أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم
المتن:-
مسألة (٤):- التقليد (١) هو العمل اعتماداً على فتوى المجتهد ، سواء إلتزم المقلد بذلك في نفسه أم لم يلتزم . (٢)
الشرح : (١) التقليد اصطلاح آخر مقابل للاجتهاد وفي ألسنة الفقهاء. وهو مأخوذ من الناحية اللغوية من أحد منشأين.
(( المنشأ الأول: إن التقليد مأخوذ من قلّد على معنى شابهه في الصوت أو الفعل ، كتقليد القرد والببغاء للإنسان ،
ومحل المشابهة هو أنّ الفرد الإعتيادي يقلِّد المجتهد في أفعاله فيصلي كما يصلي ويصوم كما يصوم ، يعني في جميع
الفتاوى والتفاصيل . أو أنه يقلِّد المجتهد في أقواله . لابمعنى أنّه يكررها كالببغاء ، بل بمعنى أنّه يطبقها على حياته ، بعد
أن يعرف الحكم الشرعي منها .
المنشأ الثاني :- إن التقليد مأخوذ من قلَّد إذا جعل في عنقه قلادة ،على معنى أن المقلِّد يجعل مسؤولية عمله كالقلادة في عنق المجتهد .
والوضع في الرقبة بالمعنى المعنوي معنى عرفي سائر بين الناس وغير مستغرب . وهو يعبر عن الذمة والمسؤولية . ومهما يكن من
المنشأين فكلاهما صحيح وقابل للإنطباق .
والتقليد يحتوي على منحيين احدهما :- عملي :- وهو تطبيق فتاوى المجتهد ، فكل ماعمل الفرد وطبق منها ، فقد قلَّده فيها ، ومالم يطبق فلم يقلِّد فيه .
ثانيهما:- نظري:- وهو النية أو العزم على الرجوع الى مجتهد معيَّن، حتى وإن لم يطبق شيئا من فتاواه بعد )) (١)
* وهنا في هذه المسألة يميل السيد الشهيد قدس سره الى المنحى العملي في التقليد إذ يقول .(التقليد هو العمل ) ويراه هو الأرجح ،لا مجرد النية
أو العزم على الرجوع إلى مجتهد معين حتى وإن لم يطبق شيئاً من فتاواه .
*ولذلك فأنت ترى أن المنحى العملي في التقليد ينطبق عليه كلا المنشأين السابقين من الناحية اللغوية،وهذا بخلاف المنحى النظري للتطبيق .
*((ولذا قال مشهور الفقهاء : بأن العمل بدون تقليد إنما يكون باطلاً إذا كان مخالفاً للحكم الذي كانت حجيته سارية المفعول عند العمل .
وأما إذا كان مطابقاً له ، فلا إشكال في صحته ، بالرغم من عدم وجود نية التقليد ، بل عدم الإلتفات إليها.)) (٢) إذن لابد من العمل بفتوى المجتهد
الذي هو حجة عليك اثناء التقليد لكي يتحقق التقليد .
(٢) أي سواء كان المقلِّد قد نوى أو عزم على الرجوع الى مجتهد معين في عمله كمقلِّد أو لم يلتزم بذلك . فعمله مجزٍ ومبرء للذمة إنشاء الله
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
وعجل فرجهم والعن عدوهم
________________________________
١- ما وراء الفقه ج١ ص ٣١ للسيد محمد محمد صادق الصدر.
٢- المصدر السابق ج١ ص ٣٢ .