيل اخذ قطرة من ذلك البحر الكبير.
وقد قسمت البحث الى قسمين:ـ تعرضت في القسم الاول الى: الاختيار الالهي لطالوت وموقف بني اسرائيل .
اما القسم الثاني تناولت فيه : المدرسة الطالوتية والنصر الالهي .
وهناك امر مهم اود الاشارة اليه ، بان اكثر اعتمادي كان على كتب التفسير لوجود اطمئنان اكثر من كتب التاريخ التي تناولتها اليد الخفية ، فكان فيها بعض الاخفاء والتحريف.
اسأل المولى جل جلاله التوفيق ، واطلب منه العفو والسماح عن الخطاء والتقصير والحمد لله رب العالمين ، وصلي يارب على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.

ان بني اسرائيل يملكون رصيد كبير من الاحداث والقصص ، منها ما هو مذكور في القران ، ومنها ما هو موجود في بطون الكتب ولعل تلك الكثرة تعود ؛ لكثرة الانبياء والرسل المبعوثين لهم ، ومقابلة جلهم لأولئك الرسل والانبياء بالعصيان ، حتى وصل الامر لقتلهم الانبياء بغير حق ، فكان اكثرهم لا يتورع عن فعل الذنوب ، ولا يعتبر او يلتزم بالنصح ؛ لانهم كثيرو التمرد والنسيان ، فقد اصابهم الغرور واعماهم التكبر، حتى تسلط عليهم الكثير من الظلمة والطواغيت ، حصادا لأفعالهم او ربما لإنذارهم ، لكن اسكرتهم الغفلة ، واعمتهم العشوة ، فقليل منهم من يصحوا ويفيق ، من ذلك النوم العميق ، لكن أبى الله ان تجري الامور إلا بأسبابها ، فلا يغير الله ما نالهم من ذل وهوان حتى يفهموا الدرس ، ويغيروا ما بداخل النفوس.
ومن هذه القصص التي لا تخلوا من عبرة ، قصة طالوت(عليه السلام)التي جرت احداثها في زمن احد انبياء بني اسرائيل ، الذي كان يدعى اشموئيل(عليه السلام) ويسمى اسماعيل بالعربية .
ورد في تفسير مجمع البيان وقيل: (هو إشموئيل ، وهو بالعربية إسماعيل ، عن أكثر المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)).
إن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله وعتوا عن أمر ربهم ، وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه ، فسلط الله عليهم جالوت ، فأذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأخذ أموالهم واستعبد نساءهم، ففزعوا إلى نبيهم وقالوا: سل الله أن يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ، وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت ، والملك والسلطان في بيت آخر، لم يجمع الله لهم النبوة والملك في بيت واحد ، فمن ذلك قالوا: ((ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله))

القسم الاول:-


الاختيار الالهي لطالوت

قبل الحديث عن اختيار طالوت قائداً لبني اسرائيل ، اود تسليط الضوء على هذا الاسم ومعناه ، ان اسم طالوت ربما جاء بسبب طول القامة التي يتميز بها عليه السلام ، ولقد ورد بأن اسمه بالعبرانية هو"شاول بن قيس" كما جاء في شرح اصول الكافي (حيث ورد وقيل أصله طولوت فعلوت من الطول سمي به لطول قامته وكان أطول من كل أحد برأسه ومنكبه واسمه بالعبرانية شاول بن قيس).
ويذكر صاحب تفسير الميزان (كان طالوت من ولد بنيامين أخي يوسف لامه وأبيه).
اختاره الله ملكاً لقيادة بني اسرائيل عندما طلبوا من نبيهم ان يبعث لهم من يقاتلوا تحت امرته ؛ ليستردوا حقهم المسلوب ، ويعيدوا كرامتهم المهانة ، من قبل الطاغية جالوت واعوانه الظالمين .
ولقد تحدث الشيرازي في تفسير الامثل عن صفات طالوت عليه السلام ، ونوع العمل الذي يعمله و الكيفية التي جاءت به الى النبي اشموئيل عليه السلام الذي كان نبي لبني اسرائيل في ذلك الوقت فتوجّه إلى الله يعرض عليه ما يطلبه القوم فأوحى إليه : أن اخترنا «طالوت» ملكاً عليهم.
فقال اشموئيل : ربّ إِني لا أعرف طالوت ولم أره حتّى الآن. فجاءه الوحي : سنرسله إليك فاعطه قيادة الجيش ولواء الجهاد
من هو طالوت ؟
ان طالوت رجلاً طويل القامة، ضخماً، حسن التركيب، متين الأعصاب قويّها، ذكيّاً، عالماً، مدبّراً.
ويقول بعض : إنّ اختيار اسم «طالوت» له كان لطوله، ولكنّه مع كلّ ذلك لم يكن معروفاً ، حيث كان يعيش مع أبيه في قرية على أحد الأنهر، ويرعى ماشية أبيه ويشتغل بالزراعة.
أضاع يوماً بعض ماشيته في الصحراء، فراح يبحث عنها مع صاحب له بضعة أيّام حتّى اقتربا من مدينة صوف.
قال له صاحبه : لقد اقتربنا من صوف مدينة النبيّ اشموئيل، فتعال نزوره لعلّه يدلّنا بما له من اتصال بالوحي وحصانة في الرأي على ضالّتنا. والتقيا باشموئيل عند دخولهما المدينة.
ما أن تبادل اشموئيل وطالوت النظرات حتّى تعارف قلباهما، وعرف اشموئيل طالوت وأدرك أنّ هذا الشاب هو الذي أرسله الله ليقود الجماعة. وعندما انتهى طالوت من قصّته عن ضياع ماشيته، قال له اشموئيل : أمّا ماشيتك الضائعة فهي الآن على طريق القرية تتّجه إلى بستان أبيك فلا تقلق بشأنها. ولكني أدعوك لأمر أكبر من ذلك، إنّ الله قد أختارك لنجاة بني إسرائيل.
فأصاب العجب طالوت من هذا الأمر في البداية ، ولكنّه قَبل المهمّة مسروراً فقال اشموئيل لقومه : لقد اختار الله طالوت لقيادتكم، فعليكم جميعاً أن تطيعوه ، وأن تتهيؤوا للجهاد ومحاربة الأعداء.

موقف بني اسرائيل منه

انعم الله سبحانه وتعالى على بني اسرائيل نعم كثير، ((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآَتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ)) (المائدة،الاية20).
ومن هذه النعم أنجاهم من ظلم فرعون الذي كان يسومهم سوء العذاب ، يذبح أبناءهم ،ويستحيي نساءهم ، بقيادة موسى (عليه السلام) الحكيمة حتى بلغوا القوّة والعظمة.
وورثوا(صندوق العهد) او(التابوت) و هو الصندوق الذي كان موسى يضع التوراة فيه ، وكان اللَّه قد رفعه إلى السماء بعد وفاة موسى سخطا على بني إسرائيل - كما قيل – (( فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ )) (المائدة،الاية20) أي تسكن إليه نفوسكم ، وتطمئن به قلوبكم ، حيث كان للتابوت شأن ديني عظيم عند بني إسرائيل.
الذي كانوا يضعوه امامهم لترتفع به معنوياتهم في الحروب ، فيحصدوا النصر على الأعداء ، لكن بسبب الغرور والمخلفات ضيعوا تلك الانتصارات وجلبوا على أنفسهم الويلات.
جاء في تفسير الامثل ( وأخذوا بمخالفة القوانين، وأخيراً اندحروا على أيدي الفلسطينيين وخسروا قوّتهم ونفوذهم بخسارتهم صندوق العهد، فكان أن تشتّتوا وضعفوا ولم يعودوا قادرين على الدفاع عن أنفسهم حتّى أمام أتفه أعدائهم، بحيث إنّ هؤلاء الأعداء طردوا الكثيرين منهم من أرضهم وأسروا أبناءهم.
استمرّت حالهم على هذا سنوات طوالاً، إلى أن أرسل إليهم الله نبيّاً اسمه «اشموئيل» لإنقاذهم وهدايتهم، فتجمّع حوله اليهود الذين كانوا قد ضاقوا ذرعاً بالظلم وكانوا يبحثون عن ملجأ يأوون إليه، وطلبوا منه أن يختار لهم قائداً وأميراً لكي يتوحّدوا تحت لوائه، ويحاربوا العدوّ متّحدين يداً ورأياً، لإستعادة عزّتهم الضائعة.
اشموئيل الذي كان يعرف ضعفهم وتهاونهم وهبوط معنويّاتهم قال لهم : أخشى إن اخترت لكم قائداً أن تخذلوه عندما يدعوكم إلى الجهاد ومحاربة العدو.
فقالوا : كيف يمكن أن نعصي أوامر أميرنا ونرفض القيام بواجبنا، مع أنّ العدوّ قد شرّدنا من أوطاننا واستولى على أرضنا وأسر أبناءنا ! !
فرأى اشموئيل أنّ هؤلاء القوم قد شخّصوا داءهم وها هُم قد اتجهوا للمعالجة، ولعلّهم أدركوا سبب تخلّفهم، فتوجّه إلى الله يعرض عليه ما يطلبه القوم فأوحى إليه : أن اخترنا «طالوت» ملكاً عليهم).
لكن ما ان تحقق الامر الذي طلبوه حتى اصبحوا يجادلون نبيهم ، غير مقتنعين بهذا القائد ، كأنهم يريدون قائد رسمته عقولهم على قياسات مادية واعراف دنيوية ، لا تمة للواقع بشيء ، ولم يعوا مكر السماء ، ولم ينتبهوا لجهلهم وقصور ادراكاتهم ، مشككين بنبيهم والاختيار الالهي.
يقول صاحب الميزان(فقال لهم نبيهم : إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ، فغضبوا من ذلك وقالوا : أنى يكون له الملك علينا ؟ ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال ، وكانت النبوة في بيت لاوي ، والملك في بيت يوسف ، وكان طالوت من ولد بنيامين أخي يوسف لامه وأبيه ، ولم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة فقال لهم نبيهم : إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم ، وكان أعظمهم جسما وكان قويا وكان أعلمهم ، إلا أنه كان فقيرا فعابوه بالفقر ، فقالوا لم يؤت سعة من المال).
كان بنو إسرائيل يعتقدون أنّ قائدهم يجب أن تتوفّر فيه بعض المميّزات من حيث نسبه وثروته ، ممّا لم يجدوا منها شيئاً في طالوت ، فانتابتهم حيرة شديدة لهذا الإختيار، وبهذه المواصفات يرون انهم احق بالملك منه ، فعمدوا الى طلب الدليل على هذا التنصيب.
فقال لهم نبيهم كما ورد في تفسيرالكاشف ( ان زعامة الجيش لا تحتاج إلى نسب ونشب ، وانما تحتاج إلى الشجاعة ، والمعرفة بتصريف الأمور ، واللَّه سبحانه قد منح طالوت الكفاءة العلمية والخلقية ، والقدرة الجسمية ، وسائر مؤهلات الزعامة والرئاسة . . فقالوا :
نريد معجزة تدل على مكانته هذه . . قال : آية ذلك أن يعود إليكم التابوت ، تأتيكم به الملائكة بأمر اللَّه تعالى ولم يمض وقت طويل حتّى ظهر الصندوق، وعلى أثر رؤيته وافق بنو إسرائيل على قيادة طالوت لهم).

القسم الثاني:-


مدرسة طالوت
لا شك إن هناك أسباب موضوعية للنصر في المعركة ، منها بل من أهمها المد الإلهي وحنكة القائد وحكمته في إدارة الإمور ، وتكامل أفراد الجيش وإيمانهم بالقضية وثباتهم عند المواجهة وهذا لا يحتاج طول كلام ، وإسهاب في البرهان.
وفي هذه المعركة التي قائدها الهي ، تتطلب التركيز على الجند وإعدادهم ، الإعداد المناسب ، ودخولهم المدرسة المعدة لهذا الغرض ، فكانت المدرسة الطالوتية ، التي اثبت إستاذها جدارته ، كيف لا وهو يستلهم ذلك من العطاء الإلهي ، وقلبه محل للفيض الرباني.
فبداء بجمع الجيش وتهيئته وإعداده الإعداد المناسب ماديا ومعنوياً ، ولقد جاء في تفسير الأمثل عن هذا الأمر( تسلّم طالوت قيادة الجيش ، وخلال فتره قصيرة أثبت لياقته وجدارته للاضطلاع بمهامّ إدارة المُلك وقيادة الجيش ، ثمّ طلب من بني إسرائيل أن يعدّوا العدّة لمحاربة عدوّ كان يهدّدهم من كلّ جانب.
قال لهم مؤكّداً إنّه لا يريد أن يسير معه للقتال إلاَّ الّذين ينحصر كلّ تفكيرهم في الجهاد ، أمّا الذين لهم عمارة لم تتم ، أو معاملة لم تكمل ، وأمثالهم ، فليس لهم الاشتراك في الجهاد.
وسرعان ما اجتمع حوله جمع تظهر عليه الكثرة والقوّة ، وتحرّكوا صوب العدو.
وفي المسيرة الطويلة وتحت أشعة الشمس المحرقة أصابهم العطش.
فأراد طالوت ـ بأمر من الله ـ أن يختبرهم ويصفيهم، فقال لهم : سوف نصل قريباً إلى نهر في مسيرتنا ، وأنّ الله يريد أن يمتحنكم به ، فمن شرب منكم منه وارتوى فليس منّي ، ومن لا يشرب إلاَّ قليلاً منه فهو منّي.
ولكنّهم ما أن وقعت أنظارهم على النهر حتّى فرحوا وهرعوا إليه وشربوا منه حتّى ارتووا ، إلاَّ نفرٌ قليلٌ منهم ظلّوا على العهد.
أدرك طالوت أنّ أكثرية جيشه يتألّف من أُناس ضعفاء الإرادة وعديمي العهد، ما خلا بعض الأفراد المؤمنين ، لذلك فقد تخلّى عن تلك الأكثرية واتّجه مع النفر المؤمن القليل خارجاً من المدينة إلى ميادين الجهاد.
إلاَّ أنّ هذا الجيش الصغير انتابه القلق من قلّته ، فقالوا لطالوت : إننا لا طاقة لنا بمقابلة جيش قويّ كثير العدد.
غير أنّ الذين كان لهم إيمان راسخ بيوم القيامة ، وكانت محبّة الله قد ملأت قلوبهم، لم يرهبوا كثرة العدوّ وقلّة عددهم ، فخاطبوا طالوت بكلّ شجاعة قائلين : قرّر ما تراه صالحاً، فنحن معك حيثما ذهبت ، ولسوف نجالدهم بهذا العدد القليل بحول الله وقوّته ، ولطالما انتصر جيش صغير بعون الله على جيش كبير، والله مع الصابرين).
عمد القائد الى غربلة الجيش من الشوائب التي لا تغني ولا تنفع بل هي للضرر اقرب،فتم هذا الأمر على مراحل ثلاث.
(الأولى) في بداية تشكيل الجيش حيث تم استبعاد ، من له ارتباطات عمل او تجارة...وغيرها من علائق الدنيا .
وفي المرحلة (الثانية) تم استبعاد الذين عصوا وشربوا من النهر .
وفي المرحلة (الثالثة) تم استبعاد او قل انسحاب الذ ي اغترف غرفة بيده، فهولاء لم يكن يقينهم بالنصر الإلهي حصراً وضنوا أن النصر متوقف على الإمور المادية فقط.

المعركة والنصر الالهي

انتهت مرحلة الاعداد والتدريب قبل المواجهة والاصطدام بين الجيشين ، فتمخض جيش طالوت عن ثلة مؤمنة ، لا يتجاوز عددها 313 فرد عدد اصحاب بدر كما جاء في بعض الروايات منها ، ما جاء في سنن الترمذي (حدثنا واصل بن عبد الأعلى الكوفي حدثنا أبو كبر بن عياش عن أبي إسحاق عن البراء قال : ( كنا نتحدث أن أصحاب بدر يوم بدر كعدة أصحاب طالوت ثلاثمائة وثلاثة عشر) ).


وجاء في البحار وكانت المسلمون ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر).

هؤلاء الذين عبروا جميع الاختبارات بنجاح ، ومستعدين لمواجهة جيش جالوت العرمرم ، فكانوا مستحقين للمدد الإلهي في الوقت الذي اكتملت به عناصر النصر الموضوعية.
وأود أن اذكر باختصار شديد كيف تحقق النصر بصورة مذهلة وبشكل ووقت قياسي غير متوقع ، فما ان وصلت تلك الفئة الممحصة بتلك القيادة الإلهية حيث ذكر الاستاذ علي الزيدي في كتابه لماذا السيد مقتدى الصدر قائدا (ان طالوت لم يكن قائداً عسكريا ذو جنبه مادية فقط ، بل كان أكثر من ذلك فهو أراد أن يربي جيشه على الطاعة و التحمل المعنوي الذي يجذب الفرد الى التعلق و الثقة بخالقه وبارئه بحيث يكون اتكاله و اعتماده على الله في تحقيق النصر، أكثر من ثقته بالعدة و العدد).
وما أن تكامل المؤمنون الذين كان لهم إيمان راسخ بيوم القيامة ، وكانت محبة الله قد ملأت قلوبهم ، فخاطبوا طالوت بكلّ شجاعة قائلين : قرّر ما تراه صالحاً، فنحن معك حيثما ذهبت ، ولسوف نجالدهم بهذا العدد القليل بحول الله وقوّته، ولطالما انتصر جيش صغير بعون الله على جيش كبير، والله مع الصابرين.
وبعد ان ترسخ في قلوبهم بان النصر من عند الله ، طلبوا بكل صدق الصبر والثبات منه جل وعلى ، كما جاء بقوله تعالى ((وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) البقرة،الاية250
قال الاستاذ الزيدي (وبعد ان تحقق الامران- الصبر وثبات الأقدام- وتلبست به نفوسهم ، طلبوا النصر من الله تعالى ، و قد تحقق فعلا وكان النصر مفاجئا و مذهلا و لم يكن متوقعا ، لأنه تحقق برمية حجر من قبل داود عليه السلام ، بحيث فلقت رأس جالوت وخر صريعا وانهزم جيشه العرمرم عندها ، وانتصر جيش طالوت بهذه الرمية الالهية

التي لم تكن لتخطر على قلب أحد من الجيشين.
إذ قال الله تعالى (( فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ ...)) البقرة،الاية251.

الخلاصة:


يمكن ان نستنتج العبر او النقاط الاتية :-

1 - تضييع وصايا الأنبياء والمصلحين يؤدي الى ضياع الأمة وتسلط الظالمين عليها.

2- اختيار القائد الذي ينفع الامة ويصل بها الى بر الامان ، هو اختيار الهي لان الله جل جلاله العالم بحقائق الامور والاشياء ، و لا يستطيع العقل البشري الاحاطة بذلك.

3 - يجب طاعة القائد حتى في الامور الغريبة التي قد تغيب معرفة المصلحة منها ؛ لوجود حكمة ومصلحة قد شخصها هو.

4 - النصر الالهي يرتبط بنفس الامة ، فهو ليس بالمجان ، فلا يغير الله عز و جل حلنا ما لم نغير انفسنا.

المصادر:
1ـ القرآن الكريم.

2- ألأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ـ الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ـ ط2 ـ دار احياء التراث العربي بيروت – لبنان ـ 1426هـ – 2005م.

3- بحار الانوارـ العلامة المجلسي ـ ط2 المصححة ـ مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان (1403 ه‍ - 1983 م)

4- تفسير القمي ـ لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمي (من أعلام قرني3 - 4 ه‍ ) ، المصحح ـ السيد طيب الموسوي الجزائري ـ ط3 ـ الناشر: مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر قم – إيران ـ صفر 1404هـ.

5- التفسير الكاشف ـ محمد جواد مغنية ـ ط1 ـ دار العلم للملايين ـ بيروت – لبنان ـ شباط ( فبرابر ) 1968.

6- سنن الترمذي ـ للإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي
209 – 279هـ ـ حققه وصححه عبد الرحمن محمد عثمان ـ ط2 ـ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع : لبنان - بيروت - 1403هـ - 1983 م.

7 - شرح اصول الكافي - مولى محمد صالح المازندراني المتوفى 1081 ه‍.

8 - لماذا السيد مقتدى الصدر قائدا - الاستاذ علي الزيدي – ط1 - المطبعة الديواني .

9 - مجمع البيان في تفسير القران - لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي
من أعلام القرن السادس الهجري - قدم له:السيد محسن الأمين العاملي ـ ط1 -
منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت – لبنان ـ 1415 ه‍ - 1995 م.

10- الميزان في تفسير القرآن ـ العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ـ منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية-في قم المقدسة.

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين

المحب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-01-2014, 01:21 PM   #2

 
الصورة الرمزية الاقل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 211
تـاريخ التسجيـل : Apr 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 12,642

افتراضي رد: طالوت قائدا لبني اسرائيل

بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك على هذا البحث القيم الذي تناول تسليط الضوء على القائد الالهي طالوت
وجزيت خيرا على التنويه الرائع على بعض العبر المهمة في المسير الالهي
واتمنى لك المزيد من الابداع ، ببركة قادتنا الالهيين واتباعهم المخلصين .

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الاقل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-01-2014, 09:51 PM   #3

 
الصورة الرمزية حسن الصدري

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2126
تـاريخ التسجيـل : Apr 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : النجف
االمشاركات : 37

افتراضي رد: طالوت قائدا لبني اسرائيل

اللهم صلي على محمد وال محمد
بارك الله فيك اخي على هذا الموضوع الاكثر من رائع
ووفقنا واياك الى طرح مواضيع مفيدة[align=center][/align]

 

 

 

 

 

 

 

 

حسن الصدري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-2014, 08:19 PM   #4

 
الصورة الرمزية ابو محمد

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 26
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بلاد الأنبياء والمرسلين
االمشاركات : 9,045

افتراضي رد: طالوت قائدا لبني اسرائيل

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
جزاك الله خيرا على البحث القيم والاستنتاجات المفيدة
وفقنا الله واياكم لاخذ العبرة والفائدة والثبات
بحق محمد وآل محمد

 

 

 

 

 

 

 

 

ابو محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-01-2014, 02:04 PM   #5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 201
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : في بلد الامام
االمشاركات : 3,463

افتراضي رد: طالوت قائدا لبني اسرائيل

احسنت بحث قيم ومجهود مبارك جعلة الله في ميزان حسناتك

 

 

 

 

 

 

 

 

المدرس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
طالوت،قائدا،لبني،اسرائيل


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 12:11 AM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2025