حقوق الجار

حدث خلاف ما بين جارين من جيراني ، وكان سبب الخلاف ان ابن احدهما يملك مجموعة من الطيور ولأجلها يقضي ساعات طويله فوق سطح الدار ، وكان الجار الآخر يشتكي من هذه الوضع الذي يلقي بالقيود على حركة عياله في باحة دارهم ، مما جعلهم يعلنون عن امتعاضهم امام جارهم من هذا الحال وذلك لسوء اثره عليهم...
ولكن من دون جدوى حتى تطور الامر الى حدوث شجار بينهما ، ومن اجل حل الازمة دعاني احدهما فيمن دعا من الجيران للتوسط في حل هذا النزاع ، وقد وافقت على طلبه ، ولذا من النافع التطرق بإيجاز الى بعض حقوق الجار، فقد تم التأكيد في الاسلام على حقوق الجار ، وذلك واضح في قوله تعالى:

﴿۞ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)﴾ سورة النساء.

ورُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عليه السَّلام) أنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه و آله):

"مَنْ آذَى جَارَهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنَّةِ ، وَ مَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ ، وَ مَنْ ضَيَّعَ حَقَّ جَارِهِ فَلَيْسَ مِنَّا ، وَ مَا زَالَ جَبْرَئِيلُ(عليه السَّلام) يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ"( 1).

وقال الامام جعفر الصادق(عليه السلام): " اِعلَموا أنَّهُ لَيسَ مِنّا مَن لَم يُحسِن مُجاوَرَةَ مَن جاوَرَهُ " ( 2).

وما تلك التوصيات وذلك التأكيد الا لأهمية هذا الحق وما يترتب عليه من منافع انسانية واجتماعية ونفسية...، وان إهماله يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه من آثار سلبية على البنية الاجتماعية والاستقرار النفسي...
ولذا وعلى اقل تقدير إن لم نتمكن من إبداء المنفعة لجيراننا فيجب علينا أن نمنع عنهم أذانا وفيما يخص موضوع الحرية الشخصية لفرد فانه مرتبط بعدم التجاوز على حقوق الاخرين ...
ولذا لا ينبغي قطع طريق المارة ، أو رمي الأوساخ أمام بيوت الجيران ، وكذلك من غير اللائق رفع اصوات اجهزة المنزل بشكل يزعج الاخرين...
بل يجب صيانة حقوق الجار وابداء المساعدة لهم وحفظ كرامتهم...
وهنالك صور رائعة وردت الينا من قادة الانسانية تبين مدى اهتمامهم بحقوق الجيران المادية والمعنوية ، فقد رُوِيَ عَنْ الإمام الحسن الزكي(عليه السلام) انه قال قال:
( رأيت أمّي فاطمة ( عليها السلام ) قامت في محرابها ليلةَ جمعةٍ ، فلم تزل راكعة وساجدة حتى انفجر عمود الصبح ، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتُسَمِّيهم ، وتكثر الدعاء لهم ، ولا تدعوا لنفسها بشيء ، فقلت لها : يا أُمَّاه ، لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ ) فقالت: ( يا بُنَي ، الجار ثم الدار ) (3 ).
وهنالك دعاء خاص للجيران ورد عن علي السجاد(عليه السلام)، وهو:

" أللَّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ وَتَـوَلَّنِي فِي جيرَانِي وَمَوَالِيَّ وَالْعَـارِفِينَ بحَقِّنَا وَالْمُنَـابِذِينَ لاِعْدَائِنَا بِأَفْضَلِ وَلاَيَتِكَ، وَوَفِّقْهُمْ لاقَامَةِ سُنَّتِكَ وَالاَخْذِ بِمَحَاسِنِ أَدَبِكَ فِي إرْفَاقِ ضَعِيفِهِمْ، وَسَدِّ خَلَّتِهِمْ، وَعِيَادَةِ مَرِيضِهِمْ، وَهِـدَايَةِ مُسْتَـرْشِدِهِمْ، وَمُنَاصَحَةِ مُسْتَشِيرِهِمْ، وَتَعَهُّدِ قَـادِمِهِمْ، وَكِتْمَانِ أَسْرَارِهِمْ، وَسَتْرِ عَوْرَاتِهِمْ، وَنُصْرَةِ مَظْلُومِهِمْ، وَحُسْنِ مُوَاسَاتِهِمْ بِالْمَاعُونِ، وَالْعَوْدِ عَلَيْهِمْ بِـالْجِـدَةِ وَالاِفْضَـالِ، وَإعْطَآءِ مَـا يَجِبُ لَهُمْ قَبْلَ السُّؤالِ واجْعَلْنِي اللَّهُمَّ أَجْزِي بِالاحْسَانِ مُسِيْئَهُمْ، وَاعْرِضُ بِالتَّجَاوُزِ عَنْ ظَالِمِهِمْ، وَأَسْتَعْمِلْ حُسْنَ الظّنِّ فِي كَافَّتِهِمْ، وَأَتَوَلَّى بِالْبِرِّ عَامَّتَهُمْ، وَأَغُضُّ بَصَرِي عَنْهُمْ عِفَّةً، وَألِينُ جَانِبِيْ لَهُمْ تَوَاضُعاً، وَأَرِقُّ عَلَى أَهْلِ الْبَلاءِ مِنْهُمْ رَحْمَةً، وَأسِرُّ لَهُمْ بِالْغَيْبِ مَوَدَّةً، وَاُحِبُّ بَقَاءَ النِّعْمَةِ عِنْدَهُمْ نُصْحاً، وَاُوجِبُ لَهُمْ مَا اُوجِبُ لِحَامَّتِي ، وَأَرْعَى لَهُمْ مَا أَرْعَى لِخَاصَّتِي.
أَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمِّد وَآلِهِ، وَارْزُقْنِي مِثْلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَاجْعَلْ لِي أَوْفَى الْحُظُوظِ فِيمَا عِنْدَهُمْ، وَزِدْهُمْ بَصِيْرَةً فِي حَقِّي، وَمَعْرِفَةً بِفَضْلِي، حَتَّى يَسْعَدُوا بِي وَأَسْعَدَ بِهِمْ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ " ( 4)

الهامش:
(1) من لا يحضره الفقيه : 4 / 13 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، طبعة انتشارات إسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، الطبعة الثالثة ، سنة : 1413 هجرية ، قم / إيران . وكذلك أمالي الصدوق ص 256 . وراجع: بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج ٧١ ، ص ١٥٠.
(2)راجع: الكافي ، الشيخ الكليني ، ج ٢ ، ص ٦٦٨ . وشرح أصول الكافي ، محمد صالح المازندراني ، ج١١ ، ص ١٥٤ . ومكارم الأخلاق للشيخ الحسن الطبرسي . وجامع السعادات للشيخ النراقي، ج2.
(3)هذه الرواية رواها الشيخ الصدوق ، عن علي بن محمد بن الحسن القزويني، عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن جندل بن والق عن محمد بن عمر المازني، عن عباد الكلبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين عن فاطمة الصغرى، عن الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن أبي طالب (عليهم السلام).راجع: علل الشرايع: ص181 ب145 ح1، دلائل الإمامة: ١٥١ ح ٦٥ وسائل الشيعة ٤: ١١٥٠ ح ٧، بحارالأنوار ٤٣: ٨١ ح ٣. موسوعة كلمات الإمام الحسن (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، ص ٢٤٠.وهنالك رواية اخرى شبيهة المضمون مروية عن الامام الكاظم عليه السلام ذكرت في: وسائل الشيعة : 7 / 113 ، للحُر العاملي ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1409 هجرية ، قم.
(4)الصحيفة السجادية ، الدعاء السادس والعشرون . وراجع: الصحيفة الجامعة لأدعية الامام السجاد(عليه السلام)، محمد باقر الابطحي الاصفهاني، نشر: مؤسسة الامام المهدي عليه السلام، ط1 ١٤١١ ه‍. ق.

اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم
موضوع فيه الكثير من الواقع المر الذي نعيشه
فقد نجد العاصين في كل مكان الا انهم لا يمتلكون نسب من العلماء او يعملون في مراتب دينية
فيكون الكلام معهم واضح ومكشوف لكن بني اسرائيل العصر من ينتسبون الى الدين نسبة الدم والعادة والمراتب التقليديه صار لهم مقام في المجتمع بسبب البسطاء وجهلاء القوم
هيهات ان يلينوا او يرضخوا الى كلمات الله والرسول والمعصوم اذا خالفت مصالحهم
اسال الله بحق الامام المهدي وقادتنا ال الصدر ان يجعل كيدهم في نحرهم وان يكشف حقيقتهم اما المؤمنين
وان يبدلنا اشخاص كسبوا مقاماتهم في المجتمع بعملهم الخاص لله والمعصوم
ببركة الزهراء وابيها والسر المستودع فيها

جزاك الله خيراً على الموضوع
موفق بحق الحسين ع

بارك الله فيك

بوركت اخي الغالي