النجاح حليف السعي المتواصل والخسران حليف الملل والتكاسل

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم اخوتي الاحبة ورحمة الله وبركاته
آيات بينات واحاديث وروايات
عن النبي وآله عليه وعليهم السلام والصلوات
حثت على السعي مبينة ان النجاح منوط به ناهية عن الكسل والملل محذرة منه لما فيه من آثار وخيمة على الفرد والمجتمع فمن تلك الآيات قوله تعالى مخاطبا نبيه الكريم محمد صلى الله عليه واله : {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)} [الشرح : 7 - 8] فقد جاء في التفسير نقلا عن كتاب الامثل :
(فإذا فرغت فانصب) أي إذا انتهيت من أداء أمر مهم فابدأ بمهمّة اُخرى، فلا مجال للبطالة والعطل. كن دائماً في سعي مستمر ومجاهدة دائمة، واجعل نهاية أية مهمّة بداية لمهمّة آُخرى.
(وإلى ربّك فارغب)، أي فاعتمد على اللّه في كلّ الاحوال. اطلب رضاه، واسع لقربه.
الآيتان - حسب ما ذكرناه - لهما مفهوم واسع عام يقضي بالبدء بمهمّة جديدة بعد الفراغ من كلّ مهمّة. وبالتوجه نحو اللّه في كلّ المساعي والجهود، .......
وكلمة "فانصب" من النصب أي التعب والمشقّة، ولذلك فالآية تبيّن أصلاً عاماً شاملاً. وهدفها أن تحث النّبي باعتباره القدوة - على عدم الخلود إلى الراحة بعد انتهائه من أمر هام. وتدعوه إلى السعي المستمر .....
وما أعظم العطاء التربوي لهذا الحثّ، وكم فيه من معاني التكامل والإنتصار!! البطالة والفراغ من عوامل الملل والخمول والتقاعس والإضمحلال. بل من عوامل الفساد والسقوط في أنواع الذنوب غالباً.)(2)
اقول : اود الاشارة الى بعض الامور منها :
1 – ان الاية وان كانت تخاطب النبي صلى الله عليه واله الا ان لها مفهوما عاما كما اوضح المفسر فقد قال تعالى ( ولكم في رسول الله اسوة حسنة )
2 – ان النجاح منوط بالسعي المستمر وهذا شامل للامور الدنيوية والاخروية او قل المادية منها والمعنوية الا ان النجاح الذي يريده الله جل وعلا ورسوله الكريم واهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين هو الفوز بالرضا الالهي وهذا لا يحصل الا بالتوجه نحو الله في كل المساعي والجهود أي تبتغي من وراء سعيك تحصيل رضا الله سبحانه وتعالى وهذا ما اشارت اليه الاية ( والى ربك فارغب )
3 – ان المؤمن وكما اشار السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس لا يوجد لديه فراغ فقد قال سماحته ما نصه (في حين انه في الدين والاخلاق لا يوجد فراغ في الوقت للمؤمن اصلا لا يوجد وقت الا وفيه طاعة لله سبحانه وتعالى الا اذا كان الفرد من الغافلين )) (3) وهذا ما نلمسه في احاديث اهل البيت سلام الله عليهم وادعيتهم فمنها ما ورد في دعاء كميل ((واجعل أوقاتي من الليل والنهار بذكرك معمورة وبخدمتك موصولة ))
4 – ان الملل والكسل والخمول من الصفات التي تقود الى الخيبة والخسران لذا فانك تجد ان النبي وعترته الطاهرة صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين حثوا ومن خلال احاديثهم وادعيتهم على النشاط والحركة الدؤوبة ونهوا عن الكسل والملل فمنها على سبيل المثال لا الحصر :
* تشبيه المؤمن بالنحلة وذلك لما يتصف به هذا الكائن الحي من النشاط فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه واله قوله : (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ مَثَلُ النِّحْلَةِ ، إِنْ أَكَلَتْ أَكَلَتْ طَيِّبًا ، وَإِنْ وَضَعَتْ وَضَعَتْ طَيِّبًا ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى عُودِ شَجَرٍ لَمْ تَكْسِرْهُ )(4)
* وفي وصايا رسول الله لأميرِ المؤمنين : (يا علي ... إياكَ وخِصلتين: الضجَّرِ والكسل، فإنّك إنْ ضجرتَ لمْ تصبُر على حقٍ وإنْ كسلتَ لم تؤدِ حقاً)[5]
* ففي الدعاء عن رسول الله : (اللهُّم أمْنُنْ علينا بالنشاطِ وأعِذنا من الفشلِ والكسلِ والعجزِ والعِللِ والضررِ والضجّرِ والمَللِ)[6] وفي الختام انقل اليكم وبالمضمون مقطع من كلام استاذي اعزه الله حيث يقول : ان الكون برمته مطيع لله سبحانه وتعالى لا يعصيه طرفة عين وهذا ما اشارت اليه آيات الذكر الحكيم ومنها قوله تعالى ({ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت : 11] وبقليل من التدبر والملاحظة نرى ان هذه الكواكب في حركة مستمرة لا تمل ولا تكسل فالشمس تجري و القمر في حركة دائمة والليل والنهار متعاقبان قال تعالى{وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} [الرعد : 2] وقوله تعالى
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء : 33] وهكذا فالله جل وعلا خلق الانسان ليكون في حركة مستمرة وسعي متواصل ولم يخلقه للكسل والخمول والفراغ فاننا نرى سيرة الاولياء حافلة بالنشاط والعمل الدؤوب حتى لا تجد عنده لحظة الا ويسخرها في ما اراد الله سبحانه وتعالى وهذا المعنى تجده في موسوعة الامام المهدي عليه السلام للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس حيث يقول : (ايجاد الفرد الكامل. من حيث ان قصر الانسان نفسه على التربية بيد الحكمة الالهية الكبرى وتحت اشرافها وتدبيرها, يوجد فيه الانسان العادل الكامل, الذي يعيش محض الحرية عن انحرافات العاطفة والمصالح الضيقة, والمساوق في انطلاقه مع انطلاقة الكون الكبرى الى الله عز وجل. ) (7) فمصداق الانسان الكامل هو الامام سلام الله عليه فلاجل ان تدور في فلك الامام وتحظى بخدمته يجب ان تساوق حركتك حركة هذا الكون ....)
اقول : لاجل الاطلاع على مفهوم المساوقة وفهم وافي ودقيق لهذا المقطع من كلام السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس في الموسوعة ادعوك عزيزي القارئ الى قراءة ما كتبه الاستاذ الفاضل علي الزيدي في كتابه القيم ( بحوث جديدة حول الامام المهدي ) وتحديدا في الصفحة (399) وما بعدها .
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم
المصادر
(1) القران الكريم
(2) تفسير الامثل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي
(3) دستور الصدر الجمعة 13 الخطبة الثانية
(4) شعب الإيمان للبيهقي
(5) بحار الأنوار ج74 ص48
(6) المصدر نفسه ج89 ص364.
(7) موسوعة ج2ص173

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفقك الله لكل خير على الموضوع القيم
جعلنا الله واياكم من المتصفين بالهمة والنشاط لنيل الرضا الالهي قال تعالى ( ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم )

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
موضوع قيم ............وفقك الله لمراضيه

احسنت اخي الغالي
دائماً مواضيعك متميزة
جزاك الله خير

شكرا جزيلا لك اخي المبدع الراجي رحمة الباري على الموضوع الرائع و المميز بارك الله فيك