ولي الله وعجل السامري

بعد هلاك الطاغية فرعون وجيشه ونجاة القائد الانساني موسى وقومه تحول التكامل وما يرافقه من بلاءات في تلك الفترة الى مرحلة اعلى ، تقتضي غيبة القائد لفترة من الزمن تاركا فيها اخيه هارون خليفة على قومه، حينها رأى السامري فرصته في الظهور واغواء القوم مستغلا مجموعة من العوامل والتي منها:
*.غيبة القائد الانساني
*.ندرة الطاعة والاخلاص لله ، عند قوم موسى
*.قلة وعيهم ووقوفهم على مرتبة متدنية من الثقه بقائدهم الانساني
هذا وغيره كثير ادى بالسامري الى القيام بطرح موضوع العجل ، حيث كان قد قبض قبضة من اثر الرسول فسولت له نفسه ان يصنع من زينة القوم عجلا له خوار ويدعوا بني اسرائيل لعبادته ، فانطلقوا نحو فخه مسرعين ولدعوته ملبين ... تاركين العمل بأوامر وتوجيهات هارون خليفة قائدهم الانساني او حتى سماعها ضاربينها عرض الجدار عاكفين على عبادة العجل راكنين لضلالات السامري والاعيبه، ولم يبقى مع هارون آنذاك الى القلة القليلة المستضعفة من الثلة الطيبة المتمسكة بتعليمات القائد الانساني .

في هذه الحادثة بعض النقاط من النافع الالتفات اليها:

اولا. نجد في هذه الواقعة من تاريخ تكامل الانسانية مجموعة من العناصر المهمة والتي منها ما يلي:

1.زمن الاختبار كان بعد غيبة القائد الانساني وفقا للتخطيط الالهي .
2. القائد الانساني لم يترك قومه هملا بل جعل فيهم قائدا يمثله، قال تعالى:
(( وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)) (الاعراف من الآية :142).

3. كانت الخطوط العريضة لعمل نائب القائد الانساني هارون متكونة من ثلاثة مهمات:
ا. اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي
ب. وَأَصْلِحْ
ج. وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ

4. كان في قوم موسى رجل يدعى بالسامري ، بين جوانحه دهاءا ونفسا امارة بالسوء...على خلاف ظاهره ، قام بإغواء الكثيرين من قوم موسى وسحبهم الى هاوية ضلالاته مرتكزا في ذلك على عدة امور والتي من اخطرها كان جهل عامة الناس وقلة وعيهم واخلاصهم لقائدهم ، قال تعالى:
((...قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مّنْ أَثَرِ الرّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوّلَتْ لِي نَفْسِي(96)) (طه).

5. بذل هارون ممثل القائد قصارى جهده في نصح القوم لتخليصهم من براثن السامري وهاوية عبادة عجله ولكن لم ينفع النصح الا القلة القليلة المستضعفة، قال تعالى:
((وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ (91)) (طه).

ثانيا. من معاني العبادة ، والزينة والحلي المصنوع منها العجل
لو نظرنا الى قوله تعالى:
((وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ)) (الاعراف/الآية :148).
وراجعنا في معاني كلمتي العبادة والزينة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي، نجد ما يلي:

العِبادة: هي : الانقادَ والخضَوع والالتزامَ والتعلق ..
زينة: كل ما يفاخر به في الدنيا من مال وأثاث وجاه

فالذي يذوب في عشق المناصب والاموال والسلطة والجاه ...ويبيع دينه ووطنه وشعبه وقيمه ...من اجل حب السلطة والمنصب ...متماديا في غيه فاعلا كل ما هو قبيح ومستهجن من اجل هذا الهوس موغلا بالفساد والرذيلة ...الا يكون من عبيد عجل السامري

ثالثا. ما هو مصير القوم؟

1.ان القائد الانساني كان يعلم بما حدث لقومه وما فعله السامري ، قال تعالى:
((قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ)) (طه/الآية:85).

فهل يشك فرد من اتباع اهل البيت عليهم السلام ، ان الامام المهدي عليه السلام ، يعلم بما يحدث فينا ومن منا تبع السامري ملبيا دعوته راكنا لعبادة عجله ، ومن منا ثابتا على منهج الحق المبين .

2.لقد انتهت غيبة القائد ورجع الى قومه حاملا :
((الْأَلْوَاحَ ۖ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ)) (الاعراف/من الآية 154).

فهل يشك فرد منا ، انه مهما طالت غيبة الامام المهدي ، فلابد من يوم تنتهي فيه غيبته ولو بقي من الدنيا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يظهر (عجل الله فرجه)، لـ يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، حينها كيف سيواجهه من باع دينه بدنياه مستبدلا عبادة الله بعبادة مناصب الدنيا وزينتها ...، فمثلما رجع موسى عليه السلام غضبان اسفا على ما حصل لقومه من تسافل ، قال تعالى:
((فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي)) (طه/الآية 86).

فان الامام المهدي عليه السلام ، سوف يخرج غضبان على هؤلاء الفاسدين المارقين الذين عاثوا في الارض فسادا مهلكين الحرث والنسل ...
ومثلما كانت اعذار قوم موسى واهية غير مقبولة فجرمهم عظيم وفعلهم قبيح ، قال تعالى:
((إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ)) (الاعراف/الآية:152).
فكذلك الفاسدين المارقين الراكبين لشهوات انفسهم الامارة بالسوء ان لم يتداركوا انفسهم بالتوبة الآن فسوف تكون عاقبتهم وخيمة ونتيجتهم اليمة في الدنيا والآخرة .
، وهذه المناصب والاحزاب والجماعات ...الدنيوية وما يرتكبونه من دسائس ومكائد ومؤامرات ...سوف يتم تحطيمها ونسفها نسفا...، ولن يجني السامري الا الخزي والخسران المبين، نتيجه افعاله القذرة ، قال تعالى:
(( قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ))( طه/الآية: 97).

3.اليست سنة الله واحدة ولن تجد لسنة الله تبديلا ، فهل يعقل في زمن غيبة الامام المهدي عليه السلام ، ان لا يوجد فينا من يمثله متبعا منهجه وسائرا على خطاه؟
هيهات لابد ان يكون فينا من يقودنا ، كهارون عليه السلام ، له ثلاثة مهمات رئيسية:
ا. اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي
ب. وَأَصْلِحْ
ج. وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ
والآن لو نظر الفرد بعين الانصاف فمن هو الذي خرج فينا طالبا للإصلاح وداعيا له وراعيا ...، ومن هو الذي لم يتبع سبيل المفسدين قط ، ولا تأخذه في الله لومة لائم ، اليس هو السيد مقتدى الصدر(اعزه الله )
فوالله ان النجاة في اتباعه والتمسك بتعاليمه وتوجيهاته واوامره ونواهيه... الى ان يأذن الله تعالى بالفرج لقائدنا الانساني ارواحنا لتراب مقدمه الفداء .

احسنت اخي " الاقل " طرحك الموضوعي
المستند على ايات القران الكريم وحججه البالغة
بوركت وجزاك الله خير جزاء المحسنين

احسنت بارك الله فيك
اسال الله لك التوفيق
وتقبل تحياتي ودعواتي

الموضوع أكثر من رائع، ويمسّ صميم حياة المرء اليومية.
فبورك في كاتبه، وناقله، وقارئه، ومطبق ما فيه
احسنت

احسنت بارك الله فيك
اسال الله لك التوفيق
وتقبل تحياتي ودعواتي