هل صامَ قلبُك عن المُهلِكات

الْمُهْلِكَات: كلمة أصلها (مُهْلِكٌ(اسم)) في صورة جمع مؤنث سالم وجذرها (هلك) وجذعها (مهلك) وتحليلها (ال + مهلك + ات). والمُهلِك: فاعل من أَهْلَكَ. أهلَك الشَّيءَ: أفسده وخرّبه. أهلك فلانٌ: ارتكب أمرًا عظيمًا. أهلَك اللهُ الظَّالمين: أبادهم ولم يترك لهم أثرًا. أهلك ماله: فرّط فيه وأتلفه، قال تعالى: ((يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَدًا))( سورة البلد: آية 6).
• والهلاك: تارة بمعنى الموت والفناء، قال تعالى: ((مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ))( سورة النمل: آية 49). وتارة بمعنى الكفر، قال تعالى: ((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ))( سورة الأنفال: آية 42). وتارة بمعنى العذاب، قال تعالى: ((قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ))( سورة الأعراف: آية 155). وهنا من النافع الالتفات الى ما يلي:
1.من مصاديق المهلكات:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه". وقال الإمام علي(عليه السلام): "ثلاث مهلكات: طاعة النساء، وطاعة الغضب، وطاعة الشهوة". وقال الإمام الحسن(عليه السلام): "هلاك الناس في ثلاث: الكبر والحرص والحسد، فالكبر هلاك الدين وبه لعن إبليس، والحرص عدو النفس وبه اخرج آدم من الجنة، والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل". وقال الإمام الصادق(عليه السلام): "خصلتين مهلكتين: تفتي الناس برأيك، أو تدين بما لا تعلم".

2. القلب هو المحرك الرئيسي للأخلاق ولذا من المهم جدا تنظيف ساحته لكي لا يصاب بالأمراض، قال تعالى: ((في قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا))(سورة البقرة: آية 10)، وذلك لأن الأمراض ستنعكس على سلوك وتصرفات واعمال الفرد؛ لأن منبعها القلب وان ظهرت على الجوارح، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): "إذا طاب قلب المرء طاب جسده، وإذا خبث القلب خبث الجسد".

والامراض التي تصيب القلب كثيرة جدا منها : الغل، والزيغ، والحسد، والعجب، والنفاق، والتكبُّر، والحقد، وسوء الظن، والقساوة...، والتي ينغي ان يتجنبها الانسان بشدة، قال الإمام الصادق(عليه السلام): " إعْرَابُ القُلوب على أرْبَعةِ أنْوَاعٍ : رَفْعٌ وفَتْحٌ وخَفْضٌ ووَقْفٌ، فَرَفْعُ القَلْبِ في ذِكْر الله، وفَتْحُ القَلبِ في الرِّضا عَنِ الله، وخَفْضُ القَلْبِ في الاشتِغَالِ بِغَيرِ الله، ووقْفُ القَلْبِ في الغَفلَةِ عَن الله". وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): "إن لله تعالى في الأرض أواني، ألا وهي القلوب، فأحبها إلى الله، أرقها، وأصفاها، وأصلبها: أرقها للاخوان، وأصفاها من الذنوب، وأصلبها في ذات الله". وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " إلا من أتى الله بقلب سليم " قال: القلب السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه، وقال: وكل قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط، وإنما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة".

اسأل الباري العطوف بحق شهر الله الفضيل ان يوفقنا في ان تصوم قلوبنا عن المُهلِكات، عسى ان نكون من مصاديق قوله تعالى: ((إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ))( سورة الشعراء: آية 89).

المصدر:
الترغيب والترهيب: ١ / ٨٦ / ١٠. معاجم اللغة العربية. مستدرك الوسائل : 1 / 113 / 124 . ميزان الحكمة: محمد الريشهري: ج ٤ / ٣٤٦٣. غرر الحكم: ٤٦٦٥. البحار: ٧٨ / ١١١ / ٦ وص ٢٠٧ / ٦٧ وص ٢٨٠ / ١. تحف العقول: ٣٦٩. كنز العمال : 1222. 1225. الكافي: ج ٢ / ١٦.

جزاك الله تعالى خيرا على الموضوع