لا ينبغي أن يكون الإصلاح وفقاً للشهوات والنزوات ... تغريدة السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله على حسابه الشخصي في تويتر 28 / 5 / 2021

لا ينبغي أن يكون الإصلاح وفقاً للشهوات والنزوات ... تغريدة السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله على حسابه الشخصي في تويتر 28 / 5 / 2021

بسمه تعالى
قال تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْـمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ } .
إن من أعظم الآفات على البشرية جمعاء ، هو ما يسمى : ( بالجهل المركب ) ، أي إنه يجهل ويجهل أنه يجهل ، كما قال تعالى : { الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } ألا ساء ما يصنعون .
نعم ، آفة وقع فيها الكثير من المجتمعات ، وبالأخص المجتمع العراقي الحالي ، فإن هناك طبقات من المجتمع ولا سيما بعضاً من الطبقة الشبابية ممن يعطي لنفسه أكثر من وزنه وأكبر من حجمه ظاناً بنفسه أنه هو الأوحد والفريد من نوعه وهو في أغلب أفعاله يسيء ولا يُحسن .. لنفسه ولغيره عموماً .
وما أن تصدر بحقه مقالة : بأن لا تفسد ، أجابك : إنما نحن مصلحون وهو جاهل بأنه مفسد فهم لا يشعرون . وبرأيي فإن هذا النموذج أخطر ممن يجهل ويعلم بأنه جاهل بطبيعة الحال .
لذا ينبري الكثير من الجهات مدعين الإصلاح وأنهم الجهة الأحق بذلك ويحاول أن ينظر لإصلاحه بل وإذا ظهر من يريد الإصلاح وبالطرق التي لا يستسيغها فإنه سيحاول معاداته ومعارضته وإن كان يعلم ضمناً أنه على حق . وأوّل قاعدة من قواعد الإصلاح الحقيقي : أن لا تدفع الفساد بفساد مثله ، فالفساد لا يمكن أن يكون مقدمة للصلاح والإصلاح مطلقاً ، بل إن كل ما كانت مقدمته فاسدة فنتيجته حتماً ستكون فاسدة ولو بعد حين .
لذا لا ينبغي أن يكون الإصلاح وفقاً للشهوات والنزوات ولا من أجل تحقيق مآرب دنيوية لا يرتضيها الله سبحانه وتعالى .
ثم إنه يمكننا القول بأن الإصلاح الحقيقي وقع بين فكّين إن جاز التعبير : فك السكوت عن الفساد والمظالم المنتشرة في بلادنا أيّما انتشار وأظنه لا يدانيه انتشار قد سبقه .
وبين فك ادّعاء الإصلاح بآليات بعيدة كل البعد عن الإصلاح الحقيقي المنشود والمرتضى من قبل السماء إن جاز التعبير .
فكما أن الساكت عن الحق شيطان أخرس فإن الذي يشهر سيفه من أجل الإصلاح وهو لا يعي معناه ولا يدرك أهدافه فهو شيطان ثمل أخرق .
وبين هذا وذاك ( ضاع وطني ) وتلاشت الآمال واضمحلت الأماني وابتعدت آفاق الخير .
فوا أسفي على شعب تتقاذفه الأهواء وتتعالى فيه الأصوات النشاز وعلى حكومة يتحكم فيها الفساد وتعلو فيها أصوات الباطل والنزوات .
أيّ وطن هذا الذي تنهش فيه الوحوش وتتقاذفه الأيدي من هنا وهناك .. وسارع كل من أراد الخلاص الى حرقه والاعتلاء على رماده .
عراق علي الذي صبر واحتسب حتى أمام ظلم حبيبته الزهراء قبل الإقرار بـ ( خلافته ) .. وسارع للإصلاح وقمع الفاسدين بعد الإقرار بها .
فلا الشعب يعي ولا الحكومة تتعظ .
فنبينا قال : كيفما تكونوا يولّ عليكم .. وسار على ذلك ولينا علي حيث قال : ( لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم ) .
نعم ، إني أرى أن العذاب بدأ يصب علينا صباً صباً .. فالله يمهل ولا يهمل وما كان الله : ( لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْـمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ) بل وما كان الله : { مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } .
فأصلحوا ولا تفسدوا .. واستغفروا ولا تلحدوا ، فالله لا يظلم أحداً إنما : { وَمَا ظَلَـمَهُمُ اللهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِـمُونَ} .
وبين الحق والباطل أربعة أصابع وقيل ( شعرة ) فلا تتمادوا فإن الإنصاف حتى في الحق مراد ومطلوب وإلا فأنت مغالٍ وهو كالإقلال سيّان عند الله تعالى .
ومن هنا فلا تظنن بنفسك معصوماً ولا يعتريك الخطأ والإثم وإلا فأنت جاهل مركب .. وقانا الله وإيّاكم من الزلل.
فإن كنتَ مسلماً فلا يعني أنك معصوم أو أن كل ما تفعله هو عين الصواب أو هو طاعة لله ولرسوله .
وإن كنت شيعياً فهذا لا يعني أنك في كل أفعالك صالحاً ومصلِحاً ومصلحَاً .
وإن كنت مثلاً : ( صدرياً ) فهذا لا يعطيك صك العصمة وهكذا .. ( وهو ينطبق على كل الجهات لكنني ضربتهم مثلاً لأنهم أناس يتفهمون ويتفكرون ) .
وإن كنت ( مجاهداً ) فهذا لا يعطيك الحق بالتسلط والتحكم برقاب الشعب ومصائرهم وأموالهم وأعراضهم وأمنهم وسلامتهم .
فلا يمثل ( الله ) إلا ( المعصوم ) فقط وفقط .
وكفى تمادياً بل وكفى وقاحة .. فإن كانت الحكومة ضعيفة أو هزيلة فلا يحق لك تنصيب نفسك حاكماً وجلاداً وقاضياً وشرطياً أبداً أبداً .
فدماء الناس وأموالهم وأعراضهم أعلى من كل حزب بل ومن كل انتماء وإلا فمصير المعتدي كمصير فرعون الذي استخفّ قومه وظلمهم .
ولات حين مندم .
مقتدى الصدر

احسنتم النشر