العلاقات الاجتماعية .. تغريدة الزعيم العراقي السيد مقتدى الصدر أعزه الله على حسابه الشخصي في تويتر 1 / 4 / 2021

بسمه تعالى

العلاقات الاجتماعية

لا يستطيع الفرد أيّاً كانت درجته أو منزلته أو سلطته أن يعيش بمفرده تماماً وبمعزل تام عن الآخرين ، فهو إما ضمن عائلة أو ضمن قبيلة أو ضمن شعب أو كعلاقته مع أصدقائه أو جيرانه أو أقربائه أو أقرانه في العمل أو أيّ شيء من هذا القبيل .

بل لعل العيش بمعزل عن الناس تماماً شبه مستحيل إلا من قصص نادرة أو لعلها غير واقعية أو أنهم استعانوا بما حولهم لتستمر حياتهم ومعيشتهم بما يليق إن جاز لنا التعبير ، وكل بحسبه وحسب مجتمعه وبيئته أكيداً .

بل لعل ما قلته هو أمر تكويني ، فقد قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} أعني إننا نستطيع أن نفهم من الآية أنّ إحدى أهم الأسباب التي خلق الله لأجلها الخلق بعد قوله تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} هو التعارف في قوله تعالى : {لتعارفوا} . والتعارف ليس لأجل التواصل فقط على الرغم من أهميته بل لأسباب أخر ، منها :

السبب الأول : التعاون فيما بين فردين أو قبيلتين أو شعبين أو غير ذلك ، وبطبيعة الحال فإننا نعني بالتعاون التعاون أجل الوصول الى الأفضل والأكمل ، سواء التعاون المادي أو المعنوي ، فقد قال تعالى : {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وهذا التعاون يجب أن يكون مبنياً على الإحترام والمساواة لا التبعية والتدخل بشؤون الآخرين .

السبب الثاني : الإنفتاح على الآخرين من أجل الاستفادة والتعلم من عاداتهم وتقاليدهم الصحيحة بل وعلومهم وثقافتهم أيّاً كانت ، كما العكس ، أعني وتعليمهم من ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا الصحيحة أيضاً .

السبب الثالث : دفع الشر والصر..اع والحر..وب ، فإن في التواصل نفعاً كبيراً من هذه الناحية بمعنى إزالة الغِل وزيادة المودّة والنفع والانتفاع بهذا الخصوص ، فكثير من الخصماء فيما إذا ابتعدوا زادت البغضاء بينهم وإن تلاقوا تلاشت وانعدمت ويرجع الود فيما بينهم .

السبب الرابع : وحدة الصف وزيادة القوة وبالتالي إيجاد القدرة على التصدي للتحديات والصعوبات ودفع العدو المشترك وما الى غير ذلك .

ومنه قول الشاعر :

تأبى الرماحُ إذا اجتمعنَ تكسّراً

وإذا افترقنَ تكسّرت أفرادا

إذن ، فالعلاقات وتوطيدها أمر محمود وممدوح عقلاً ونقاً ، ولا يختص ذلك بأهل البلد الواحد أو الدين الواحد أو العقيدة الواحدة بل يعم حتى ما بين البلدان والأقوام والأديان والعقائد المختلفة ، وفقاً لما قال وصي رسول الله أمير المؤمنين سلام الله عليه : (النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ) فلا ينبغي التفريق من هذه الناحية .

لكن بطبيعة الحال ، فإن الاخوان إذا تعاونوا أعني أهل العقيدة الواحدة وأهل الدين الواحد وأهل الوطن الواحد فإن قدرتهم على التعاون مع نظرائهم من الأديان والأقوام والعقائد والبلدان الأخرى ستكون أيسر وأكثر نفعاً .

هذا هو المراد والمرام والمطلوب ، بيد أن واقعنا يختلف اختلافاً جذرياً عن ذلك ، فإن ما نراه هو مجموعة اختلافات وصرا..عات بين الأفراد والعشائر والأقوام والشعوب والبلدان والتي يتحكم بينها السيف إن جاز التعبير والسلاح والحر..وب والد..ماء ، ولا أعني هنا الصر..اع بين الشعوب وحكامها بل بين البلدان عامة والشعوب خاصة وبين نفس أفراد الشعب الواحد أيضاً .

كالخلافات القومية والطا..ئفية والعرقية والسياسية و (العشائرية) على وجه الخصوص ، والتي قد انتفع واستفاد منها عدوّنا أيما انتفاع فقد أوغل فينا حر..باً وضر..باً وتفريقاً وضعفاً وتشتيتاً بحيث تحول الأخ الى ندّ والصديق الى عدوّ مع شديد الأسف .

نعم ، الشعوب في صرا..عات والبلدان والأديان بل حتى العلماء والأطباء وما شابه ذلك ، وهم متغافلون عن أنّ ذلك أمر ضرري لا ينفع إطلاقاً .

ومن هنا أستغل هذه الفرصة للدعوة الى الأخوّة والتآخي والحوار والكف عن الحر..وب لا سيما في اليمن وميانمار والكوريّتين وباكستان وكشمير وغيرها كثير كما أخصّ أخوتي العراقيين جميعاً بهذه الدعوة الصادقة البعيدة عن السياسة ودهاليزها وأخصص دعوتي للعشائر العراقية الأصيلة التي تتنازع فيما بينها على أمور قد تعتبر أصغر من أن تراق الد..ماء من أجلها بين فترة وأخرى .

تلك النزاعات التي يروح ضحيتها الأبرياء ويتزعزع بسببها الأمن والأمان مضافاً الى ما فيها من سمعة سيئة أمام العالم والبلدان والأقوام.

فعشائرنا ليست عبارة عن أقوام متخلفة يتحكم فيها العـ..ـنف والأهواء بل هي عشائر أصيلة لها الإطلاع الكبير في القوانين الإنسانية والشرعية والاجتماعية .

ولا يحتاجون إلا الى تغليب العقل والحكمة والمنطق قبل تحكيم العـ..ـنف والسـ .. ـلاح ، فالروح القبلية يجب أن تكون محكومة بالعقل والشرع وليس لهم الحق بالابتعاد عنهما حالهم حال جميع الأقوام والعشائر والبلدان والشعوب .

وخصصتهم بالدعوة لا لأنهم هم الوحيدون الذين قد تحدث فيما بينهم تلك الصرا..عات وتتأجج بينهم الخلافات لكن لأهميتهم ولتاريخهم ولكثرتهم في مجتمعاتنا ومحافظاتنا العراقية ولأنهم نواة المجتمع وأساسه فكلنا ننتمي لهم ومنهم .

فإن هناك الكثير من الصرا..عات التي يجب أن تنتهي فوراً وعلى الحكومة الحؤول دون وقوعها فهي محرمة عقلاً ونقلاً وقانوناً ، وإن لم تطبق الحكومة القانون في ما يخص ذلك فستعمّ الفوضى والشغب والأذى بين الشعب .

ولذا فإنني في هذه الأيام سأحاول تشكيل لجان لتفعيل الصلح بين عشائرنا الحبيبة وإنهاء النزاعات بينهم بالحكمة والموعظة الحسنة ولا أريد منهم شيئاً غير التجاوب ومن الله التوفيق .

خادم الإصلاح

مقتدى الصدر

احسنتم النشر