الحُجب .. تغريدة الزعيم العراقي السيد مقتدى الصدر اعزه الله على حسابه الشخصي في تويتر 16 / 3 / 2021

بسمه تعالی
الحُجب
الحجب أو الحجاب وهو الساتر الذي يمنع عن النظر الى الشيء وهو أما مادي كالحائط والظلمة أو معنوي كالذنوب والآثام التي تمنع وتحجب الهداية والتكامل.
قال تعالى: {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِىٓ أَكِنَّةٍۢ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ وَفِىٓ ءَاذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنۢ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ} أي بينهم وبين الحق حجاب يمنعهم عن الإيمان والطاعة.
ومن أكبر وأوضح مصاديق الحجب هو التكبّر والغرور والأنانية التي تجعل من الفرد محجوباً عقلاً وقلباً عن الحق وعن الله سبحانه وتعالى.
وإن الحجب قد تكون ما بين الفرد وبين الحق فتحجبه عنه وبالتالي سيكون مصيره التسافل، وقد تكون الحجب بينه وبين الباطل فيحجب عنه فيتسامى ويتكامل.
وما الحجب إلّا ظلمة تستتر بالقلب تارة أو نور خدّاع قد يجعلك بعيداً عن الحقيقة وكلاهما نتيجة أفعال الفرد من ذنوب وآثام أو أفعال خير لكنها برياء ونفاق وتصنّع وبلا قلب خاشع متذلل بل لمغانم دنيوية بحتة.
ولا تُزال تلك الحجب التي قد تلتفت إليها أو ما كنت عنها غافلاً إلّا بالاستغفار والإنابة والتوبة والتواضع وبعض الزهد والابتعاد عن الدنيا وبهارجها.
فيا أيها الإنسان أزل عنك تلك الحجب التي قد توصلك الى أن تكون محجوباً عن الله تعالی فتنكر وجوده أو نعمته أو رحمته وما شاكل ذلك فضلاً عما دونه من الأنبياء والأولياء والصالحين والمعاجز والآيات السماوية والقرآنية وغيرها كثير.
واضرب بينك وبين شهواتك وملذاتك وأهوائك حجاباً كي تبتعد عنها وعنك تبتعد.
وخصوصاً أن المؤمن الذي يعشق الحق ويأنس به فإنه لا محالة سيبتعد عن ما يحجبه عن معشوقه بطبيعة الحال لكي يزيل كل العوائق والصعوبات التي تحول بينه وبين هدفه وحبه ومحبوبه ليفنى به ويتفانى من أجله.
فالتجرد عن الدنيا لا بمعنى تركها كلياً بل أعني أن عدم التعلق بها أو جعلها هدفاً ومقصوداً للفرد سيكون باباً واسعاً للوصول الى الحق والاستئناس به.
ومن أوضح أمثلة الحجاب بين الفرد وبين شهواته ونزواته هو (حجاب المرأة) وسترها فهو أعلى أمثلة الحجب المادية بينها وبين من لا تعشقه ولا تحبه لتكون خالصة لمحبوبها لا يخالطها أي شيء آخر ولا يحجبها عنه شيء.
كما إنها ستكون من دون حجاب يسترها عن معشوقها بل هي خالصة له من دونما أي حجاب.. فما أروع أن تكون المرأة مكشوفة لحبيبها لا ستر بينهم ومحجوبة عن غيره لا كاشف بينهما فتكون في أعلى درجات الإخلاص.
فكذلك المخلوق حينما يزيل الحجب بينه وبين خالقه ويتستر عن الآخرين لا بالانعزال فقط بل يمكن أن يكون من خلال الإخلاص والتقرب له جلّ جلاله وعلا مكانه كما قيل في الدعاء: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏ اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي وَ كَثْرَتَهَا قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِي عِنْدَكَ وَ حَجَبَتْنِي عَنِ اسْتِيهَالِ رَحْمَتِكَ وَ بَاعَدَتْنِي عَنِ اسْتِيجَابِ مَغْفِرَتِكَ) أو كما ورد في الصحيفة السجادية: (أللَّهُمَّ أَعْطِنِي كُلَّ سُؤْلِي، وَاقْضِ لِي حَوَائِجِي، وَلاَ تَمْنَعْنِي الاجَابَةَ وَقَدْ ضَمِنْتَهَا لِي، وَلا تَحْجُبْ دُعَائِي عَنْكَ وَقَدْ أَمَرْتَنِي بِهِ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِكُلِّ مَا يُصْلِحُنِيْ فِيْ دُنْيَايَ وَآخِرَتِي مَا ذَكَرْتُ مِنْهُ وَمَـا نَسِيتُ، أَوْ أَظْهَـرتُ أَوْ أَخْفَيْتُ، أَوْ أَعْلَنْتُ أَوْ أَسْرَرْتُ، وَاجْعَلْنِي فِي جَمِيعِ ذلِكَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ).
فالويل كلّ الويل لمن حجب صوته عن الله بأفعاله وذنوبه وقبيح أفكاره وشهواته فلعل الله يحجب عنه رحمته ونعماءه فيهلك.
اللهم فارفع عنا حجب الظلام بحقك يا من لا تضام وبحق محمد وآله الكرام الذين رفعت عنهم الحجب فكانوا قاب قوسين أو أدنى منك ومن رحمتك.

عبد الله
مقتدى الصدر

احسنتم النشر